مرسي يعمل على استعادة دور مصر الاقليمي

يجري الرئيس المصري محمد مرسي اتصالات لإقامة لجنة رباعية تضم تركيا، وايران، والعربية السعودية بهدف ايجاد حلّ للأزمة السورية ووقف سفك الدماء، الى جانب استعادة دور مصر الاقليمي وتأثيرها في المنطقة.


لندن: يجري الرئيس المصري محمد مرسي اتصالات مع إيران وقوى إقليمية أخرى في مبادرة لوقف سفك الدماء المستمر في سوريا، ساعيا إلى إيجاد دور قيادي جديد تقوم به مصر في غمرة الإنتفاضات العربية.
ويرى محللون أن المبادرة التي ترتكز على لجنة رباعية تضم تركيا والعربية السعودية ايضا، تأتي في إطار تحرك إقليمي يحظى بالأولوية من الرئيس مرسي الذي أصبح اول رئيس مصري منتخب قبل شهرين.

وبعد فشل مساعي الجامعة العربية والأمم المتحدة لوقف انزلاق سوريا إلى حرب أهلية فان مشروع مرسي يحدد نهجا قويا ومستقلا لمصر التي ما زالت تمرّ بمرحلة انتقالية.

وقال المتحدث الرئاسي ياسر علي يوم الأحد، إن مصر مصممة على إنجاح مهمة اللجنة الرباعية واصفا الأزمة السورية بأنها القضية الرئيسة في زيارة مرسي القادمة إلى الصين التي تشكل مع إيران وروسيا محورا داعما للرئيس السوري بشار الأسد، فيما تواصل قواته حملتها ضد معاقل المعارضة. وأشار علي إلى دور الصين وروسيا وإيران في مشروع مرسي لحل الأزمة السورية.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، أن مشروع مرسي يخترق تقسيم واشنطن المعهود للمنطقة بين دول صديقة للغرب مثل مصر والعربية السعودية من جهة، وإيران من الجهة الأخرى، في وقت تتابع العواصم الغربية بترقب ما قد يحدثه زعيم إسلامي على رأس أكبر الدول العربية من تغيير في النظام الإقليمي المدعوم من الولايات المتحدة.

ولكن مبادرة مرسي رغم التعاون الذي تطلبه من دول غريمة للولايات المتحدة تبدو منسجمة أيضا مع الهدف الغربي المعلن لإنهاء سفك الدماء في سوريا.

وقال الأكاديمي شاهين، إن مبادرة مرسي تعيد رسم السياسة الإقليمية والدولية للمنطقة وانها ستثير مخاوف في واشنطن وتل ابيب.
ولكن استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة أضاف أنه لا يعتقد أنها quot;سياسة خارجية تتسم بالمواجهة، بل هي سياسة خارجية إقليمية تعالج مشكلة إقليمية عن طريق عواصم الدول الإقليمية الأقوى نفوذا دون النظر من خلال موشور واشنطن وتل أبيبquot;.

وكان مرسي دعا الأسد إلى التنحي وإنهاء سفك الدماء في سوريا حيث يكتسب النزاع المتصاعد ملامح حرب بالوكالة تهدد بتقويض استقرار المنطقة، بوقوف إيران مع الدول الداعمة لنظام الأسد والعربية السعودية وتركيا من الدول الرئيسة الداعمة للمعارضة.

ورغم فشل مبادرات الجامعة العربية والأمم المتحدة في سوريا فإن محللين يرون أن معالجة مرسي الإقليمية قد تكون لديها فرصة أفضل لتحقيق السلام لأسباب منها العداء المتبادل بين إيران والغرب.

وقال الباحث المختص بالشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية بيتر هارلنغ لصحيفة نيويورك تايمز من طهران، إنه من الضروري وجود قنوات إلى نظام الأسد أي quot;اشخاص لا ينظرون بارتياح إلى الأوضاع الحالية ويريدون القيام بدور أكثر ايجابيةquot;. وأضاف هارلنغ quot;أن أي مجهود للتواصل مع إيران لا يمكن أن يشمل المعسكر الغربي، وسيكون متعذرا إذا كان للولايات المتحدة دورquot;.

