يستولي تنظيم القاعدة على معظم المناطق الحدودية العراقية مع سوريا التي يتخذها منطلقًا لعملياته في الدولتين. لكن الحكومة في بغداد تسعى لتعجيل تسلم صفقة عسكرية من واشنطن لتمكنها من مطاردة عناصر التنظيم داخل العراق.


في وقت تتواصل فيه التفجيرات الارهابية بالسيارات المفخخة في العاصمة بغداد وما جاورها، يسعى الجيش العراقي لمطاردة كتائب تنظيم القاعدة التي تنطلق من غرب العراق، لكن مهمته تبدو بدائية مقارنة بالوسائل المتبعة لمطاردة عناصر تنظيم القاعدة.
فالعجز الاستخباري وقلة التجهيزات العسكرية نوعاً، إضافة الى ترسخ النزاع الطائفي كلها تسهم في احباط مهمة الجيش العراقي الذي أطلق حملة عسكرية أسماها بـ ثأر الشهداء، توقدها قوات الجزيرةquot; قبل شهرين، لم تحقق منجزًا عسكرياً كبيرًا ضد التنظيم أو تعيق من تنفيذه عملياته التي بات يختارها ويحدد وقت تنفيذها، حسب ما يردد العراقيون اليوم.
ويرى مراقبون عراقيون أن الأزمة السورية وتداخلاتها الطائفية ألقت بثقلها على العراق الذي ينظر إلى موقفه الرسمي المعلن ضد الحل العسكري للأزمة السورية على أنه انحياز لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد معارضيه.
لكن بغداد تؤكد أنها مع تطلعات الشعب السوري في الحرية، في وقت لا تؤيد الحل العسكري الذي تطالب به معظم الدول العربية وتنظيمات المعارضة السورية لاسقاط نظام الاسد. هذا الموقف ساهم بتراجع تعاون العشائر العراقية القاطنة غرب العراق مع القوات الأمنية المطاردة لتنظيم القاعدة.،بل رفعت هذه العشائر الشكوى أن القوات الامنية تعاقب أبناءَها وتحملهم عجزها عن مطاردة تنظيم القاعدة وتتهمهم بالتغطية على نشاطاته.
استفزازت العشائر
النائب حامد المطلك، عضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية، يرى أن quot;قوات الجزيرة غير قادرة على ضبط الحدود ومنع تسلل الإرهابيين إلى داخل الاراضي العراقيةquot;، متسائلاً بالقول quot;كيف يتم تعاون القوات مع العشائر مع وجود استفزازات وفساد مالي وعدم ضبط المنافذ الحدودية؟quot;.
ويشير النائب عن محافظة الانبار خلال تصريح لوكالة أنباء المدى المحلية إلى quot;ورود شكاوى من اهالي منطقة الجزيرة ضد قائد العمليات الذي يسيء للأهالي، والذي ترك ضبط الحدود وراح يهجم على الناسquot;.
وقد اعتبر أن quot;الوضع الأمني مرتبك بسبب فشل القوات الامنية في توفير الأمن في جميع المناطق رغم كثرة الأموال التي صرفت على هذه القواتquot;.
ويمتد الشريط الحدودي بين العراق وسوريا مسافة 650 كم، ومعظمه صحراوي، لم تتمكن القوات العراقية من السيطرة عليه تمامًا منذ عام 2003.
وتتوزع على جانبي الشريط عشائر عراقية وسورية متداخلة مثل شمر وعنزة والكعيدات.
وتخشى القوات العراقية أن يلجأ المنتمون الى تنظيم القاعدة من أبناء هذه القبائل في سوريا لأقربائهم في العراق، الذين يوفرون لهم الأمن وربما الدعم.
وهو ما يراه المراقبون العراقيون يحصل بين فترة وأخرى خاصة بعد ازدياد الشكاوى من تصرفات قوات الجزيرة مع ابناء هذه العشائر مؤخراً.
ووفقاً لزعماء قبائل تحدثوا لوكالة (المدى)، فقد مهدت هذه التصرفات إلى عودة المنطقة الصحراوية لتكون مرتعًا ومحطة استراحة لتنظيم القاعدة ليس في الانبار وحدها، بل في عموم المناطق الغربية. فبات الشريط الحدودي الممتد بين سوريا والعراق والمناطق المحاذية في الأراضي العراقية تحت سيطرة تنظيم القاعدة ليلاً، لكنها تعود لسيطرة القوات العراقية نهارًاquot;.
هروب الجنود
وساهم ذلك في quot;اتساع عمليات هروب في صفوف الفرقة الأولى من الجيش العراقي لا سيما بعد سيطرة القاعدة على هذه المناطقquot;، وبلغ quot;عدد الهاربين خلال الشهرين الماضيين أكثر من 200 جنديquot;. وتحدثت المصادر الوثيقة الاطلاع عن أن quot;تنظيم القاعدة يقوم بنصب السيطرات ليلاً لتفتيش المارة والسيارات ويمارس السلب والقتل على الهويةquot;.
