اعتبرت تقارير صحافية أن الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي، ما أسفر عن مقتل السفير الأميركي لدى ليبيا، يعتبر أمراً كارثياً بالنسبة إلى قدرات الولايات المتحدة الخاصة بجمع المعلومات الاستخباراتية في الشرق الأوسط.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: إنها الحادثة التي دفعت بمسؤولين في واشنطن إلى دراسة سحب الدبلوماسيين والعملاء الأميركيين، وإعادتهم إلى مقار أميركية محصنة تحصيناً غاية في القوة، وهو ما يتوقع أن يحدّ من قدرة أميركا المستقبلية على تجميع معلومات استخباراتية بشرية مفيدة، طبقاً لما ذكرته في هذا السياق مجلة quot;التايمquot; الأميركية.

لافتات على مقر قنصلية أميركا في بنغازي تندد بما حدث

ورغم وفاة السفير كريستوفر ستيفنز أثناء تأديته لمهام عمله ممثلاً عن الرئيس الأميركي، إلا أن التايم أوضحت أنه لا يجب أن ننسى أن السفراء يقومون كذلك بمهمة تجميع المعلومات الاستخباراتية. فمن خلال مقابلاته ولقاءاته مع كل أطياف المجتمع الليبي، كان بمقدور ستيفنز الحصول على آراء مهمة وتفصيلات استخباراتية.

بعد تلك الواقعة، التي راح ضحيتها ستيفنز ومعه ثلاثة أميركيين آخرين، يتوقع أن يلتزم البيت الأبيض والخارجية الأميركية بسياسة يكاد يختفي فيها مبدأ التسامح في ما يتعلق بتعريض المسؤولين الأميركيين لأخطار ذات صلة بالانخراط في الشرق الأوسط.

وأعقبت المجلة بقولها إنه حتى في الدول التي تأثرت على نحو محدود بتداعيات الربيع العربي، ستقتصر مهام عمل الدبلوماسيين والعملاء الأميركيين داخل مرافق تخضع لحراسة مشددة، ولن يسمح لهم بالخروج إلا برفقة حراس مسلحين تسليحاً واضحاً، ولن يسافروا إلا في مركبات مدرعة. لكن كل هذه الإجراءات ليست بالجديدة، حيث يعمل الدبلوماسيون والعملاء الأميركيون من داخل قواعد في العراق وأفغانستان.

وتابعت التايم بتأكيدها على أن الأضرار التي نجمت من حادثة بنغازي لم تقتصر على زيادة درجة الصعوبة بالنسبة إلى المواطنين المحليين أو المبلغين، الذين يرغبون في تسليم حزمة من الوثائق أو مجموعة من المعلومات للمسؤولين الأميركيين المنوطين بذلك.

وأشارت المجلة كذلك إلى أن الإبقاء على التواصل بشكل مباشر مع السكان المحليين هو شريان الحياة بالنسبة إلى العميل الذي يحاول فهم طبيعة المكان الذي يتواجد فيه. ورغم أن معظم ما تقوله المصادر المحلية يكون عديم أو قليل القيمة بالنسبة إلى واشنطن، إلا أن مثل هذه المعارف تساعد ضباط المخابرات الأميركيين وتوضح لهم الآلية التي يمكنهم من خلالها السير في الطريق المؤدي إلى الأسرار الحقيقية.

وأضافت المجلة أن الحوادث التي وقعت على مدار الأسبوعين الماضيين تبين أن الوقت ربما قد حان للاعتراف بأن مناطق كبرى في الشرق الأوسط قد خرجت عن سيطرة الولايات المتحدة، وأن أجزاءً كبرى منه ستكون خارج نطاق المخابرات في المستقبل المنظور.

السفير الأميركي في ليبيا اثر مقتله على خلفية الاحتجاجات على الفيلم المسيء إلى الرسول

ولفتت المجلة في هذا الصدد إلى ذلك الشيء المرعب الذي يحدث الآن في سوريا، وأنه نظراً إلى الخطورة الشديدة التي قد تطال ضباط الاستخبارات الأميركية هناك، فإنه من غير الواضح مدى فظاعة تطورات الأحداث، وما هي الطريقة التي قد تنتهي من خلالهاquot;.

ومضت التايم تقول إن تلك المشكلة لا تقتصر على سوريا وحدها، بل إن هناك عدداً من الدول الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، بدءًا من لبنان إلى اليمن ومن الأردن إلى مصر، كلها تبدو على وشك الوقوع في الهاوية السياسية.

وختمت المجلة بقولها إن كان لواقعة مقتل السفير الأميركي أن تتكرر في دول أخرى في الشرق الأوسط، فإن الشيء الوحيد الذي سيكون بمقدور الأميركيين أن يرتكزوا عليه وقتها هو أن يغمضوا أعينهم، ولن يكون الخطأ حينها خطأ المخابرات الأميركية أو أي أحد في واشنطن، بل سيكون إشارة أخرى دالة على تراجع وضعية أميركا في المنطقة.