السياسة الخارجية يبدو أنها لم تعد محط اهتمام أوباما

قد لا يتمكن زعماء العالم من إلقاء نظرة على الرئيس الأميركي باراك أوباما في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واذا تمكنوا من ذلك فلن تكون أكثر من نظرة سريعة.


وضع اوباما العمل الدولي متعدد الأطراف والتعاون مع الأمم المتحدة في صدارة سياسته الخارجية. ولكن مراقبين لاحظوا تخليه عن هذا التوجه الذي اعلنه في البداية.
ففي وقت سابق من العام الحالي رفض اوباما طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان يحضر قمة المنظمة الدولية حول التنمية المستدامة في ريو دي جانيرو. وفي الاسبوع المقبل من المتوقع ان يتجنب اوباما زعماء العالم عندما يتوافدون على مقر الأمم المتحدة لحضور مناقشات الجمعية العامة واغتنام المناسبة لعقد لقاءات ثنائية مباشرة مع الرئيس الاميركي. ولكن اتضح انه سيمر عليهم مرورا سريعا بالكاد يتيح لهم فرصة القاء نظرة عليه.
وفي ما يقول محللون انه ظهور من أقصر ما شهدته الأمم المتحدة لرئيس دولة في السنوات الأخيرة سيجتمع اوباما مع بان كي مون في لقاء عابر ويلقي كلمته امام زعماء الدول الأخرى ثم ينتقل الى الجانب الآخر من نيويورك لالقاء كلمة في منتدى المبادرة الدولية الذي اطلقه الرئيس السابق بيل كلنتون وذلك بعد ساعتين على كلمة منافسه ميت رومني في المنتدى ، كما نقلت مجلة فورين بولسي مسؤولين اميركيين.
وسيتعين على زعماء العالم ان ينتظروا فرصة اخرى للقاء اوباما ، بمن فيهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان يتلهف الى الاجتماع بالرئيس الاميركي لحثه على اتخاذ موقف اشد حزما من ايران ، والرئيس المصري محمد مرسي الذي اثار حنق واشنطن بسبب رد فعله الأول الذي جاء فاترا على مهاجمة السفارة الاميركية في القاهرة ، والرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند الذي كان يتطلع الى لقاء اوباما.
وقال ريتشارد غوان المختص بشؤون الأمم المتحدة في مركز الائتلاف الدولي للابحاث في جامعة نيويورك quot;ان اوباما تاريخيا لم يكن يحب لقاءات القمة متعددة الأطراف وهو يكره الاجتماع مع قادة الاتحاد الاوروبي مثلا وبالتالي فان الأمم المتحدة ليست منبرا مريحا لهquot;. واشار غوان الى ان اوباما بعد الانتهاء من القاء كلمته في الأمم المتحدة لا يرى أي مكاسب انتخابية من اللقاء مع زعماء اجانب.
ولعل اوباما يخوض معركة انتخابية صعبة ولكن مروره السريع على دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة يأتي في وقت تواجه الولايات المتحدة سلسة من التحديات الأمنية في الخارج بما في ذلك وقوع كارثة سياسية وعسكرية وانسانية في سوريا.
وفي الاسبوع الماضي كانت سفارات اميركية في عموم العالم الاسلامي هدف تظاهرات عنيفة تضمنت هجوما مسلحا على القنصلية الاميركية في بنغازي اسفر عن مقتل السفير الاميركي كريستفور ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين.
ويرى محللون ان احجام اوباما عن التواصل مع زعماء العالم خلال اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يشير الى انغماس الرئيس الاميركي في غمار سباق انتخابي محتدم وحرصه على تفادي أي التزامات أو سجالات في مجال السياسة الخارجية وخاصة بشأن ايران حيث يواجه اوباما مطالب تشتد الحاحا من نتنياهو لاتخاذ موقف اشد صلابة من برنامج ايران النووي.
وقال الباحث في جامعة نيويورك ريتشارد غوان انه يتوقع ان تكون كلمة اوباما في الأمم المتحدة موجهة الى الناخبين الاميركيين مع ادانة شديدة للقيادة الايرانية وانتقاد لاذاع لكل من روسيا والصين على معارضتهم فرض عقوبات ضد النظام السوري ولكن دون التزامات جديدة تُذكر. واضاف غوان quot;ان ما لن يفعله اوباما هو تقديم وعود كبيرة بشأن التغير المناخي أو القانون الدوليquot;.
وقال المؤرخ المختص بالأمم المتحدة ادوارد لاك عميد مدرسة جوان كروك لدراسات السلام في جامعة سان دييغو ان مثل هذا الظهور العابر لرئيس الولايات المتحدة التي تستضيف الأمم المتحدة ، نادر للغاية ويفتقر الى الحكمة السياسية. ونقلت مجلة فورين بولسي عن لاك قوله quot;ان اقل ما يُقال في مثل هذا الخروج المفاجئ انه سيكون غير معهودquot;. واعاد لاك التذكير بان الرئيس ريغان كان يحضر افتتاح اعمال الجمعية العامة كل عام وان الرئيس بوش كان نشيطا بصورة لافتة في عقد الاجتماعات الثنائية على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة واصفا مثل هذه الاجتماعات بأنها مهمة quot;لأغراض سياسية داخلية فضلا عن الأغراض الدوليةquot;.
واعتبر لاك ان مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة مناسبة كبيرة quot;لكي يبدو الرئيس رئاسيا ، وفي هذا مكاسب لرئيس يخوض سباقا حامي الوطيسquot;. واضاف انه quot;حتى إذا قرر اوباما ألا يعقد اي لقاءات ثنائية لكي لا تبدو مسيسة لغايات انتخابية فانه لن يكون من اللائق ان يغيب عن غداء الأمين العام لأن هذا يمكن ان يُعد بسهولة ازدراء في وقت يأمل الاثنان بالعمل مع احدهما الآخر خلال السنوات الربع المقبلةquot;.