يشكك الجميع في نجاح المبادرة الرباعية التي أطلقتها مصر، فالسعودية هجرتها منذ الاجتماع الأول، وقطر أربكتها بدعوتها لتدخل عسكري عربي لحل الأزمة السورية، ويجتمعون على التحذير من تحويل سوريا إلى عراق آخر أو صومال جديد.


القاهرة: على الرغم من محاولات الرئيس المصري محمد مرسي المستميتة لإنجاح مبادرته الرباعية لحل الأزمة السورية، وعلى الرغم من طلبه من دول العالم مساندته في تلك المهمة في الخطاب الذي ألقاه أمس الأربعاء امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن خبراء سياسيين ومعارضين سوريين يعربون عن قلق متزايد من عدم جدوى تلك المبادرة في حل الأزمة التي دخلت شهرها الثامن عشر، وخلفت وراءها نحو 30 ألف قتيل ونحو مليوني ونصف مليون مشرد ولاجىء.

تباعد الآراء

أبدى المراقبون للمشهد السوري شكوكهم حول قدرة المبادرة الرباعية التي أطلقها مرسي على إيجاد حل سياسي سريع للأزمة السورية. وزاد من تلك الشكوك رفض المملكة العربية السعودية، إحدى الدول المكونة للمبادرة بجانب إيران وتركيا ومصر، حضور الإجتماع الأول للمبادرة في القاهرة.

لم تحصد مبادرة مصر بشأن سوريا دعمًا يذكر من قبل الدول العربية ذات التأثير

وتزامنت المبادرة المصرية هذه مع دعوة أمير قطر إلى تدخل عسكري عربي في سوريا، لدعم الثورة المشتعلة ضد حكم آل الأسد منذ منتصف شهر آذار (مارس) 2011، ما أدى إلى تشتيت الجهود العربية وإنقسام المجتمع العربي الرسمي على نفسه.

على الرغم من أن المبادرة تهدف إلى وقف إراقة الدم السوري بالأساس، إلا أن مرسي يصرّ على أن وقف نزيف الدم لن يكون إلا برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وإحداث تغيير جذري في بنية نظام الحكم، في حين تصرّ إيران على رفض المقترح المصري، غير آبهة بأي حل سياسي يتضمن إقصاء الأسد وأقاربه وزمرته من الحكم. هذا التناقض في المواقف يجعل الوصول إلى نقاط اتفاق أمراً صعب المنال.

الفشل يلاحقها

ووفقًا للمعارض السوري في القاهرة معتز شقلب، ستلقى المبادرة المصرية مصير جميع المبادرات السابقة، بدءًا من المبادرة العربية التي تبنتها قطر، مرورًا بمبادرة الجامعة العربية التي تبناها أمين عام الجامعة نبيل العربي، وإنتهاء بمبادرة المبعوث الأممي كوفي أنان.

وأوضح شقلب لـ quot;إيلافquot; أن الفشل هو المصير المحتوم للمبادرة المصرية، على الرغم من جدية أطروحاتها، مشيرًا إلى أن إيران quot;تدعم بشار الأسد بقوة في إبادته للشعب السوري ولن تقبل برحيله، في حين لن يقبل الشعب السوري بغير رحيل هذا الرجل الذي يقتل شعبه ليل نهار، وهو المطلب نفسه الذي يتبناه مرسي، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغانquot;، لكنّ ايًا منهما لا يملك الأدوات الكافية لممارسة ضغوط قوية على إيران، لرفع الغطاء السياسي والعسكري عن بشار الأسد وحمله على الإستجابة لمطالب شعبه.

ولفت شقلب إلى أن السعودية انسحبت من الإجتماع الأول للمبادرة، بعدما رفضت إيران إدراج بند رحيل بشار الأسد على طاولة المناقشات، وتأكدت من عدم جدوى هذا الحوار.

مصير القذافي

يبدي السفير صلاح فهمي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، شكوكه بشأن إمكانية نجاح المبادرة الرباعية في حل الأزمة السياسية في سوريا.
وقال فهمي لـquot;إيلافquot; إن الرئيس بشار الأسد يرفض التوصل لحلول وسط، وبالتالي فإن جميع المؤشرات quot;تؤكد أنه يسير نحو مصير القذافيquot;، مشيرًا إلى أن لكل من تركيا وإيران ومصر والسعودية، المشاركة في اللجنة الرباعية، quot;أغراضاً سياسية في المنطقة، وبالتالي فكل دولة تبحث عن الحل من منظورها السياسي والإستراتيجيquot;، وقد ظهر هذا الخلاف واضحًا في الإجتماع الأول، بعد أن انسحبت السعودية منه.

عراق آخر

وعن مبادرة أمير دولة قطر في الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب تدخل الدول العربية عسكريًا في سوريا، أكد فهمي أن التدخل العسكري العربي في سوريا quot;يحول المنطقة إلى حرب أهليةquot;، متوقعًا ألا تحظى تلك المبادرة بإجماع الدول العربية، وأن ترفضها مصر التي لا تقبل بأي تدخل عسكري لحل الازمة السورية.

وأضاف فهمي أن الشعب السوري quot;هو الوحيد القادر على حل أزمته، والمبادرات التي تطلق يوميًا تصب جميعها نحو تحقيق أغراض سياسية، وقطر تبحث عن دور سياسيquot;. أضاف: quot;لا استبعد أن تقف أطراف غربية وراء مبادرة التدخل العسكري العربي، من إجل توجية ضربة عسكرية ضد سوريا وتحويلها إلى عراق جديد بالمنطقةquot;.

صومال جديد

بحسب وجهة نظر السفير عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، فإن إطلاق مصر مبادرتها الرباعية يهدف إلى quot;البحث عن حلول سياسية للأزمة السورية عبر الدول المؤثرة في المنطقة، والقادرة على إيقاف نزيف الدم هناكquot;.

وأضاف الأشعل لـquot;إيلافquot; أن تلك الدول الأربع قادرة على مساعدة مصر لحل الأزمة السورية، ولكن المشكلة quot;تكمن في عدم وجود إرادة حقيقية من جانب إيران بالتخلي عن مساعدة ودعم نظام بشار الأسد، بينما ترى السعودية ومصر وتركيا ضرورة ترك الرئيس السوري السلطة وتحقيق انتقال سلمي للحكمquot;، معتبرًا أن الخلاف حول التوجهات السياسية للازمة بين الدول الأربع سيشكل عائقاً كبيرًا أمام نجاح المبادرة المصرية الرباعية لوقف المجاز التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه.

ورفض الأشعل مبادرة أمير دولة قطر بالتدخل العسكري في سوريا، مشككًا في النوايا التي تقف وراء تلك المبادرة، ومتوقعًا أن تكون لها نتائج سلبية على المنطقة كلها، وأن تتحول سوريا إلى صومال جديد.