اوغلو ومحافظ كركوك خلال المؤتمر الصحافي هناك

استغربت مصادر عراقية من الحملة التي شنتها الحكومة العراقية والقوى السياسية المقربة منها ضد زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى إقليم كردستان ومدينة كركوك وتأكيدها عدم علمها المسبق بها واعتبارها انتهاكا للسيادة العراقية في وقت تجهل انه قد حصل على تأشيرة دخول رسمية من سفارتها في أنقرة.


عبرت مصادر عراقية عن دهشتها من تأكيد الحكومة العراقية أن زيارة أوغلو لإقليم كردستان قد تمّت من دون علمها واعتبار وزارة الخارجية العراقية وجوده في مدينة كركوك انتهاكًا للسيادة العراقية في وقت كان يحمل تأشيرة دخول رسمية إلى العراق صادرة من سفارته في أنقرة ما يتيح له زيارة أي منطقة في البلاد.

وأشارت المصادر التي كانت تتحدث مع quot;إيلافquot; إلى أنّ موقف الخارجية العراقية وترتيب سلطات كردستان للزيارة وبحماية قواتها من البيشمركة تؤكد سعة الهوة التي تفصل بين الحكومتين الاتحادية في بغداد والكردستانية في اربيل وفوضى الاجراءات والقرارات الرسمية التي يشهدها العراق.

وأكدت ان الزيارة قد صبت الزيت على نار التوتر الذي يشوب العلاقات الدبلوماسية بين بغداد وانقرة حول العديد من القضايا الخلافية بدءا من اتهام انقرة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بممارسة الطائفية ثم احتضان تركيا لنائب الرئيس العراقي الذي تتهمه بغداد بالارهاب طارق الهاشمي وصولا الى قصف الطائرات التركية المستمر لمناطق في شمال العراق.

فقد أعلنت الحكومة العراقية ان زيارة اوغلو الى العراق قد تمت دون علم الحكومة الاتحادية واعتبرتها تجاوزا على السيادة محملة حكومة اقليم كردستان تبعات التجاوز. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ إن quot;زيارة وزير الخارجية التركي تمت دون موافقة الحكومة الاتحادية وهي تجاوز خطير لسيادة العراقquot;.

وفور انتهاء زيارة اوغلو الى مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط واجتماعه مع المسؤولين فيها مبديا رغبة بلاده في تنفيذ مشاريع واعادة اعمار المدينة التي يقطنها حوالى المليون نسمة احتجت الحكومة العراقية على الزيارة مؤكدة انها لم تجر بموافقتها. وقالت وزارة الخارجية العراقية ان زيارة اوغلو لكركوك جرت quot;بدون علم وموافقة الوزارة ومن دون اللجوء الى القنوات الرسمية والدبلوماسيةquot;.

وأضافت في بيان ان quot;هذه الزيارة نعتبرها نوعا من الانتهاك الذي لا يليق بتصرف وزير خارجية دولة جارة ومهمة مثل تركيا، وهو يشكل فضلا عن ذلك تدخلا سافرا بالشأن الداخلي العراقيquot;. وأشارت إلى أنّه quot;ليس من مصلحة تركيا او اي جهة اخرى الاستهانة بالسيادة الوطنية وانتهاك قواعد التعامل الدولي وعدم الالتزام بأبسط الضوابط في علاقات الدول والمسؤولينquot;. واستغربت quot;موقف حكومة الاقليم التي سهلت هذه الزيارة دون علم الحكومة الاتحاديةquot;، معتبرة انها quot;تخالف بذلك مسؤولياتها الدستوريةquot;.

لكن المفاجأة جاءت من رئاسة اقليم كردستان حين كشف مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان اليوم أنquot;الوفد التركي الزائر برئاسة وزير الخارجية التركية احمد داود أوغلو دخل الاراضي العراقية بعد ان حصل على تأشيرة الدخول quot;فيزاquot; من السفارة العراقية في أنقرة.

