لا يعرف العالم بعد لمن ستقرع الأجراس في سباق الطاقة البديلة، لكن التطور التقني قد يحسم المسألة لصالح الخلايا الضوئية، أو المراوح الهوائية، أو خلايا الوقود... أو جلد سمك القرش!


ماجد الخطيب من كولون: خبا نجم الزيت البيئي بسبب زراعته المفرطة في البلدان الفقيرة، على حساب المحاصيل الزراعية، وتسببه بزيادة اطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون، بينما سطع نجم الطاقة البديلة من الشمس بعد أن نجح العلماء في تحسين إنتاج الخلايا الضوئية باستخدام جيل جديد من مادة السيليزيوم الصناعية.

وجاء الآن دور طاقة الريح، بعد أن نجح العلماء الألمان بتحسين إنتاج الطاقة من المراوح من خلال محاكاة الطبيعة، إذ توصل علماء معهد فراونهوفر الألماني إلى رفع كفاءة المراوح الهوائية عن طريق تغليفها بمادة صبغية تحاكي جلد سمك القرش.

ومعروف للعالم وجود حزوز وأخاديد سطحية دقيقة في جلود سمك القرش، تقلل احتكاكه في الماء، وتؤهله للانطلاق بسرعة كبيرة.

وسبق للعلماء من هذا المعهد أن رشوا طلاء جلد سمك القرش على ألواح رقيقة وغاية في المرونة، وعملوا على كسو سطوح الطائرات بها بهدف تقليل احتكاكها بالهواء، ومن ثم نجحوا في خفض استهلاكها للبنزين، وتقليل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون عنها.

طاقة أكبر.. احتكاك وضجيج أقل

وذكر الدكتور فولكمار شتينزل، من معهد فراونهوفر لتقنية الإنتاج والبحث التطبيقي على المواد، أن تغليف المراوح الهوائية بطلاء جلد سمك القرش قلل احتكاك ريشات المراوح بالهواء بنسبة 30%.

وثبت من التجارب أن من الممكن لتقنية quot;ريبليquot; أن ترفع إنتاج كل مروحة بنسبة 5 إلى 6% سنويًا. وكان من الواضح أيضًا أن الضجيج المنطلق عن دوران المراوح وتشغيل مولداتها انخفض أيضًا بفعل انخفاض الاحتكاك.

وهذا ينطبق على نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون المنطلق عن المراوح، بحسب رئيس قسم تقنيات الطلاء شتينزل.

تم انتاج نظام ريبلي، أوquot;الكساء المتعدد الوظائفquot;، باستخدام مواد صبغية لاصقة قوامها كرات نانوية غاية في الصغر. وظهر من التجارب أن الطلاء خالٍ من المواد المتطايرة، ولا يتأثر بالحرارة وعوامل ديناميكية الهواء.

وتم تصليب الطلاء بتسليط الأشعة فوق البنفسجية عليه بأطوال معينة، وهو ما أكسبه مناعة ضد الخدش بفعل العوامل الخارجية. كما تم صنع الأخاديد فيه باستخدام تقنية نانوية جديدة تحاكي الأخاديد العرضية في جلد سمك القرش.

وذكر المهندس مانفريد بيشكة أنه من الممكن نزع جلد المراوح كل خمس سنوات بكل سهولة، واستبدالها بجلد جديد، لأن العلماء لم يرشوا الطلاء مباشرة على معدن المراوح، وإنما على صفائح رقيقة يجري لصقها عليها بقوة.

اقتصاد في الوقود

بالتعاون بين معهد فراونهوفر وشركة مولان المختصة في إنتاج المراوح الهوائية، تم إنتاج مروحة لإنتاج الطاقة من الريحمن طرازDU-W-300.

تم قياس كفاءة هذه المروحة، ونسبة احتكاكها بالهواء، والضجيج المنطلق عنها، قبل وبعد تغليفها بالكساء متعدد الوظائف. واعيدت التجارب في سرعتي ريح 50 و70 متراً في الثانية، وخلال عمل المراوح في زوايا متعددة تجاه الرياح.

وكانت شركة ايرباص سباقة للتعاون مع معهد فراونهوفر، بغية تغليف سطوح طائراتها بالكساء متعدد الوظائف.

وذكرت مصادر الشركة أن التقنيين سيجربون رقائق صناعية تحاكي جلد سمك القرش، يجري لصقها على طائرتين من طرازquot;ايرباص 340quot; وquot;ايرباص 300quot;. وتستمر التجارب حتى الصيف القادم.

ووزعت لوفتهانزا صورة لمهندسين يلصقان قطعًا من الكساء متعدد الوظائف على مواقع معينة في الطائرة.

وسيركز المهندسون في هذه التجربة على لصق قطع صغيرة من جلد سمك القرش الصناعي على أكثر مناطق الطائرة عرضة لمقاومة الهواء، أي في المقدمة وعلى الجناحين، ما يؤدي إلى تقليل استخدام الكيروسين بنسبة 1 بالمئة.

ومن الممكن في التجارب القادمة، حيث سيجري لصق قطع أكبر وعلى مساحات أوسع، التوصل إلى تقليل استهلاك الكيروسين بنسة 25 بالمئة.

ويتجاوب هدف خفض الضجيج مع خطط الحكومة الألمانية التي دعت شركات صناعة الطيران إلى خفض ضجيج الطائرات بنسبة 10 بالمئة خلال 3 سنوات.

ويقدر علماء معهد فراونهوفر أن تغليف كل الطائرات الألمانية بهذه التقنية الجديدة يمكن أن يقتصد بنحو 4,38 ملايين طن من الوقود سنويًا، ويمكن لتغليف باخرة كبيرة لحمل الحاويات بالطلاء متعدد الوظائف أن يقتصد 2000 طن من الوقود سنويًا.

فائقة السرعة

قبل ذلك، نجحت القوة البحرية الألمانية، وشركة ديل ب ج ت ديفنسDiehl BGT المختصة في صناعة الأسلحة، بتقليد جسد وجلد سمكة باراكودا لصناعة طوربيد يجيد المناورة، وقليل الضوضاء، وبالتالي صعب الكشف عنه بأجهزة تقصي الضجيج،وهو ذو قوة تفجير كبيرة.

تنتمي سمكة باراكودا إلى صنف سمك الكركي السهمية، وتنتشر في المحيط الأطلس وقرب سواحل اليابان واستراليا، إضافة إلى مناطق أخرى.

ووجد العلماء أن سرعة السمكة تكمن في شكل جسمها ورأسها المدبب، وفي قدرتها على اطلاق فقاعة هوائية تحيط بجسمها وتقلل احتكاكها في الهواء.

وهكذا صنع المهندسون طوربيدًا يحاكي السمكة وينطلق بسرعة متخفيًا داخل فقاعة هوائية.

ونجحت هذه التقنية برفع سرعة الطوربيد إلى 800 كم/ساعة، في حين أن سرعة أفضل الطوربيدات التقليدية لا تزيد عن 130 كم/ ساعة.