أحدث وزير المالية الياباني ونائب رئيس وزرائها صدمة ثقافية في بلاده عندما أهاب بالمسنين التعجّل في الوفاة وترك موارد الدولة للصغار والشباب. لكن حديثه، على قسوته، لا يخرج عن إطار المطلوب لإصلاح تركيبتها الديموغرافية.


لندن: النقاش الياباني حول حالة البلاد الاقتصادية المتدهورة يشمل بشكل رئيسي تركيبتها الديموغرافية وبالتحديد تناقص عدد المواليد الجدد من جهة وتزايد أعداد المسنين من الأخرى.

ولذا أدلى تورو آسو، وزير مالية البلاد ونائب رئيس وزرائها أيضا، بحديث في الصميم لكنه مثير للدهشة والجدل كونه يأتي من مسؤول مثله. فقد قال صراحة إن المسنين عقبة في الطريق الى العافية الاقتصادية المفقودة لأنهم يستنزفون موارد الدولة في أمر رعايتهم ورفاههم. ولم يتوقف عند هذا الحد بل مضى ليطالبهم بالتعجل في الموت!

وكان الوزير يتحدث عن laquo;مجلس الضمان الاجتماعيraquo; وطرق إصلاحه، فقال في خطاب تناقلته وسائل الإعلام الغربية: laquo;فلكتفنا السماء شر العمر الطويل عندما يصبح الموت هو أمنية المرء. لا شك في أن الإنسان يصحو كل صباح في سنوات عمره المتقدم ويشعر بالتعاسة لأنه على قيد الحياة فقط بفضل أموال الرعاية التي يتلقاها من الدولة. هذه هي المشكلة وحلّها الوحيد ndash; بصراحة - هو أن يعجّل بموتهraquo;.

وما يضفي صبغة خاصة على تصريح الوزير هذا هو أنه - بالمقاييس اليابانية التقليدية - يدخل في باب laquo;العيب المحظورraquo; بالنظر الى ثقافة البلاد التي تبجّل كبار السن وتعتبر رفاههم أولوية قصوى. ولكن فحتى قاعدة كهذه لا تسلم من الاستثناء في ما يبدو. وينبع هذا الاستثناء من حقيقة أن الأرقام الأخيرة أوضحت ان اليابان تعاني الآن من أكبر انخفاض في عدد السكان (دون المسنين) على مدى أكثر من قرن، وأنها صارت الدولة ذات العدد الأكبر من العواجيز في العالم (أو دول العالم ذات الإحصاءات الدقيقة على الأقل).

وأظهرت هذه الأرقام أن عدد اولئك الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين في اليابان يشكل نسبة 20 في المائة من مجموع السكان (128 مليونا)، وأن هذه النسبة سترتفع الى 40 في المائة في غضون السنوات الخمسين المقبلة. وفي مقابل هذا فإن البلاد تشهد انخفاض معدل المواليد بشكل مضطرد.

ويذكر هنا أن الوزير نفسه يبلغ الثانية والسبعين من العمر. فقال على هامش هذه الحقيقة إنه شخصيا سيرفض رعاية الدولة له، وإنه أوصى أسرته بألا تواليه بالرعاية التي تطيل عمره أكثر من هذا. وقال: laquo;لست بحاجة الى هذه لرعاية. سأموت بسرعة وأدعو بقية المسنين لفعل الشيء نفسهraquo;.

لكنه، على الطريقة اليابانية أيضا، قدم اعتذاره العميق للعواجيز عن laquo;قول ما لا يُقالraquo;. وأضاف: laquo;أشدد هنا على أن هذا هو رأيي الشخصي وليس سياسة الدولة الرسمية أو ما يجب أن تكون عليه. المهم هو أن يقضي المرء أواخر أيامه في سلام داخليraquo;.