خنازير تأكل القمامة
التخلص من القمامة المتراكمة وعد قطعه الرئيس محمد مرسي، بين وعود أخرى يسعى الى تنفيذها في أول 100 يوم من حكمه. فهل يمر السبيل إلى ذلك بالعودة إلى تربية الخنازير التي تتغذى من المخلفات على الرغم من تعارض الأمر مع أحكام الشريعة؟


القاهرة: قبل انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية، قطع على نفسه وعوداً خمسة لتنفيذها خلال المائة يوم الأولى من حكمه، وتتمثل في القضاء على الأزمات التالية: المرور، الإنفلات الأمني، الخبز، الوقود، وأخيراً القمامة، غير أنه لم يستطع إظهار حلول جذرية لتلك الأزمات، بل إن الأزمة الأخيرة تفاقمت، وعاد معها الحديث عن أزمة أخرى ظهرت عام 2009، ألا وهي أزمة تربية الخنازير على القمامة.

إعدام 350 ألف رأس

حتى عام 2009، كانت تربية الخنازير في مصر تعتمد على القمامة، وتنتشر في المناطق التي تقع على أطراف القاهرة وبعض المحافظات، ويقوم بهذا النشاط الأقباط، الذين يستفيدون من تربية الخنازير باللحوم، وكان لدى مصر أكثر من 350 ألف رأس، غير أنه مع ظهور أنفلونزا الخنازير، وإنتشارها في العالم، ومنها مصر، ووفاة المئات من المصريين تأثراً بهذا الفيروس، صدر قرار جمهوري من الرئيس السابق حسني مبارك، بإعدام الخنازير بإعتبارها حاضنة للفيروس، وجرى إعدامها، ولم يبقَ في مصر إلا عدد قليل جداً.

عودة الخنازير

ومع تفاقم أزمة القمامة في مصر، إنطلقت دعوات تطالب بإعادة تربية الخنازير، للقضاء على تلك الأزمة، لاسيما أن مصر تحتاج إلى 600 مليون جنيه من أجل شراء معدات وأجهزة لرفع وإعادة تدوير القمامة، وأرسل إسرائيل عياد، أحد أكبر مربي الخنازير في مصر، مذكرة للرئيس محمد مرسي طالبه فيها بالسماح بإعادة تربية الخنازير، متعهداً فيها بالقضاء على أزمة القمامة خلال مائة يوم، وقال الدكتور عصام الإشناوي، الخبير البيطري في وزارة الزراعة المصرية، وخبير الصحة العامة في جمعية الأمم المتحدة لـquot;إيلافquot; إن إسرائيل عياد الذى يطلق عليه اسم quot;إمبراطور الزبالةquot; تقدم بمذكرة إلى رئاسة الجمهورية يطالب فيها بالسماح بإعادة تربية الخنازير مرة أخرى، وفقاً لأي شروط قد تقرها الدولة بما في ذلك اختيارها للأماكن المناسبة لتربيتها، مشيراً إلى أن عياد تعهد لمرسي بالقضاء على مشكلة القمامة خلال أيام قليلة بعد السماح له بتربية الخنازير، ولفت الإشناوي إلى أن عياد تعهد بالقضاء على 150 ألف طن قمامة سنوياً، بالإضافة إلى جمع القمامة من المنازل.

ونوه الإشناوي المختص بالرقابة على أسواق اللحوم في مصر، بأن مربي الخنازير في مصر يرون أن عودتها هي الحل الأمثل لمواجهة مشكلة القمامة التي فشلت شركات النظافة الأجنبية في مكافحتها، بالإضافة إلى تشغيل ما يقرب من 70 ألف شخص، عن طريق إعادة تدوير أكثر من 60% من القمامة حيث يقوم بعض العمال بفرز القمامة كي تتم إعادة تدويرها وتتداول من تاجر لآخر وتستغلها بعض المصانع من بلاستيك وزجاج وكراتين وغيرها، وذكر عياد أن الخنازير تستهلك أكثر من 40% من القمامة في التغذية، منوهاً بأن روث الخنازير يتم تخزينه لمدة تتراوح ما بين 5 إلى 7اشهر ويستخدم كسماد للزراعة.

رفض الإسلاميين

وحسب وجهة نظر الإشناوي، خبير الصحة العامة في جمعية الأمم المتحدة، فإن عودة تربية الخنازير حل مثالي وغير مكلف للدولة، بل يزيد من الدخل، غير أنه أعرب عن مخاوفه من رفضه من قبل التيار الإسلامي المتشدد، والذي يرفض إعادة تربية الخنازير مرة أخرى على اعتبار أن لحومها محرمة على المسلمين، دون النظر إلى أن لحومها حلال للمسيحيين الذين يقومون بالتربية والإستهلاك في الوقت نفسه.

الخنازير في مصر قد تتولى حل أزمة القمامة

وكشف الإشناوي أن مصر فقدت ثروة ضخمة عام 2009، بعد إعدام 350 ألف خنزير، كانت تتغذى على القمامة ثم قامت بذبحها وتوريدها لمصانع منتجات اللحوم والفنادق، ويتم تدويل باقي القمامة فى حي الزبالين، مشيراً إلى أن مصر تعاني من أزمة القمامة وتحتاج أكثر من 600 مليون دولار، من أجل التخلص منها وإعادة تدويرها، ونبّه إلى أن انتشار القمامة في مصر، أزمة تهدد الصحة العامة وتؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة خاصة في المناطق الفقيرة والشعبية.

ضد الأقباط

وعلى الرغم من إطلاق الرئيس حملة quot;وطن نظيفquot; بالإشتراك مع 3 آلاف مجموعة عمل من أجهزة الدولة والمنظمات الأهلية، و 107 آلاف متطوع، وتم رفع أكثر من 203 آلاف طن من مخلفات البناء، وأكثر من120 ألف طن من القمامة من 22 محافظة، إلا أن المصريين لم يشعروا بأي تحسن واضح، ويرى رامز عبد الملاك، أحد مربي الخنازير في منطقة المعتمدية في الجيزة، أن الحل الأمثل يتمثل في تربية الخنازير من جديد، وقال لـquot;إيلافquot; إن قرار إعدام الخنازير كان جائراً على الأقباط، مشيراً إلى أن تربيتها كانت تحقق لمصر أكبر فائدة من القمامة على مستوى العالم بنسبة 80%، لاسيما بعد فرزها وإعادة تدويرها، بالإضافة إلى أن تلك الصناعة كانت تستوعب أكثر من 15 ألف فرد سنوياً، وتعتمد عليها نحو 240 ألف أسرة في مصر غالبيتها من الأقباط، فضلاً عن توفير العملة الأجنبية للبلاد التي تستخدم حالياً في إستيراد لحوم الخنازير من الخارج، بل كانت مصر تصدر بعضاً منها. ونبّه عبد الملاك إلى أن الرئيس لن يستجيب لنداءات عودة تربية الخنازير، بسبب السلفيين الذين يرون أن تربيتها حرام، منوهاً بأن هذا الأمر لا يراعي أصحاب الديانات الأخرى وعلى رأسهم الأقباط، الذين لا يحرم دينهم لحوم الخنازير، بالإضافة إلى أنه يحرمهم من واحدة من أهم الصناعات التي كانوا يتخصصون فيها، ألا وهي تدوير القمامة، وتربية الخنازير وتصنيع لحومها.