المرشح الخاسر في الانتخابات المصرية أحمد شفيق |
يتعرض التيار السلفي في مصر لأزمة جديدة تكاد تعصف به، لاسيما أنها تتزامن مع استمرار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، ثم إجراء الإنتخابات البرلمانية التي تعقب الإستفتاء على الدستور الجديد، ويأتي ذلك بعد الكشف عن عقد قيادات في التيار السلفي وذراعه السياسية حزب النور لقاءات مع الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في الإنتخابات الرئاسية أثناء جولة الإعادة بينه وبين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، التي فاز فيها الأخير.
أصيب المصريون بصدمة كبيرة وجديدة سببها التيار السلفي بعد كشف الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في انتخابات رئاسة الجمهورية عن عقد رموز سلفية: وهم ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، وعماد عبد الغفور رئيس حزب النور، وأشرف ثابت نائب رئيس الحزب، ووكيل مجلس الشعب المنحل، لقاءات مع الفريق أحمد شفيق أثناء جولة الإعادة في الإنتخابات الرئاسية، رغم إعلان التيار السلفي وقوفه إلى جانب مرسي، من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية، وإعلانهم العداء لمن يصفونه وقتها بquot;مرشح الفلولquot;، وهو أحمد شفيق. واعتبر الكثير من المصريين سواء سياسيين أو عامة أن تلك اللقاءات السرية بمثابة quot;سقطة أخلاقيةquot;، جديدة للتيار السلفي بعد سقطتي النائبين أنور البلكيمي، وعلي ونيس، حيث أجرى الأول عملية تجميلية بالأنف، وادعى كذباً أنه تعرض للضرب والسرقة بالإكراه من قبل مجموعة من البلطجية، ما أدى إلى إصابته بكسور في الأنف، وأدانه القضاء بالكذب وإزعاج السلطات، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة ثلاثة أشهر مع إيقاف التنفيذ، بينما ألقت الشرطة القبض على الآخر quot;علي ونيسquot;، في وضع جنسي مع فتاة بسيارته في الطريق العام، وأدانه القضاء بتهمة ارتكاب فعل فاضح في الطريق العام.
وأدى الكشف عن تلك اللقاءات عن ضرب شعبية التيار السلفي في الشارع المصري، لاسيما أنها تتزامن مع أزمة سياسية أخرى يمر بها حزب النور الذراع السياسية للتيار، وتتمثل في حدوث انشقاقات وإنقسامات بين قياداته، بعد عزل الدكتور عماد عبد الغفور رئيس الحزب، ورفضه قرار العزل، وانقسام الحزب إلى جبهتين.
شفيق يفضح السلفيين
وكشف الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك تفاصيل لقاءات جرت مع قيادات سلفية بناء على طلبهم، وقال في تصريحات تلفزيونية، quot;أجريت اتصالا بالدكتور ياسر برهامي، أثناء الانتخابات الرئاسية، وطلبت منه كصديق أن يدعمني بأصوات رجاله، لكن برهامي رد علي بمنتهى الرجولة، واعتذر لي، وقال إنه ملتزم بكلمته التي ارتبط بها قبل ذلك مع الإخوان المسلمين، لدعم الدكتور محمد مرسيquot;، وتابع شفيق: quot;ده كان محل تقديري، والعلاقة بين الرجال أقوى بكثير من تصرفات العيال الصغيّرينquot;.
غير أن شفيق هاجم عماد عبد الفغور رئيس حزب النور بشدة، بسبب إنكار الأخير مقابلته، وقال شفيق quot;مقابلة أحمد شفيق مش تهمة يا أستاذ عماد ياعبد الغفور، وعيب لما تقول مقابلة أحمد شفيق تهمة لأنك سعيت لهاquot;. وأضاف: quot;كان لازم تكون أكثر نضجاً، لأنك لما طلبت تقابلني، وكنت أنا مش في البيت، وقلت لك أنا هكون في بيت ياسر، بس مش ياسر برهامي، جيتلي هناك لحد بيت صديقي وكان معاك واحد، وقعدت معايا ساعتينquot;. وواصل شفيق: quot;أنا سكت كتير لحد ماخلاص فاض بيا، ولو حد فتح سيرة تزوير الانتخابات تاني في مصر هقلب الدنيا، لو زاد العيار عن كده، وهطعن في نتيجة الانتخابات، لو حد اتكلم كلمة واحدة تانيquot;.
