سلك رئيس البرلمان الكويتي السابق جاسم الخرافي، طريق القضاء بعد أيام قليلة تلت مزاعم وتسريبات عن وجود شريط يتضمن تسجيلاً لمكالمة هاتفية حصلت بين الخرافي ورئيس الوزراء السابق، إذ طلب الخرافي في بلاغ للنائب العام التحرك للتحقيق والتحري في شأن الشريط المزعوم.


عامر الحنتولي من الكويت: لم تمضِ أيام قليلة على شيوع مزاعم على مواقع التواصل الإجتماعي عن وجود شريط متداول على نطاق ضيق جدًا في الداخل الكويتي، ويتضمن أجزاء من مكالمة هاتفية جرى التنصت عليها بين رئيس البرلمان السابق جاسم الخرافي الذي تنحى عن العمل السياسي طوعًا، ولم يعتزله، وبين رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح.

وفاجأ الخرافي الجميع بتقديم بلاغ للنائب العام عبر نجله المحامي أنور الخرافي، يتضمن الطلب من النيابة العامة إجراء كل التحريات والتحقيقات اللازمة للوصول الى حقيقة هذا الشريط، إذ اشتكى الخرافي ضمن البلاغ ضد حسابات على موقع التواصل الإجتماعي (تويتر)، طالبًا من النائب العام الحصول على الشريط، وفحص محتواه، وهو شريط لم يظهر للعلن حتى لحظة كتابة هذا التقرير، ولم تتبنَّ أي جهة كويتية مسؤولية إمتلاكه أو جرأة نشره.

الشريط الغامض

حسب أوساط كويتية رفيعة تحدثت الى quot;إيلافquot;، فإن بداية الموضوع كانت قبل نحو أسبوع حين بدأت حسابات على (تويتر) لشخصيات سياسية تنتمي للمعارضة الكويتية الحديث عن وجود شريط لمكالمة هاتفية سُجّلت عن طريق التنصت وجرت بين الخرافي والشيخ المحمد.

تحدثت المعلومات على بعض حسابات تويتر ndash; كما جاء في البلاغ الى النائب العام- عن إمتلاك نائب رئيس الوزراء السابق الشيخ أحمد الفهد الصباح التسجيل الأصلي، علمًا أن الشيخ الفهد قد استقال من العمل الحكومي قبل ثلاث سنوات تقريبًا متفرغاً للعمل في المجال الرياضي الدولي، إذ يرأس حاليًا الإتحاد الأوليمبي الآسيوي.

لا أصل له

يقول المحامي الكويتي خالد المطيري لـquot;إيلافquot; إن خطوة الخرافي شجاعة جداً، وتلغي أي إحتمال لضلوع الخرافي في مكالمة هاتفية مع الشيخ المحمد للتآمر على النظام السياسي القائم.

يلفت المطيري إلى أن النيابة العامة سوف تبدأ التحقيق، وسوف تطلب الإستماع لإفادات شخصيات عدة، لإماطة اللثام عن حقيقة هذا الشريط، مؤكدًا بحكم خبرته القانونية أنه لا وجود لمثل هذا الشريط، لأن الشاكي لو كان لديه إحتمال واحد بالمئة لوجوده لما تقدّم بالشكوى للنيابة العامة.

ويؤكد المحامي الكويتي أن مضمون البلاغ المقدم من الخرافي قوي ومهم، وسيؤدي الى نتيجة واحدة تتمثل في وجود الشريط، أو عدم وجوده.

إنصاف قضائي

حاولت quot;إيلافquot; الإتصال بالخرافي عدة مرات، دون التمكن من الوصول إليه، لكنّ أوساطاً مقربة جدًا منه قالت إن الخرافي لن يتردد في طرق أبواب القضاء إزاء أي محاولات للإساءة إليه، وأنه ينتظر إنتهاء تحقيقات وتحريات النيابة العامة كأي مواطن كويتي يلجأ للقضاء، وأنه لن يستعجل فالقول الفصل للقضاء، لأنه مؤمن إيمانًا وطيدًا بأن كل تاريخه السياسي، وعطائه، وجهوده كُرّست للكويت قيادة وشعبًا، وأنه لن يحيد عن الإخلاص للكويت أميراً وشعباً.

وفي بلاغه المُقدّم اليوم، يطلب الخرافي من النيابة العامة الكويتية التحقيق في إدعاء وجود شريط صوتي لدى الشيخ احمد الفهد الاحمد الصباح رئيس جهاز الامن الوطني الأسبق، سيتقدم به الى سمو الأمير، يتحدث عن وجود مؤامرة تهدف الى زعرعة الاستقرار في البلد واحداث تغييرات في نظام الحكم شاركت فيه بعض الأطراف السياسية مثل نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق مشاري العنجري، حسب ما افادت النائبة صفاء الهاشم على موقعها بتويتر.

ويستند البلاغ الى مقتطفات تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل اساءة بالغة ليست للنيل من السيد جاسم محمد الخرافي فحسب، بل طوت داخلها سمومًا تحاول القضاء على البلد بأسره.

