اطفال سوريا يستغيثون
تلوثت طفولة العديد من الأطفال السوريين بسبب قسوة المشاهد التي يعايشونها، بل إن تحقيقًا حديثاً لمنظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) عن الاسر السورية اللاجئة في لبنان بين ان 54 بالمئة من الاطفال يتوقعون حدثا سلبيا في المستقبل حتى بعد مغادرة سوريا.

بيروت: اضحى اطفال سوريا رهائن النزاع في بلدهم، يستخدمون القذائف لوضع علامات مرمى للعب كرة القدم والدبابات المتروكة جزيرة كنز في احلامهم الصغيرة بينما يقول سكان وناشطون إن النزاع القائم دفعهم إلى اللامبالاة بالموت والعنف.
وفي مدينة حمص القديمة المحاصرة من الجيش السوري يلعب الاطفال لعبة الحرب بين جنود النظام ومقاتلي المعارضة المسلحة في quot;الجيش الحرquot;. ويستخدم الاطفال الباذنجان كقنابل يدوية والبامية ذخيرة.
وقالت ام محمد في اتصال عبر سكايب مع وكالة فرانس برس ان احفادها الذين يبلغ عمر اكبرهم تسع سنوات لم يعودوا يخافون من صوت القنابل او الرصاص ويتعاملون مع شظايا القذائف مثل ما يتعاملون مع اللعب.
واضافت quot;لكنهم يستيقظون احيانا ليلا وهم يبكون. لا يفترض باي طفل ان يرى ما يرونه وقد رأوا الكثيرquot;.
وبالنسبة إلى الفتيان الاكبر سنا الامر يكون احيانا اسوأ. ففي حلب (شمال سوريا) التي تشهد منذ 20 تموز/يوليو حربا طاحنة، شاهد صحافي من وكالة فرانس برس العديد منهم مسلحين بكلاشنكوف ويشاركون في القتال.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان فان اكثر من 1300 طفل قتلوا خلال اشهر الانتفاضة ال 17 ضد النظام السوري. وهناك علاوة على ذلك موقوفون من الاطفال.
العديد من الأطفال قتلوا خلال النزاع السوري
وقال مركز توثيق اعمال العنف في سوريا انه منذ بداية الانتفاضة في آذار/مارس 2011 وحتى منتصف آب/اغسطس 2012 مر عبر السجون السورية 698 طفلا.
واكد المجلس الوطني السوري المعارض الثلاثاء ان طفلا عمره 14 عاما تعرض للتعذيب حتى الموت في سجن في مدينة اللاذقية الساحلية في شمال سوريا.
وقال عمر الناشط في حماه ان quot;الاطفال رهائن العنف ولا دخل لهم في اثارته لكنهم اضحوا ضحاياهquot;.
والاطفال الذين عانوا اعمال العنف مباشرة او بطريقة غير مباشرة يطورون مستوى عاليا من المرونة التي تشكل درعهم النفسي ضد الرعب لكنها تدفعهم ايضا الى ان يتقبلوا الامر على انه عادي.
وقال عمر في اتصال عبر سكايب ان quot;ابن اخي في السابعة من العمر لكنه يتصرف مثل راشدquot;.
ولان عمر مطارد من قبل السلطات يرسل بانتظام ابن اخيه لمراقبة الشارع للتثبت من عدم وجود عناصر من الجيش او قوات الامن على مقربة. ويقول quot;انا حزين لرؤية انه يخسر شبابهquot;.
وتقولمتخصصة فيعلم النفس لينا عيسى التي تعمل لمساعدة لاجئين quot;الموت اصبح امرا عاديا تماما بالنسبة للعديد من الاطفالquot;.
وتشير الى انه quot;حتى ان قدم الاطفال باعتبارهم ابطالا من الجانبين (المتحاربين) فما كان ينبغي ان يكبروا بهذه الطريقة. انهم بحاجة الى ان يتغير الوضعquot;.
وتقول عيسى ان الاطفال لديهم قدرة كبيرة على تجاوز المصاعب quot;لكن الأعراض الحقيقية لحالة الفزع لديهم ستحتاج وقتا طويلا لتبرز. لن نعرف الاضرار النفسية الحقيقية لهذا النزاع الا مع استقرار الوضعquot;.
وصور فيديو مؤثر لاحد الهواة بث على الانترنت شابة مصابة بالرصاص وهي تبكي بين ذراعي شقيقها في حلب وتؤكد للطبيب الذي يحاول علاجها quot;انا بخير انا بخيرquot;.
واظهر تحقيق حديث لمنظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) عن الاسر السورية اللاجئة في لبنان ان 54 بالمئة من الاطفال يتوقعون حدثا سلبيا في المستقبل حتى بعد مغادرة سوريا.
وروت الخبيرة ايزابيلا كاستروجوفاني حالة شعور انعدام الامن السائد. وقالت ان quot;احد الاطفال الذين تم استقبالهم في فضاء اليونيسف المخصص للاطفال يرتعد في كل مرة يرى فيها شخصا على سطحquot; لانه quot;يخاف من القناصة الكامنينquot;.
ولكن حتى في اسوأ الظروف ينجح بعض الاطفال في الابقاء على الأمل. وفي مدينة حمص القديمة قالت فتاة في السابعة عبر سكايب quot;حين اصبح كبيرة اريد ان اكون طبيبة لمساعدة الجرحىquot;.
ورغم انها اضطرت إلى الفرار من منزلها مرتين بسبب اعمال العنف، فإنها لا تعتبر انها تعيش حالة حصار ولا انها لاجئة داخل بلادها. هي تعتبر انها في ملاذ جديد في بلادها.
وتؤكد quot;اعيش في بيتي ومع اسرتي وكل شيء على ما يرامquot;.
لكن هناك آخرين يجدون صعوبة وتجتاح خيالهم صور الموت اليومي في سوريا. وتعكس رسومهم اعمال العنف تلك.
وتقول عيسى quot;يروي لي طفل كل يوم حكايات في سياق علاجه. السيناريو يتغير لكن النهاية واحدة لا تتغير: الجميع يموتquot;.