حقن دماء المصريين
ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية |
ومن جانبه، قال ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية، وهو الوجه الإعلامي الأبرز للسلفيين في مصر، وصاحب فتاوى سياسية مثيرة للجدل، منها تكفير الأقباط، إن اللقاء لم يكن قبل الإنتخابات، بل كان قبل إعلان النتائج في جولة الإعادة بيومين، بعد أن حدث لغط كثير حول فوزه، ووجود معلومات بوقوع أعمال عنف واسعة في حالة إعلان فوزه بالرئاسة، وأوضح أن الهدف من اللقاء كان حقن دماء المصريين في حالة فوز شفيق بالرئاسة، وعدم الإنتقام من مناوئيه، وتطبيق الشريعة الإسلامية، وعدم منح الأقباط مزايا كثيرة نتيجة لوقوفهم إلى جواره ما قد يثير مشاعر الكراهية ضدهم. وأضاف برهامي لquot;إيلافquot; أن هذا اللقاء لم يكن الهدف منه دعم شفيق سياسياً في مواجهة المرشح محمد مرسي، لأنه كان بعد انتهاء عملية التصويت، لافتاً إلى أنه قال لشفيق إن السلفيين لن يدعموه في الإنتخابات، لاسيما أنهم أعطوا الإخوان وعداً قاطعاً بدعم محمد مرسي، ولا يمكن أن يخلفوا الوعد، فضلاً عن أن المرشح محمد مرسي صاحب مشروع إسلامي، وهو ما يهدف إليه التيار السلفي. وإنتقد برهامي كشف أحمد شفيق تفاصيل اللقاءات، مشيراً إلى أن المجالس أمانات، وما كان يجب على شفيق الكشف عن تفاصيل اللقاءت بعد استئذانه، لاسيما أنه كان طرفاً فيها.
برهامي يوضح
وفي بيان له، حمل معلومات مفصلة حول اللقاء، تلقت إيلاف نسخة منه، قال برهامي، إنه تلقى اتصالا هاتفيا قبل الانتخابات من الفريق شفيق يطلب فيه دعم السلفيين، مشيراً إلى أن quot;الجواب كان واضحا وصريحا بعدم إمكانية ذلك، لأسباب كثيرة منها: أننا لا يمكننا إلا تأييد المرشح الإسلامي، لأن هذا مبدأنا، ونحن لا نغير مبادئنا، وثانيًا: لأننا وعدنا الدكتور مرسي بتأييده، ونحن لا نخلف الوعد، وقد شهد القاصي والداني الجهد الذي بذله الإخوة أثناء الحملة الانتخابية وأثناء الانتخابات -بفضل الله- حتى تحقق فوز الدكتور مرسيquot;. وتابع برهامي: quot;بعد الانتخابات وقبل إعلان النتيجة؛ كانت هناك معلومات وصلت إلينا بأن اشتباكات دموية خطيرة ستحدث في حالة إعلان فوز الفريق شفيق، وأن الإخوان يرون هذه النتيجة مزورة، لأنهم حصلوا على أرقام من جهات متعددة تثبت فوز الدكتور مرسي، وانزعجنا لذلك كثيرًا، ونحن نعمل لمصلحة البلاد ولمنع سفك دماء المصريين، فكان تحركنا خلال الثماني والأربعين ساعة ونحوها التي سبقت إعلان النتيجة في محاور ثلاثةquot;.
لقاء المجلس العسكري
وواصل برهامي التوضيح قائلاً: quot;الأول لقاء مع ممثلين للمجلس العسكري وتم التأكيد فيه على مسؤوليتهم عن دماء المصريين؛ وقلنا إن دماء المصريين في رقبتكم، وكما كان موقفكم في الثورة عدم إطلاق رصاصة، والنصيحة بذلك للقيادة، وكذلك فليكن موقفكم اليوم، لابد من إعلان النتيجة بشفافية ووضوح، وفي حالة إعلان فوز شفيق لابد من نتيجة مفصلة بالأرقام خلافا للأرقام المعلنة من قبل الجهات المتعددة توضح فوز مرسي، وإلا فسنضطر للنزول للشارع مع الإخوان في مليونيات حقيقية، لأن الاتفاق كان على انتخابات نزيهة وشفافة وعدم حل المجالس المنتخبة، وقد وقع الأمران في هذه الحالةquot;. مشيراً إلى أن quot;المحور الثاني كان الالتقاء بقيادات جماعة الإخوان المسلمين لعرض المبادرة عليهم، حيث أبدوا موافقة مبدئية، وانصرفنا على وعد بالتواصل للموافقة النهائية وتنفيذ المبادرةquot;.
