رانغون: بعد ان تجاهل الفريق العسكري السابق الضغوط الخارجية طيلة خمسين عاما من الحكم بلا منازع، اختار النظام الحالي في بورما منذ عام سياسة الانفتاح لكنه مضطر ليتعلم كيف يتعامل مع الرأي العام الدولي لا سيما اثر اعمال عنف طائفية شهدتها البلاد مؤخرا.

فقد كانت منطقة شاسعة واقعة على طول الحدود مع بنغلادش، تحديدا في ولاية راخين (اراكان سابقا، غرب) مسرحا لاعمال عنف اوقعت 90 قتيلا منذ حزيران/يونيو بين افراد من اتنية راخين البوذية والاقلية المسلمة الروهينجيا التي لا يعترف بها نظام نايبيداو وتعتبرها الامم المتحدة من المجموعات الاكثر اضطهادا في العالم.
وسرعان ما جذب هذا الملف انتباه الغربيين والدول العربية.
ولفت دبلوماسي غربي الى ان quot;البورميين دخلوا مباشرة في العولمةquot; مضيفا quot;انهم اكتشفوا بعدا دوليا لم يتصوروه من قبل. وادركوا ان المسألة ليست مجرد مشكلة معزولة في نقطة من البلادquot;.
فقد اندلعت اعمال العنف بعد ان قام افراد من الروهينجيا باغتصاب امرأة من الراخين تبع ذلك قتل عشرة مسلمين. ودارت مواجهات بين المجموعتين اللتين تعودتا بالرغم من التوترات على العيش معا منذ عقود.
واتهمت منظمات اجنبية قوات الامن باعمال عنف فيما ندد المفوض الاعلى لحقوق الانسان في الامم المتحدة بquot;ردود فعل تمييزية وتعسفية من قبل قوات الامنquot;.
وقررت منظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة مسلمة، من جانبها، رفع قضية الروهينجيا الى الجمعية العامة للامم المتحدة وعبرت عن quot;ادانة شديدة لاستمرار سلطات ميانمار (بورما) في استخدام العنف ضدهم وانكار حق المواطنةquot;.
وفيما تجاوزت الازمة الى حد كبير المسالة الدينية فان بعض القادة الاصوليين دخلوا على الخط بينما هددت حركة طالبان باكستان بمهاجمة بورما.
وحيال هذه الضغوط اضطرت السلطات الى الدفاع عن نفسها ومواكبة الوفود الاجنبية على الارض. وقال زاو هتاي مدير مكتب الرئاسة في نايبيداو quot;ان معظمهم يدركون جيدا الوضع لكن بعضهم ليس لديه رؤيا شاملة وافيةquot;.
واقر بانه لا يعقل عدم مواصلة هذا العمل التوضيحي. واضاف quot;اننا اليوم في مرحلة شفافية والاتصالات سريعة جداquot;. واشار الى quot;ان المشكلة انطلقت عموما على الانترنتquot;.
فتغيير النهج كان مذهلا بالنسبة لاعصار نارجيس في العام 2008 (138 الف قتيل او مفقود)، اذ ان الفريق الحاكم اغلق بعده حدود البلاد ورفض المساعدة الاجنبية. اما اليوم فتريد نايبيداو العودة للاندماج في المجتمع الدولي واسقاط العقوبات.
وفي هذا السياق قال جيم ديلا جياكوما من مجموعة الازمات الدولية ان quot;الحكومة تتصرف بشكل مختلف جدا وباتت معرضة للرأي العام الدوليquot; وquot;هي تسلم بان ثمة دورا لفاعلين خارجيينquot;.
وقد وزع الصليب الاحمر الاندونيسي مواد ضرورية كما قدمت الامم المتحدة مواد غذائية للروهينجيا فيما تنشط منظمات انسانية في المخيمات بالرغم من الخطر.
وحرصا منه على ابداء حسن النية شكل الرئيس ثاين سين لجنة تضم شخصيات من مختلف الاطياف مكلفة دراسة ما جرى واقتراح حلول دائمة.
لكن عليه ان يوضح اثناء زيارته للولايات المتحدة والامم المتحدة بعد بضعة ايام، تصريحاته المتناقضة، بين دعوات الى الهدوء وتحذيرات الى الروهينجيا ليختاروا اما الطرد واما مخيمات اللاجئين.
مع ذلك يقع الرئيس وكذلك الزعيمة المعارضة اونغ سان سو التي تبدأ زيارة للولايات المتحدة، رهينة رأي عام داخلي مستاء يعطي لكل تصريح بعدا خارج عن السيطرة.
وقال محلل بورمي quot;لا تنحازوا ولا تتحدثوا كثيرا، فنحن بحاجة لاعادة بناء منازلنا واديرتنا ومساجدنا ومدارسناquot;. وخلص الى القول quot;تكلموا اقل وافعلوا اكثرquot;.