باب الفتنة

واضاف البلاغ: quot;الشكوى ليست مجرد بلاغ عابر ضد شخص معين، فحسب، وانما لوصد باب الفتنة الذي يحاول البعض فتحه على مصراعيه لادخال البلاد في احتدام بين النظام الحاكم، والشرفاء المخلصين لهذا الوطن، واحداث الفتنة بينهم، لتخلو الساحة امامهم، وهو ما لن يحصل بإذن اللهquot;.

كما وصف البلاغ تلك الافعال بـquot;الشيطانية التي تهدف الى جر البلاد نحو نفق مظلمquot;، طالبًا وملتمسًا من المستشار النائب العام اصدار اوامره للحصول على الشريط المزعوم والاستماع اليه والمنسوب وجوده طرف الشيخ احمد الفهد الاحمد رئيس المجلس الاسيوي للتأكد من حقيقة ذلك المخطط الفاسد الذي رسمه أعداء وطننا الحبيب، للسعي الى هدمه وزعزعة استقراره، والثقة الكبيرة في قدرة النيابة العامة القضاء على الفتنة واجتثاث جذورها قبل انمائهاquot;.

التحقيق مع من يلزم

وقال البلاغ: إن اسلوب الغمز واللمز الذي اوردته بعض مواقع التواصل الاجتماعي، القصد منه اثارة الفتنة والبلبلة لزعزعة استقرار الوطن وامنه، الامر الذي يحتم على النيابة العامة وهي الامينة على المجتمع وممثلة الدعوى العمومية أن تتصدى لتلك المزاعم المكذوبة بالفحص والتحري والتحقيق مع مروجيها لكشف المقاصد على الرأي العام كي ينعم الوطن بالأمن والاستقرار.

وطلب البلاغ من النيابة العامة أن تكلف كل من يزعم بأن لديه أدلة على أكاذيبه ومزاعمه - ايًا كان - أن يقدمها لجهات التحقيق، واذا لم يفعل - ولن يفعل - فحري بالنيابة أن تتخذ حياله الاجراءات القانونية لردعه هو ومن تسول له نفسه السعي الى زعزعة استقرار وامن الوطن.

نبذة عن الخرافي

جاسم محمد عبدالمحسن الخرافي رئيس للبرلمان الكويتي منذ عام 1999 وحتى عام 2009، زاحم الساسة منذ سنوات شبابه الأولى، منطلقًا من إرث عائلي وازن في البيئة الكويتية، وآتيًا من رحم مؤسسات إقتصادية صنفته مبكرًا بأنه رجل مال وإقتصاد، وإن ولج السياسة تأسيًا بتقليد داخل العائلة الكويتية بأن يكون ممثلاً لهافي البرلمان، لكن الخرافي الذي تناوب مع شقيقه الأكبر الراحل ناصر بتقاسم مهام وأعباء والدهما الراحل محمد الخرافي، فتقلد ناصر هم البزنس وحمل جاسم هم السياسة.

قدرات سياسية

ويُظهر الخرافي ndash; 74 عامًا- قدرات إحترافية في حل الأزمات، إذ ظهر تفوقه السياسي على الآخرين خلال مفاصل أزمة الحكم التي شهدتها الكويت في يناير من عام 2006 على خلفية تعيين أمير جديد للبلاد، ورغم أن النص الدستوري كان لمصلحة تنصيب ولي العهد المقعد صحياً وقتذاك، إلا أن الأمير لاحقاً صباح الأحمد الصباح، ورئيس البرلمان الخرافي، وأطرافاً نافذة في مؤسسة الحكم، كانوا يرون أن عزل أمير برلمانيًا وتنصيب أمير جديد، هو أمر يخالف أعرافاً سياسية كويتية مستقرة، لكن إتصالات الخرافي في اللحظات الأخيرة قادت الى الحلول الوسط، إذ لاحظت الكويت التأثر البالغ للأمير صباح والرئيس الخرافي خلال جلسة برلمانية خُصصت لتنحية الشيخ سعد العبدالله الصباح صاحب الصولات والجولات في تاريخ الكويت الحديث.

عزوف مفاجئ

بعد إنتخابات عام 2009 أصدر جاسم الخرافي بيانًا رسميًا قال فيه إن قرر عدم الترشح للإنتخابات البرلمانية المقبلة، أيًا كان وقتها، مُرْجِعًا قراره الحاسم وقتذاك الى إنسداد الأفق السياسي، ورغبته في منح الفرصة لجيل كويتي شاب، في إشارة ضمنية فُسّرت لصالح رغبته في أن يتولى قيادة كيان إقتصادي عالمي تملكه عائلة الخرافي، ويتمدد حول العالم إلا أن إستعصاء الحل السياسي في الكويت لم يسعفه، إذ سرعان ما جرى حل البرلمان الكويتي، لكن محكمة كويتية أعادته، وأعادت الخرافي معه رئيسًا قبل أن يُحل البرلمان مجدداً، ويقال إنه لا يزال لاعبًا رئيسيًا في المعادلة لكن من وراء الكواليس.