وباتت التنظيمات الارهابية تسيطر حاليًا على مساحات واسعة من محافظة الانبار بضمنها الشريط الحدودي الذي اصبح يضم جميع المطلوبين والهاربين من سجني التاجي وابو غريب وكل عتاة القاعدةquot;.
ولفتت مصادر محلية إلى أن quot;تنظيم القاعدة قام، خلال اليومين الماضيين، بتفجير جسر الـ110 في وقت متأخر من الليل وقام التنظيم برفع أعلامه والاحتفال إلى الساعة الخامسة صباحاً لحين وصول القوات الأمنيةquot;.
هذه السطوة الليلية لتنظيم القاعدة غطت على خبر مقتل شاكر وهيب أبرز قادة التنظيم في الانبار غرب العراق امس من قبل القوات العراقية والذي يصور عمليات قتله لضحاياه بالفيديو ويقوم بنشره. وتزامن خبر مقتله غير المؤكد بعدمن طرف مستقل، مع مقتل أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة في سوريا.
معارك مع الجيش السوري الحر
وعلى امتداد الحدود الغربية شمالاً، أعلن مصدر عسكري عراقي أمس السبت عن اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجيش العراقي ومسلحي الجيش السوري الحر قرب أحد المنافذ الحدودية.
وكشف المصدر أن quot;قوات الجيش اثناء رصدها تسلل عدد من المسلحين تحركت لاعتقالهم، لكن الجيش السوري الحر اشتبك بالجيش العراقي لحماية المتسللينquot;.
من جانبه، طالب الأمين العام لحركة العدل والإصلاح، الشيخ عبد الله حميدي عجيل الياور، عدم زج الجيش العراقي بالشأن السوري وعدم دعم جيش النظام هناك، وعده أمراً بالغ الخطورة سيدخل العراق في صراع هو في غنى عنه، محذراً من مغبة التهاون في هذا الأمر.
وقال الياور إن قيام وحدات من الجيش العراقي بقصف المدن السورية المحاذية لمنفذ ربيعة المقابل لمعبر اليعربية السوري الحدودي يعد أمراً مرفوضًا وخطيراً سيجر العراق وشعبه إلى ما لا تحمد عقباه. مطالباً الجيش العراقي بوقف إطلاق النار فورًا باتجاه المدن السورية ليتسنى للعوائل العراقية التي تقطن قرب الحدود مع سوريا العودة إلى منازلها وممارسة أعمالها اليومية، مشيرًا إلى انه أبلغ الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى بالإضافة إلى الحكومة العراقية بخطورة هذا الأمر.
وتشهد المنطقة الحدودية المقابلة في الاراضي السورية معارك طاحنة بين تنظيمات الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) وقوات حماية الشعب الكردي للاستيلاء على معبر اليعربية المحاذي للعراق الذي بات بأيدي القوات الكردية.
طائرات دون طيار
الحكومة العراقية ترى أنها بحاجة ماسة اليوم الى معدات حديثة واجهزة رصد وتقصي وطائرات مقاتلة تمكنها من مطاردة تنظيم القاعدة الذي يحتل مناطق شاسعة من المناطق الغربية.
فقد أعلن وكيل مستشار الامن القومي العراقي لرويترز أن حكومة بغداد تريد أن تتسلم فوراً طائرات بلا طيار ومقاتلات إف-16 أميركية للتصدي لمقاتلي تنظيم القاعدة الذين يحققون مكاسب في غرب العراق.
وكانت واشنطن وافقت في شهر آب الماضي على تقديم نظام دفاع صاروخي متكامل قيمته 2.6 مليار دولار ومقاتلات إف-16 للعراق على أن تسلمها له في خريف عام 2014.
وهو ما سيطلبه رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، الذي سيجتمع مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن الأسبوع المقبل.
وكيل مستشار الأمن القومي العراقي صفاء الشيخ حسين يقول إن العراق يحتاجها الآن خاصة الطائرات بدون طيار وطائرات أف 16. وأكد الشيخ حسين أن العراق يريد هذه التجهيزات فوراً.
وكشف المسؤول الأمني العراقي عن توجه العراق لمصادر أخرى يمكنها تجهيز العراق باحتياجاته العسكرية فوراً فيما لو لم تلبِ واشنطن مطلب بغداد، قائلاً: quot;العراق لن يموت إذا لم يحصل على الاسلحة الأميركية. دول كثيرة تعرض معدات عسكرية.quot;
ومن هذه الدول روسيا التي وقع العراق معها بالفعل صفقة قيمتها اربعة مليارات دولار لتمده بطائرات هليكوبتر ومعدات مراقبة.