لم يعد سرًا أن المكاسرة السياسية بين الحكومة والبرلمان الأردنيين ستطيح عاجلًا أو آجلا بأحدهما، أو بالإثنين معًا، بحسب ما جاء في تحليلات وإفتراضات لمغردين ونشطاء أردنيين.


عامر الحنتولي: تخلو الأجواء السياسية الأردنية من أي معطيات يمكن الإتكاء عليها في افتراض رحيل وشيك لحكومة عبدالله النسور، التي تُبدي منذ أسابيع تصلبًا متعمدًا في بعض الملفات الإشكالية، وتحديدًا مع مجلس النواب الأردني، وسط تقديرات سياسية تقول إن الحكومة ليست في وارد تقديم أي تنازلات سياسية في المربع البرلماني، وإنها مستمرة في نهج القضم من معسكر النواب المعارضين لها، وهو نهج يقول أعضاء في البرلمان إنه سيكلف حكومة النسور موقعها في المعادلة السياسية الأردنية.

لن تسقط

الحكومة على موعد مع طرح للثقة فيها بدءًا من الأحد المقبل. لكن الناشط السياسي الأردني عوض الخوالدة يقول لـquot;إيلافquot; إن حكومة النسور لن تسقط في إمتحان طرح الثقة، بل يرى الخوالدة أن البرلمان ربما يكون أقصر عمرًا من الحكومة التي تشكلت في آذار (مارس) الماضي.

وحتى الآن، أجادت الحكومة القفز فوق موانع سياسية وبرلمانية تكفل البرلمان بوضعها بإتقان شديد، إذ إنه ولأسباب غامضة تقلصت مساحة المرونة التي تعاطت بها الحكومة مع البرلمان الجديد منذ إنتخابه خلال الأشهر الماضية.

وتقول المغردة الأردنية زين الصبيحي لـquot;إيلافquot; إن رئيس الحكومة يتعامل مع الحالة السياسية الأردنية بذكاء حاد، وإنه واثق من البقاء كلاعب أساسي في الملعب حتى إطلاق الحكم لصافرته.

تضيف: quot;للملك عبدالله الثاني ملاحظات نقدية على أداء الحكومة، إلا أنه يميل سياسيًا إلى فكرة إتمام الحكومة برامجها، وهذا يحتاج وقتًا وصبرًا على الأخطاءquot;.

برلمان قوي

الشابة والناشطة السياسية الأردنية مي الشلتاوي تقول لـquot;إيلافquot; إن رئيس وزراء الأردن بالغ أخيرًا في ممارسة الشجاعة السياسية من خلال تبني مواقف وقرارات وسياسات لا تحظى بالشعبية، quot;وكل الخوف من أن لعبة رفع الأسعار وإزالة الدعم الحكومي لبعض السلع الأساسية قد أعجبته، وينوي تكرارهاquot;.

وتعتقد الشلتاوي أن البرلمان الأردني رغم كل الملاحظات السلبية عليه، إلا أنه استطاع أن يكبح شهوة الرفع غير المبررة عند الحكومة ورئيسها، وتتمنى أن تصحو ذات يوم لتجد البرلمان قد تمكن من إسقاط حكومة النسور برلمانيًا. لكن الشلتاوي تستدرك بالقول إن هذا الحلم مستحيل، رغم أنها تتمناه.

وتلفت إلى أن خيارًا برلمانيًا من هذا النوع يمكن أن يُحصّن هيبة البرلمان، ويعيد الثقة بهذه المؤسسة الدستورية.

يقول الناشط والمغرد الأردني معاذ العجلوني لـquot;إيلافquot; إنه لن يتفاجأ بإسقاط البرلمان للحكومة كحدث تاريخي لم يحصل من قبل أردنيًا.

ويرصد منذ أشهر خلافات وتنافرات طفت إلى السطح بين الحكومة والأجهزة الأمنية الأردنية، إذ يعتقد للمرة الأولى أن الحكومة ستنتصر على الأجهزة الأمنية وتفرض كلمتها، وأن الحرب سوف تتجلى داخل البرلمان في معركة الثقة المقبلة، إذ يمكن أن يُسْقِط البرلمان الحكومة، لكن صاحب القرار الأعلى من المرجح أن يعيد تكليف النسور تأليف حكومة جديدة في إطار تغييرات سياسية وأمنية واسعة في الداخل الأردني.

يسقطان معًا

وعلى الرغم من إفتقاد أي إشارات سياسية دالة على رحيل الحكومة، فإن أوساطا سياسية وبرلمانية أردنية تقول أمام quot;إيلافquot; إن التعديلات الأخيرة على الدستور الأردني قبل نحو عامين قيّدت حق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بحل البرلمان، الذي تُنسب الحكومة به دستوريًا للملك.

فالمادة الدستورية رقم 74 تُجبر الملك على إقالة وجوبية للحكومة التي تُنسّب بحل البرلمان خلال أسبوع من تاريخ قرار الحل، والإشتراط أيضًا بعدم تسمية رئيس الوزراء ذاته لتشكيل الحكومة التالية، لكن الأوساط ذاتها تتوقع أن الملك، الذي أكثر من المراقبة والتدقيق لنهج الحكومة والبرلمان في الأسابيع الأخيرة، قد يُضحي بالحكومة والبرلمان معًا، لتعيين رئيس وزراء جديد، وتأجيل الإنتخابات البرلمانية الجديدة نحو عامين، يصار خلالهما إلى توافق وطني على قانون إنتخاب جديد.