في أول جنازة لزعيم أثيوبي منذ 80 عامًا ونيّف، وبحضور جمع غفير من رؤساء دول العالم، شيّعت أثيوبيا اليوم الأحد رئيس وزرائها ميليس زيناوي الذي حكم البلاد عشرين عامًا، وكان عضوًا في النادي المغلق لقادة حكموا القارة الأفريقية.


اديس ابابا: ودعت اثيوبيا الاحد ميليس زيناوي الذي حكم البلاد بدون منازع على مدى 21 عامًا بحضور القادة الافارقة الذين اشادوا برؤيته لتطور القارة وبحضور خليفته المعين هايليماريام ديسيلين غير المعروف تقريبًا.

وتجمع عشرات آلاف الاشخاص في ساحة ميسكل الكبرى في وسط العاصمة اديس ابابا لاستقبال الموكب الجنائزي والنعش الذي لفّ بالعلم الوطني وزين بالورود البيضاء.

ونقل نعش رجل اثيوبيا القوي السابق، الذي لفّ بعلم البلاد على عربة سارت ببطء على وقع موسيقى جنائزية، يرافقه افراد عائلته وهم يبكون.

وقد وضع على منصة، بحضور عدد كبير من رؤساء الدول الأفريقية وممثلين للأسرة الدولية تجمعوا لحضور اول جنازة رسمية تنظمها هذه الدولة منذ اكثر من ثمانين عامًا.

من جنازة رئيس الوزراء ميليس زيناوي الذي ودعته أثيوبيا الاحد

واحيّا رجال الدين الارثوذكس قداسًا اولاً على روح ميليس زيناوي الذي سيدفن بعد الظهر في كاتدرائية الثالوث المقدس التي تضم رفات آخر اباطرة أثيوبيا هيلا سيلاسي.

وشهدت هذه الجنازة الوطنية ايضًا انتقال السلطة المرتقب.

فقد وعد الخليفة المعين لميليس، هايليمريام ديسيلين خلال الجنازة بأن quot;كل مبادرات ميليس سيتم تطويرها وكل خطط تحويل البلاد ستسير قدمًاquot;.

واكد أن quot;رؤية رئيس الوزراء (الراحل) هي رؤية كل اعضاء التحالف (الحاكم) وستطبق بمشاركة فعلية من الشعب الأثيوبيquot;.

ولا يزال من المفترض أن يصادق البرلمان على تعيينه في موعد لم يعلن بعد.

ورئيس الوزراء الاثيوبي ميليس زيناوي الذي ودعته اثيوبيا الاحد، كان قائدًا سابقًا في حرب العصابات اعتبره خصومه مستبدًا ورأى فيه انصاره صاحب رؤية، على غرار اباطرة أثيوبيا التاريخيين.

كان ميليس (57 عامًا) يقود بلاده منذ 21 عامًا. ودخل هذا الرجل الصارم في النادي المغلق للقادة الافارقة الحاكمين منذ اكثر من عقدين بعد فوز ساحق في انتخابات 2010 التي حصل فيها على تأييد 99 في المئة من الناخبين.

ويعد ميليس الذي عرف بتقشفه، احد اهم القادة الافارقة منذ تسلمه الحكم في اثيوبيا في 1991 عندما كان يقود حرب عصابات اطاحت بنظام الديكتاتور منغستو هايلا ميريام.

لم يكن ميليس يبلغ الـ25 من العمر عندما تولى بدعم من رفاق السلاح قيادة جبهة تحرير شعب تيغريه في 1979 بعد خمس سنوات فقط من تخليه عن متابعة دراسة الطب للانضمام الى ثورة التيغريه في شمال البلاد.

ولد ميليس زيناوي في الثامن من ايار/مايو 1955 في عدوة (شمال) وتولى مهام رئاسة الجمهورية (1991-1995) قبل تعديل الدستور الذي منح اثيوبيا نظامًا برلمانيًا.

وكان ميليس الى جانب الرواندي بول كاغامي والاوغندي يويري موسيفيني من جيل القادة الافارقة الذين وصلوا الى الحكم في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات ورأى فيهم الرئيس الاميركي آنذاك بيل كلينتون قادة ممكنين quot;لنهضة أفريقياquot;.

وجعل ميليس بلاده تدريجيًا حليفة رئيسية للاميركيين في مكافحة التطرف الاسلامي في القرن الأفريقي.

مؤخرًا اعتبر محلل طلب عدم كشف اسمه أن ميليس، quot;القارئ المثابر لمجلة ذي ايكونوميست وتقارير البنك الدوليquot;، تعلم quot;جميع حيل المانحين الكبارquot; وتكلم مثلهم ما اعطاه quot;مصداقية كبيرة جدًاquot;.

ميليس الواثق من نفسه وصف بأنه مرهف ومتعالٍ احيانًا، لكنه على عكس الكثير من نظرائه الافارقة لم يكن قط شغوفًا بالرفاهية والبذخ في معيشته.

قبل عدة سنوات وصفه دبلوماسي أثيوبي بأنه quot;آخر اباطرة أثيوبياquot;.

وقال: quot;بالنسبة لميليس زيناوي ما زالت السلطة اشبه بأسطورة وتتسم ببعد روحي لأنه في موقع اباطرة الماضي الذين وصلوا الى الحكم بقوة السلاح ولأنه محاط بهالة السلطةquot;.

واجرى الرجل القصير القامة الذي يضع نظارتين سلسلة اصلاحات اقتصادية في بلاده.. وقد بدأت اثيوبيا اعتبارًا من العقد الاخير تشهد نموًا اقتصاديًا اكبر من عشرة في المئة.

عرف زيناوي بقدرته على التحكم في كل الملفات التي تعنيه. وقد لعب في نهاية العقد الاخير دور كبير مفاوضي القارة الأفريقية في موضوع التغيّر المناخي. ومنذ 2007 كان يترأس quot;الشراكة الجديدة من اجل النمو في أفريقياquot;.

على الرغم من كل شيء، تبقى اثيوبيا التي قادها ميليس بيد من حديد إحدى اكثر دول العالم فقرًا.

ويشير المراقبون الى أن شعب البلاد لم يستفد دومًا من برامج التنمية التي خدمت صورة الرئيس في الخارج: فالأرياف لا تشعر الا قليلا بآثار الخطط الضخمة لمد المناطق بالكهرباء.

كما اتهمت البلاد تكرارًا بانتهاكات فاضحة لحقوق الانسان ضد مجموعات المعارضة أو صحافيين.

ومؤخرًا اتهمت لجنة حماية الصحافيين ميليس باستغلال quot;مكافحة الارهاب كغطاء لاسكات الاصوات المعارضة السلميةquot;. وادين عدد من الصحافيين الاجانب والأثيوبيين مؤخرًا بموجب قانون حول quot;الارهابquot;.

قبل الانتخابات التشريعية الاخيرة في 2010 ، كرر ميليس المتزوج من مقاتلة سابقة تدعى عذب مسفين تعرف اليها في ساحة القتال، ووالد لابنتين وصبي، أنه لا ينوي الترشح. لكنّ حزبه quot;أجبرهquot; رسمياً بالترشح.

وستبقى ولاياته مطبوعة بذكرى حرب حدودية دامية مع اريتريا بين 1998 و2000 وبتدخلين عسكريين في الصومال اولاهما من نهاية 2006 الى مطلع 2009 وثانيهما منذ اواخر 2011.

ولم يظهر ميليس علناً منذ حزيران/يونيو الفائت.