رغم كون السلاح الفردي في اليمن أمرًا تراثيًا إلا أنه بات أخيرًا ضرورة ملحّة في ظل فوضى تجتاح البلاد، حتى أن البعض يزيّن خصره بأسلحة فارغة من الرصاص لتتحوّل قطعة أكسسوار فرضها الفلتان في غياب القانون، ويشترط اليمنيون استتباب الأمن لرمي السلاح.


امتلاك الشعب اليمني للسلاح الفردي أمر تقليدي وتراثي، لكن هذا السلاح تحوّل في الآونة الأخيرة إلى ضرورة للحماية من العصابات والفوضى وخشية من التعرّض للخطف.

ويبعث انتشار الأسلحة في المناطق الحضرية على القلق، لكنّ اليمنيين يقولون إنهم على استعداد لإلقاء السلاح، إنما فقط في حال وفرت لهم الحكومة الأمن والأمان.

ميليشياوية معتادة
اعتبرت اليمن لفترة طويلة واحدة من الدول الأكثر تسليحًا في العالم، لتحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في امتلاك السلاح للفرد الواحد. وفي حين أن كثرة الأسلحة حقيقة لا جدال فيها، إلا أن الكثير يسعون إلى إبعاد الصور النمطية التي تشير إلى أن بلادهم هي عبارة عن 10 ملايين قطعة سلاح بيد همج مستعدين للقتل.

وأشارت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; إلى أن الكثير من اليمنيين الذين ينظرون إلى السلاح على أنه جزء من مظهرهم اليومي، إنما يعكسون تناقضًا عميقًا إزاء الهدف من أسلحتهم.

كان الهدف الرئيس للمحتجين، الذين خرجوا إلى الشوارع خلال الثورة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح، إقامة دولة ذات سيادة قوية يمكن أن تحمي مواطنيها. لكن بعد ذلك بعامين، يقول اليمنيون إنهم أرغموا، أكثر من أي وقت مضى، على معالجة الأمور بأيديهم.

المشاهد المسلحة أصبحت أمرًا طبيعيًا في المدن، كما هي الحال في أجزاء كثيرة من الريف اليمني. ويمكن رؤية رواد المطاعم الراقية في العاصمة يتناولون الطعام مع البنادق المتدلية عبر ظهورهم، كما أن اللقاءات الاجتماعية غالبًا ما تحتوي على ما يكفي من الأسلحة لتسليح ميليشيا صغيرة.

أكسسوار
لكن الـ quot;ساينس مونيتورquot; أشارت من جهة أخرى إلى أن معظم هذه الأسلحة تكون فارغة من الرصاص أو غير ملقمة، فتتحول إلى قطعة زخرفية لتزيين الملابس، مثل الخناجر، التي يضعها العديد من الرجال اليمنيين على خصورهم.

المقاربة الثقافية اليمنية للأسلحة النارية يعود تاريخها إلى أكثر من قرن من الزمان، إذ كانت تعتبر كهدايا تشريفية تقدم لكسب ود الوجهاء المحليين، كما اعتاد البريطانيون تقديم البنادق إلى كبار زعماء القبائل في سبيل التقرب منهم، في حين أن الحرب الباردة أدت إلى تغذية فائض الأسلحة، التي تركت أسواق الأسلحة المحلية تعجّ بالبنادق والمسدسات من الحقبة السوفيتية الرخيصة.

بعيدًا عن الأسلحة التي تستخدم للزينة، هناك العديد من اليمنيين الذين يصرّون على أنهم يحملون السلاح لأغراض دفاعية، معتبرين الأمر بمثابة إجراء احترازي، أصبح ضروريًا تقريبًا في السنوات القليلة الماضية.

القيود القانونية كانت تفرض عددًا معينًا من البنادق في شوارع المدينة، لكن مع انتفاضة عام 2011 التي قسمت قوات الأمن وأثارت الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد، أصبح التراخي سببًا آخر لمزيد من عدم الاستقرار، مما دفع الشعب اليمني إلى تسليح نفسه من جديد.

مسببة للاغتيالات
وقد أثار انتشار الأسلحة في المناطق الحضرية قلق المراقبين والمدنيين، إذ ينظر هؤلاء إلى هذه الظاهرة على أنها علامة تدل على انهيار القانون والنظام. وقد ذهب البعض إلى اعتبارها السبب الرئيس وراء سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت مسؤولين أمنيين في أنحاء البلاد كافة.

حاولت الحكومة الحدّ من عدد البنادق في شوارع العاصمة، لا سيما بتكثيف وجود قوات الأمن. لكن هذه المحاولات لم تفعل شيئًا يذكر لتهدئة القلق. ويشكو سكان صنعاء من أن حملات القمع ضد الأسلحة غير المرخصة لم تفلح سوى في مصادرة عدد قليل من البنادق، ويقولون إن الزيادة في عدد نقاط التفتيش أدت فقط إلى زيادة الجمود.