مع شفيق بمنزله
ووفقاً لبرهامي فإن quot;المحور الثالث كان لقاء مع الفريق شفيق في منزله، و تم التأكيد على عدم جواز الانتقام من الإخوان في حالة الفوز بالرئاسة،لأن الصدام الدموي يضر بمصلحة البلاد، ويسير بها في طريق مظلم، وفي حالة الفوز لابد من عدم إقصاء جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، بل وتعيين رئيس الحكومة منهم، لأن لهم الأغلبية في البرلمان، ولأن المسؤولية لا يستطيع أن يتحملها فرد واحد أو اتجاه واحد. وأوضحنا موقفنا من الشريعة الإسلامية وأن يتم النص عليها في الدستور لأنها قضيتنا الأولى، كذلك التأكيد على أن الشعور بأن الأقباط هم الذين وقفوا بجواره حتى يحقق الفوز لا يصح أن يكون دافعًا لإعطائهم وضعًا ومزايا في المجتمع لا تتناسب مع طبيعتهم، وكذلك التأكيد على عدم جواز حذف شيء من آيات القرآن من المناهج الدراسية إرضاء لأحد كما سبق أن صرح بذلكquot;. وإختتم برهامي بيانه بالقول: quot;كنت أود أن يكون ما جرى في هذه اللقاءات بيننا وبين الله تعالى، نلقى الله به، قد ساهمنا في منع سفك الدماء المعصومة، والمحافظة على مستقبل البلاد، والتمكين للرئيس الذي انتخبه الشعب في تحمل المسؤولية، ولكن قدر الله عز وجل أن نحتاج إلى توضيح ما وقع في هذه اللقاءات، والحمد لله، وهو حسبنا ونعم الوكيل. ولا أجد لي لمن خالفني في هذا الباب مثلا أحسن من قول يعقوب عليه السلام: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)quot;.
هدف وطني
وإتصلت إيلاف عدة مرات بعماد عبد الغفور رئيس حزب النور، لإستيضاح الأمر منه، إلا أنه لم يرد على هاتفه، فيما قال أشرف ثابت لquot;إيلافquot; إن الزيارة كانت بدافع وطني، وليس بدافع سياسي، مشيراً إلى أن الزيارة كانت في صورة وفد برئاسة ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، بهدف منع حدوث اقتتال بين المصريين في حالة إعلان فوز أحمد شفيق بالرئاسة، في ظل وجود إحتمالات التزوير، مشيراً إلى أن الهجمة على التيار السلفي بسبب هذه الزيارة وراءها أهداف سياسية، الغرض منها تشويه صورته أثناء صياغة الدستور وقبيل إجراء الإنتخابات البرلمانية التي ستعقب الاستفتاء عليه.
سقطة أخلاقية
غير أن قوى وخبراء سياسيين يعتبرون أن الزيارة تعتبر سقطة أخلاقية، وضرورة سياسية، وقال الدكتور محمد يسري أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة لquot;إيلافquot; إن لقاءات التيار السلفي بالفريق أحمد شفيق جائزة من الناحية السياسية، مشيراً إلى أن التواصل مع القوى أو الرموز السياسية حتى وإن كانت متعارضة أيديولوجياً هو من أعمال السياسة، التي لا تؤكد أن أعداء الأمس يمكن أن يكونوا أصدقاء الغد. ولفت يسري إلى أن الزيارة من الناحية الأخلاقية تعتبر quot;سقطة أخلاقيةquot;، لاسيما أن السلفيين أعلنوا وقوفهم إلى جوار الدكتور محمد مرسي أثناء الإنتخابات الرئاسية، فضلاً عن أن إعلانهم وقوفهم ضد شفيق بقوة، معتبرين أنه من الفلول، وسوف يعيد إنتاج النظام السابق. وتوقع يسري أن يشكل الكشف عن تلك اللقاءات ضربة موجعة للتيار السلفي في مصر، لاسيما أن غالبية السقطات أو الأخطاء التي تعرض لها سقطات أخلاقية، وأبرزها سقطة النائب أنور البلكيمي، المدان بالكذب، والنائب علي ونيس المدان بممارسة الفعل الفاضح مع فتاة بالطريق العام.
التعليقات