وقال فلاح مصطفى رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان العراق انquot;حكومة الاقليم تكن كلّ الاحترام والتقدير لسيادة العراق، فاقليم كردستان جزء من العراق، وشعبنا جزء مهم من الشعب العراقي، وان سيادة البلد تهمنا كما تهم الحكومة الاتحادية وتهم اي عراقي حريص على وطنهquot;.

وأكد ان quot;الوفد التركي الزائر برئاسة أوغلو وصل الى عاصمة الاقليم عبر مطار اربيل الدولي بعد ان حصل على تأشيرة دخول quot;فيزاquot; رسمية من السفارة العراقية في انقرة تأكيدا على حرص المسؤولين الاتراك على احترامهم سيادة ووحدة الاراضي العراقية ومعرفتهم بالبروتوكولات الرسمية المعمول بهاquot;.

وأضاف قائلا quot;لم يكن هناك اي انتهاك لسيادة العراق بزيارة السيد أوغلو مدينة كركوك كونها محافظة عراقية ،وان كانت ضمن المناطق المتنازع عليها، وتقع داخل الاراضي العراقية وأن تأشيرة الدخول التي حصل عليها الوفد الزائر تعطيهم الحق بزيارة اية مدينة عراقية اذ ليس من المعقول أن يأخذوا تأشيرة دخول الى كركوك او اي مدينة اخرىquot;.

وأوضح أن quot;هدف زيارة اوغلو الى كركوك كان quot;من اجل التعبير عن حرص المسؤول التركي على جميع مكونات المحافظة وانه يقف على مسافة واحدة من جميع مكوناتها من الاكراد والعرب والتركمان ، ولم يكن لها هدف سياسي على الاطلاقquot;.

وأعرب مصطفى عن الامل في ان quot; تأخذ الامور بصورة طبيعية بعيدا عن التشنج خاصة وان تركيا دولة جارة وترتبط مع العراق بعلاقات تاريخية واقتصادية وان هذه الزيارة تصب في تمتين هذه العلاقات وتأتي لخدمة مصلحة العراق والشعب العراقيquot;.

وكان داود اوغلو قال خلال زيارته كركوك التي استمرت بضع ساعات إن quot;كركوك بتاريخها العريق ووضعها الحالي الخاص تشكل نموذجا للشرق الاوسط، قوتها تكمن في التعايش السلمي منذ عقود بين العرب والاكراد والتركمانquot;. وزار اوغلو خلال وجوده في كركوك مقر الجبهة التركمانية وقلعة كركوك ومراقد دينية واثرية وقبور الضباط والجنرالات العثمانيين الذين دفنوا في مقبرة في القلعة.

ويبدو ان زيارة داود اوغلو لكركوك قد عمّقت التوتر الذي تشهده العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين على خلفية احداث سوريا واستقبال انقرة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المطلوب للقضاء العراقي والغارات التي تشنها الطائرات التركية ضد مواقع لحزب العمال الكردستاني شمال العراق.

وانتقدت تركيا في نيسان (ابريل) الماضي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي متهمة اياه باحتكار السلطة ورد المالكي باتهام تركيا بتحولها الى جهة عدائية والى السعي للهيمنة على المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية العراقية. وفي ايار (مايو) أعلنت وزارة الخارجية العراقية أنها استدعت السفير التركي في بغداد للاحتجاج على quot;بعض انشطةquot; القنصلين التركيين العامين في مدينتي البصرة الجنوبية والموصل الشمالية قبل ان تندد تركيا بتظاهرة امام قنصليتها في البصرة تم خلالها إحراق العلم التركي.

وتعد محافظة كركوك (255 كم شمال بغداد) التي يقطنها خليط سكاني من العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة من أبرز المناطق المتنازع عليها التي عالجتها المادة 140 من الدستور العراقي وفي الوقت الذي يدفع العرب والتركمان باتجاه المطالبة بإدارة مشتركة للمحافظة يسعى الاكراد إلى إلحاقها بإقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991.