لا تأبه الفتيات في لبنان لوجود قانون يمنعهن من ارتداء الشورت ولباس البحر المثير، فهذا قانون قديم عفا عليه الزمان، وغرامته لا تتجاوز 250 ليرة لبنانية، أي تلك القطعة المعدنية البرونزية التي يندر أن تصادفها هذه الأيام.


لندن: الشتاء الآتي إلى لبنان هذا العام هو الأقسى منذ مئة عام. هذا ما يقال اليوم، بعدما انقضى صيف لم يكن معتدلًا أبدًا، لا بحرارته ولا بمشاهده المثيرة، ليس فقط في المسابح وعلى الشواطئ، وإنما في الشوارع والأزقة، حيث اكتفت الفتيات اللبنانيات، بين 16 و46 عامًا كتقدير سريع، بما قلّ من الثياب وخفّف من الحر القيظ.

قانون ما قبل الاستقلال

انقضى الصيف، ودال الموسم خريفًا. وحده القانون اللبناني لا يدول، ولا يتغير، ولا يحدّث، بل يبقى على ما خطه الفرنسي قبل عام 1943. فعلى ذكر الصيف وقيظه، كان من واجب الضابطة القضائية والعدلية أن تجول في شوارع بيروت ونظيراتها الساحليات، فتنظم محاظر ضبط quot;لصقًاquot; بكل أنثى عافت الحرارة فلبست quot;شورتquot; ومشت في الشارع، أو نزلت الـquot;بيتشquot; بمايو من قطعتين.

والواجب هذا محكوم بقانون لبناني سنّ في العام 1941، تحت رقم 44/ل، استنادًا إلى مرسوم فرنسي صدر في العام 1920. في هذا القانون مواد أربع، أولى تمنع النساء من ارتداء السروال القصير في الدول الخاضعة للإنتداب الفرنسي، أي في لبنان وسوريا، وثانية تقضي بأن يستر اللباس مجمل الصدر، من النحر حتى الساقين، وثالثة تمنع ارتداء لباس السباحة المثير ذي القطعتين، ورابعة تحدد 250 ليرة غرامة مالية لكلّ مخالفة.

وفي ذيل القانون توقيع المفوّض السامي هنري فيرناند دانتز، الذي أدار الأمور الفرنسية في لبنان بين العامي 1940 و1942.

لكن ذهب الانتداب، واستقل لبنان، وتقاتل اللبنانيون ردحًا من الزمان، وحلّت فيه موجة التدين والتكفير، لكن بنات سويسرا الشرق أبين إلا أن يشمرن عن سيقانهن، ويظهرن المفاتن على الملأ، غير عابئات بقانون أو بغيره.

يبحلق بهن!

تسأل المحامية مي محمود ضاحكة: quot;حسنًا، إن كانت غرامة ارتداء الشورت 250 ليرة، فبكم سنغرم الشرطي الذي يتغاضى عن ذلك، إن لم نقل الشرطي الذي يبحلق بالفتيات، ويعاكسهن؟quot;.

القانون في هذا الاطار مطبق فقط، وبضراوة، في مؤسسات الدولة الرسمية، بحسب محمود، التي تؤكد أن لا فتاة تستطيع دخول قصر العدل، أو الأمن العام، أو مباني الوزارات إن لم تكن محتشمة، quot;وهذا أيضًا منسحب على الفتيان، الذين يردون على أعقابهم إن أرادوا متابعة معاملة جواز سفر مثلًا بالشورت، أو أتوا ولم ينتعلوا حذاءً، لكن خارج هذه المباني الرسمية، الحرية بلا قيد في هذا السبيلquot;.

ولا تستهجن محمود التغاضي الرسمي عن تنفيذ قانون الشورت والبيكيني. تقول: quot;النص قديم جدًا، استبدلته فرنسا بآخر متوافق مع العصر، بينما بقي عندنا بلا تعديل، شأنه في ذلك شأن قوانين أخرى ينبغي تعديلها، لنواكب ما وصل إليه العالم في القرن الحادي والعشرين، مع التمسك بما يناسب المجتمع اللبناني، على الرغم من أن أحدًا لا يعرف اليوم ما يناسب هذا المجتمع، الذي يجمع الصيف والشتاء تحت سقف واحدquot;، مؤكدةً أن قانون الشورت ليس أولوية، ومشيرة إلى قوانين أخرى ينبغي تحديثها، تتصل بالأمن والأعمال وشبكة الأمان الاجتماعي.

قرار يحتمل التأجيل

وهل ينبغي العودة إلى تنفيذ القانون؟ تجيب محمود مبتسمة: quot;الأمر يحتاج إلى قرار قضائي لتحريك الضابطة العدلية، المنوط بها التجوال في الشوارع، وتنظيم المحاضر، لكن أظن أنه من باب أولى أن يجتمع السادة المشترعون تحت قبة البرلمان للخروج بقانون انتخاب يحمي البلد من الفراغ، وبمراسيم للتعيينات الادارية تحمي الادارة العامة من الوقوع في التقصير، أما تقصير الشورت أو ترك الفراغ بين الشورت والـ (تي شيرت) فأمر يمكن أن ينتظرquot;.

وكانت جريدة الجمهورية نقلت عن شكيب قرطباوي، وزير العدل اللبناني، تأكيده أن القانون لم يُلغَ، quot;لأنّ هذه الأمور بحاجة إلى جردة عامة للقوانين المماثلة، ولبنان لم يشهد أيّ جردة قانونيّة منذ إنشائهquot;. وأضاف: quot;في حال وُضعت بين أيدي القاضي أي دعوى من هذا القبيل، يتوجّب عليه تدارك الموقف وردّ الدعوى، على إعتبار أنّ هذه النصوص غير قابلة للتطبيقquot;.