مقديشو: ينتخب النواب الصوماليون الجدد، الذين تم اختيارهم خلال اجتماع لزعماء القبائل والاعيان، رئيس البلاد الجديد الاثنين في مقديشو في محاولة جديدة لاقامة حكومة مركزية في الصومال، البلد المحروم من هذه الحكومة منذ اكثر من 20 عاما.

ويفترض ان ينهي انتخاب الرئيس الجديد عملية معقدة جرت تحت رعاية الامم المتحدة والمجتمع الدولي وتهدف الى احلال مؤسسات جديدة دائمة محل المؤسسات الفدرالية الانتقالية الهشة.

وبعد اعتماد دستور جديد في اول اب/اغسطس الحالي اصدرت لجنة الاختيار التقنية، المكلفة اقرار اسماء البرلمانيين الذين يختارهم الزعماء التقليديون، قائمة باسماء 202 نواب من 275 هم اجمالي عدد النواب الذين سيضمهم المجلس في اخر المطاف.

واستبعدت اللجنة نحو 70 اسما لعدم استيفائهم المعايير المطلوبة (المواطنة، السن، المستوى الدراسي، الماضي السياسي وفي مجال حقوق الانسان ...) الا ان ال202 الذين اعتمدوا يشكلون النصاب القانوني اللازم للانتخابات الرئاسية وهو ثلثا عدد النواب.

وتنتهي ولاية الحكومة الاتحادية الانتقالية الحالية في 20 اب/اغسطس. وقد بذل المجتمع الدولي، الذي دعمها بكل قوة لكنه رفض اي تمديد لمهمتها، كل ما بوسعه حتى يتم انتخاب رئيس الدولة الجديد قبل هذا الموعد.

وكان تم تمديد ولاية المؤسسات الاتحادية الانتقالية لمدة عامين في 2009 في ظل حالة الفوضى الامنية السائدة في البلاد ثم لمدة عام واحد في 2011 نتيجة وجود مازق سياسي في استبدالها.

ويرى المجتمع الدولي، الذي يبدو وخلافا لكل التوقعات قادرا على تحقيق رهانة، ان اختيار الرئيس يشكل فرصة تاريخية لاخراج الصومال من حالة الفوضى الا ان بعض المراقبين يعتبرون انه تمسك بجدوله الزمني على حساب جوهر العملية معربين عن الاسف لما يعتبرونه فرصة ضائعة.

وقال دبلوماسي غربي كان يفضل مهلة اضافية quot;اقصاها شهر واحدquot; ان quot;الامور تتجه نحو عملية لن تكون متقنةquot;.

ويرى هؤلاء المراقبون ان الاولوية التي اعطيت للجدول الزمني ستؤدي الى quot;عملية مغشوشةquot; ستسفر على ما يبدو الاثنين عن بقاء المسؤولين الحاليين في السلطة رغم اتهامهم بالفساد الشديد.

ولم يتمكن ممثل الامم المتحدة الخاص في الصومال اوغستين ماهيغا المدافع بشدة عن العملية الحالية سوى من التنديد بquot;الخدمات والمطالب المتبادلة والرشاوى والتخويفquot; في عملية اختيار النواب الجدد.

ويعد الرئيس الحالي شيخ شريف شيخ احمد الذي انتخب عام 2009 بعد حصوله على تاييد المؤسسات الانتقالية التي كان يحاربها سابقا على راس حركة تمرد اسلامية، من المرشحين الاوفر حظا وان كان شخصية مختلفا عليها حتى داخل الشركاء الدوليين للصومال.

وذكرت مجموعة المتابعة التابعة للامم المتحدة في تقرير صدر في تموز/يوليو الماضي انه في عهده quot;اصبحت عمليات الاختلاس الممنهج والرشاوى وسرقة المال العام منهجا للحكومةquot;.

واقوى منافسيه هم رئيس وزرائه عبد الولي محمد علي ورئيس البرلمان السابق شريف حسن شيخ ادن.

وتعتبر مرحلة الاثنين حاسمة بالنسبة لاعادة احلال السلام في الصومال الذي ترك منذ 20 عاما نهبا لزعماء الحرب والميليشيات الاسلامية والعصابات الاجرامية. ومنذ 2000 فشلت مختلف المؤسسات الانتقالية جميعا في اقرار سلطتها.

لكن ورغم انه منذ عام واحد لم تكن الحكومة الانتقالية تسيطر على جميع انحاء العاصمة فان السلطات الجديدة ستستفيد على ما يبدو من النجاحات العسكرية الاخيرة على حركة الشباب الاسلامية المسلحة التي حققتها نواة الجيش الصومالي بدعم قوة الاتحاد الافريقي والقوات الاثيوبية التي دخلت الصومال في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ورغم ما اصابها من ضعف لا تزال حركة الشباب تسيطر على مناطق شاسعة في جنوب ووسط الصومال. ويرى المراقبون ان المهمة الاصعب امام الحكومة ستكون فرض شرعيتها على سكان المناطق quot;المحررةquot; في بلد مفتت كليا.