في غضون ذلك، اتصل وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو بنظرائه في الدول الثلاث الأخرى لعقد لقاء تمهيدي، كما أعلن عمرو رشدي المتحدث باسم الوزارة يوم الأحد. واقترح مرسي المبادرة أول مرة خلال القمة الإسلامية في مكة هذا الشهر، وأفادت وسائل إعلام إيرانية أن مسؤولين إيرانيين رحبوا بالخطة.
ويقوم مرسي بزيارة طهران هذه الأسبوع لحضور مؤتمر حركة عدم الانحياز، ولكن المتحدث الرئاسي ياسر علي أوضح أن الزيارة ستكون لبضع ساعات دون أن يجري خلالها محادثات ثنائية. كما نفى أن مرسي يعتزم إعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع إيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

ولكن المتحدث الرئاسي المصري مع ذلك وصف إشراك إيران في مجموعة الاتصال الإقليمية الخاصة بسوريا بأنه quot;فرصة لأن إيران طرف فاعل في القضية السوريةquot;.

وقال علي، إن إيران يمكن أن تكون جزءا من الحل بدلا من أن تكون جزءا من المشكلة وأن من يريد أن يحل مشكلة عليه جمع سائر الأطراف التي لها تأثير حقيقي في القضية.

ويعتبر جمع لاعبين متنافرين في مجموعة العمل المقترحة مؤشرا إلى تغير الديناميكيات المحركة في المنطقة. فان مرسي ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين الممنوعة في العربية السعودية التي تعارض الجماعة حكومتها الصديقة للغرب، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، مضيفة أن مصر والعربية السعودية تتنافسان بقوة مع إيران في المنطقة. وفي حين أن إيران تقدم دعما عسكريا ولوجستيا لنظام الأسد، فإن تركيا والعربية السعودية ساعدتا في تسليح المعارضين الذين يحاولون إسقاطه، كما تذهب صحيفة نيويورك تايمز.

ويقول محللون إن مرسي قد يكون في موقع يتيح له جمع أطراف مجموعة العمل الخاصة بسوريا. ويلاحظ هارلنغ من مجموعة الأزمات الدولية أن مصر تتمتع بمصداقية بوصفها quot;لاعبا ناشئا في العالم العربي ونموذجا ناجحا لانتقال ديمقراطي في الربيع العربيquot;.

وقال الباحث هارلنغ إن علاقات مرسي من خلال جماعة الإخوان المسلمين بفرعها الفلسطيني حماس، قد تعمل على تيسير المفاوضات بسبب ارتباطات حماس العميقة في سوريا حيث أبقت مقرها الرئيس حتى اندلاع الإنتفاضة، وتحتفظ بعلاقات متينة مع فصائل من المعارضة السورية فضلا عن علاقات ما زالت لها داخل نظام الأسد نفسه.

وشدد المتحدث الرئاسي المصري ياسر علي، على أن مرسي يعتزم ان يجعل الاستقلالية والانفتاح سمة السياسة الخارجية المصرية. وقال ان الدبلوماسية المصرية ستكون أكثر نشاطا وحيوية quot;واننا مررنا بفترة طويلة من الركود والخمول والجمود الدبلوماسيquot;. وأضاف أن مصر ليست محسوبة على أي محور أو تكتلات قديمة وبالتالي فان quot;اذهاننا مفتوحة على الجميع وأيدينا ممدودة للجميعquot;.

ولكن علي لفت ايضا إلى أن اهتمام مرسي ينصب حاليا على إنعاش الاقتصاد المصري، وهذا يمكن أن يحد من استقلالها. وأعرب علي عن الأمل في استمرار الشراكة العسكرية بين مصر والولايات المتحدة التي تقدم مساعدات عسكرية إلى مصر بقية 1.3 مليار دولار سنويا.

وحصلت مصر في الأشهر الأخيرة على قروض قيمتها 3 مليارات دولار من العربية السعودية وقطر، وتسعى إلى الحصول على 4.8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. وتجري الولايات المتحدة محادثات بشأن مساعدات موعودة لمصر تزيد على مليار دولار.

وبعد موضوع سوريا قال المتحدث الرئاسي المصري إن دعوة الاستثمارات الأجنبية ستكون العنصر الثاني لزيارة مرسي إلى الصين. فان مصر بوصفها بوابة إلى افريقيا والدولة العربية الأكثر سكانا، يمكن ان تكون مستودعا تجاريا للبضائع القادمة من الصين أو مركزا صناعيا اقليميا. ولكن مرسي سيعمل ايضا، كما قال علي، لإعادة تحديد دور مصر الدولي بما يتناسب مع مكانتها التاريخية كقوة اقليمية قيادية.

وأكد المتحدث الرئاسي أن مصر لا تتنافس مع أحد ولا تريد إقامة تحالفات مع أحد ولكنها تبحث عن دور حقيقي جدير بها، لأنها ليست بلدا صغيرا سواء بالمعايير الجيوسياسية أو السكانية او بما لديها من خبرة. وقال علي إن هذا هو المقصود بإعادة تحديد دور مصر الإقليمي وأمنها القومي.