يبدو واضحًا أنّ الدافع الأساسي للصحافيين الذين توجهوا الى سوريا لتغطية أخبار المواجهات هو حماسهم للمهنة. لكن هذا الشعور يرافقه احيانًا احساس بالاحباط، وان كان لدى الجميع انطباع بأنهم يؤدون دورًا لا يستهان به في ظروف صعبة للغاية.


البويضة: يسلط رفض النظام السوري السماح لوسائل الاعلام بتغطية النزاع الجاري على اراضيه منذ قرابة عام ونصف العام، الضوء على عمل الصحافيين المستقلين الذين يتحدّون المخاطر والمحظورات لتأدية عملهم.

وقالت الاسبانية مايتي كاراسكو وهي واحدة من عشرات الصحافيين المحترفين العاملين في مجال النص أو الصورة أو الفيديو الذين اختاروا الدخول بسرية الى البلاد لنقل اخبار المعارضة المسلحة: quot;نحن نقوم بعمل يكاد ينقرض وهو اعلام الحربquot;.

ويقول غالبية هؤلاء الصحافيين إن دافعهم هو حماسهم للمهنة. لكن هذا الشعور يرافقه احيانًا احساس بالاحباط، وان كان لدى الجميع انطباع بأنهم يؤدون دورًا لا يستهان به في ظروف صعبة للغاية.

واوضحت الارجنتينية كارن مارون التي قامت في العام 2000 بتغطية الانتفاضة الفلسطينية الثانية إن quot;الصحافي المستقل عليه أن يدرك أنه يتحمل عبء كل نفقاته، وان ليست لديه تغطية طبية وأنه لا ينتسب الى أي وسيلة اعلامية كبرى. الصحافي المستقل بمفرده لكنه خيارهquot;.

في المقابل، النزاع في سوريا هو الاول الذي يقوم بتغطيته المصور الايطالي جوليو بيشيتللي. وقال: quot;العام الماضي لم اتمكن من الذهاب الى ليبيا وآمل أن تكون هذه نقطة انطلاق لمسيرتي المهنيةquot;.

يواجه الصحافيون المستقلون في سوريا ضغوطًا وعوائق عديدة اثناء تغطيتهم لمسار الثورة ضدّ الاسد

واضاف quot;بما أن الوكالات الكبرى لا يمكنها نشر العدد الذي تريده من الصحافيين، فإن ذلك سيتيح لي بيع انتاجيquot;.

الا أن صحافيين آخرين اكثر تمرسًا يخففون من هذا الحماس، اذ يقر مصور الفيديو الاسباني روبرتو فرايلي: quot;تشعر رغم كل شيء بأنك تتعرض للاستغلالquot;.

وتشاطره مايتي كاراسكو الرأي وتقول: quot;نحن معرضون جدًا. وكثيرون ليس لديهم حتى سترات واقية من الرصاص أو خوذات. وقلة لديهم هواتف بالاقمار الاصطناعية هذا دون أن نتطرق الى السيولة التي تشكل نقصًا كبيرًا بشكل عامquot;.

ولا يخفي المصور الاسباني البرتو بريتو احباطه ويقول: quot;لا اشعر أن وسائل الاعلام التي اتعامل معها تقدر قيمتي واحيانًا لا ترد على رسائلي الالكترونية او ترفض صورًا او تدفع ثمنًا زهيدًا في حال قررت شراءهاquot;.

وبيشيتللي مدرك لذلك لكنه يريد أن يظل ايجابيًا، ويقول quot;احب هذه المهنة واعتقد أن ما نقوم به مهم جداquot;.

اما ديفيد ميسينغر فلا يشتكي ويكتفي بالقول: quot;بالنظر الى الوضع، فإن وسائل الاعلام تقوم بجهد مالي وكل ما اتلقاه عن كل خبر مستقل اكثر مما يدفعونه عادةquot;.

وبالنسبة الى كارن مارون الجدل محسوم منذ زمن: quot;من وجهة نظر انسانية، إنه عمل صعب احيانًا، فالصحافي المستقل يقوم بعمل استثنائي وهو يعرف من خلال نوعية عمله، الا أنه يتم التخلي عنه لاحقًا دونما تفسير أو اعتبار. لكننا نعلم أنه لا يوجد أي التزام خطي ينص على أنه يحق لك بعد أن تؤمن تغطية ناجحة أن تحصل على عقد قانونيquot;.

اما جون روبرتس مصور الفيديو البريطاني فلا يطرح السؤال على نفسه اصلاً ويقول quot;عليّ أن اكسب رزقي كأي شخص يزاول أي مهنة، وهذا هو العمل ونمط الحياة اللذان اخترتهماquot;.

واذا كانت المشاعر تتفاوت بحسب المحاورين من المبتدئ بيشيتللي الى المصور الاسباني المخضرم ريكاردو غارسيا فيلانوفا فإن الجميع مدرك بأنهم لن ينالوا الشهرة أو المال في نهاية المطاف.

وقال بيشيتللي quot;لا اعتقد أن عملي سيجعلني مشهورًا أو ثريًا. اريد فقط أن اكسب منه رزقي وأن اؤدي عملاً صحافيًا جيدًاquot;.

وختم ريكاردو بالقول quot;لا احد يكسب المال أو التقدير أو الشهرة في هذا النوع من العمل. إنه شغفنا ولو أنه قد لا يحقق لنا ما نتطلع اليهquot;.