دعت بريطانيا الحكومة العراقية والمحتجين إلى مفاوضات مباشرة وتقديم تنازلات متبادلة تحل الأزمة الحالية في البلاد من دون اللجوء إلى العنف مع رفض تشبيه الوضع العراقي الحالي بما يجري في سوريا. وفرضت القوات الأمنية في بغداد اليوم إجراءات غير مسبوقة في عدد من الشوارع خاصة المؤدية إلى منطقة الاعظمية التي يتوقع أن تكون مركزًا للتظاهرات المناوئة للحكومة في حال قرر المحتجون نقل اعتصامهم إلى العاصمة.


دعا وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط اليستر بيرت خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في بغداد اليوم إلى الجلوس مباشرة على مائدة حوار ومفاوضات للخروج من الأزمة الحالية في البلاد.
ورفض تشبيه الأوضاع المضطربة في العراق حاليا بأوضاع سوريا وأكد انهما مختلفان لان ما يحدث في سوريا عبارة عن كارثة عميقة وصعبة ومثيرة للآلام وكلما كان العمل يستهدف وقف نزيف الدماء مبكرا هناك كان هو الافضل. وأشار إلى أنّ بريطانيا تدعم مهمة المبعوث العربي الدولي إلى سوريا الجزائري الاخضر الابراهيمي في انتقال سلمي للسلطة في سوريا واختيار شعبها نوع السلطة التي يرغب فيها بمشاركة جميع ممثليه.
وأضاف الوزير البريطاني بيرت ان الوضع في العراق مختلف عنه في سوريا لان فيه تجربة ديمقراطية ودستورًا اختاره الشعب وهذا كفيل بتوصل جميع القوى السياسية إلى حلول لمشاكلها عن طريق ترسيخ الديمقراطية وتطبيق الدستور.
ودعا الفرقاء السياسيين في العراق إلى إبداء المرونة في مفاوضاتهم لحل أزمة بلادهم وطالبهم بتنازلات متبادلة والتمسك بالخيار السلمي وفق الاصول الديمقراطية بما يوصل إلى حلول مرضية. وأوضح ان بلاده لاترغب في وساطة تقوم بها بين الحكومة العراقية والمحتجين في عدد من المحافظات لأن هذا أمر داخلي ولاتريد بريطانيا التدخل في الشؤون العراقية. وأشار إلى أنّ مباحثاته مع زيباري تناولت ايضا الاوضاع في سوريا وايران والشرق الاوسط.
واليوم أكد المتحدث باسم متظاهري محافظة الانبار سعيد اللافي أن ممثلي المتظاهرين في المحافظة سيتخذون يوم غد قرارا بشأن تظاهرات الجمعة المقبلة وقال إن هناك الكثير من الدعوات التي وصلت إلينا من المراجع السنية بشأن تظاهرة يوم الجمعة المقبلة المقرر تنظيمها في منطقة الأعظمية في بغداد مبيّنا أن quot;تلك الدعوات طالبتنا بالتريث في هذه التظاهرة.
وأضاف الوزير البريطاني ان اللجنة الوزارية العراقية ناقشت اليوم تطوير علاقات البلدين الدفاعية والتجارية والاقتصادية والتعليمية وتأسيس خط طيران مباشر بين بغداد ولندن. وعما اذا كانت المباحثات تناولت عقد اتفاقات تسليحية أشار إلى أنّ التعاون العسكري والأمني بين البلدين لايتعلق ببيع قطع سلاح وقبض ثمنها فحسب وانما ايضا التفاهم حول استراتيجية دفاعية واضحة وعلاقات دفاعية طويلة الامد.
ومن جهته أشار زيباري إلى أنّ المباحثات البريطانية العراقية التي شهدتها بغداد اليوم تناولت العلاقات العسكرية التسليحية إضافة إلى زيادة التعاون التجاري وتوسيع استثمارات القطاع الخاص بين البلدين.
وقال إنه تم الاتفاق على عقد اجتماعات اللجنة البريطانية العراقية المشتركة كل ستة اشهر موضحا ان لقاءها المقبل سيتم في لندن. وقال إن البلدين انجزا اتفاقا على منح تأشيرات دخول العراقيين إلى بريطانيا من بغداد مباشرة دون اللجوء إلى بلد ثالث إضافة إلى الاتفاق على تسيير خط طيران مباشر بين بغداد ولندن الشهر المقبل.
واليوم وافق مجلس الوزراء العراقي على تخويل وزير العدل العراقي حسن الشمري توقيع اتفاقية تبادل للسجناء مع نظيره الريطاني حيث يوجد 193 سجينا عراقيا في بريطانيا وسجين بريطاني واحد في العراق.
إجراءات غير مسبوقة
فرضت القوات الأمنية في بغداد اليوم إجراءات أمنية غير مسبوقة في عدد من شوارع العاصمة خصوصا تلك المؤدية إلى مدينة الاعظمية التي يتوقع ان تكون مركزا للتظاهرات المناوئة للحكومة في حال قرر متظاهرو الأنبار نقل تظاهراتهم واعتصامهم إلى العاصمة.
وقال عدد من المواطنين البغداديين إن quot;القوات الأمنية فرضت طوقا على مدينة الأعظمية ولم تسمح بالخروج او الدخول منها الا بعد ابراز وثائق تؤكد السكن او العمل في المدينةquot; لافتين إلى أنّ quot;عددا من سيطرات الجيش العراقي، مثل سيطرة العطيفية مقابل قيادة شرطة بغداد، تقوم بالتفتيش في الهويات وإدخال أسماء المارة في أجهزة كومبيوتر للبحث عن مطلوبين مسجلة أسماؤهم في قاعدة بياناتهاquot;.
وشكا آخرون في احاديث نقلتها وكالة quot;المدى بريسquot; من quot;ارجاع اهالي المحافظات الغربية إلى محافظاتهم ومنعهم من الدخول إلى العاصمة مهما كانت الاسباب إضافة إلى عدم السماح لأهالي الأنبار وصلاح الدين ونينوى من المقيمين في بغداد بالتجوال في العاصمة ومهما كانت الاسبابquot;.
وكان مصدر في وزارة الداخلية العراقية أكد اليوم أن القوات الأمنية أغلقت جميع مداخل ومخارج منطقة الاعظمية ومنعت الخروج والدخول منها واليها باستثناء الحالات الإنسانية، على خلفية استعداد متظاهري المحافظات الغربية إقامة تظاهرة وصلاة موحدة فيها يوم الجمعة المقبل.
وقال الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي، اليوم إن الحكومة العراقية استجابت للمطالب المشروعة للمتظاهرين، مطالبا إيّاهم quot;بالعودة إلى بيوتهمquot; مشددا على أن قضية انتقال المتظاهرين من محافظة إلى أخرى منوطة بموافقة وزارة الداخلية عليها وفقا لمقتضيات مصلحة الوطن والمواطن.
وتفرض القوات الأمنية منذ يومين إجراءات أمنية مشددة على منطقة الاعظمية على خلفية الدعوات التي أطلقتها لجان التظاهرات في المحافظات الغربية استعدادا لإقامة صلاة موحدة وتظاهرة يوم الجمعة المقبلة في جامع ابي حنيفة في منطقة الأعظمية، إذ قامت القوات الأمنية، أمس الاثنين، بعدم السماح لغير سكان أهالي الأعظمية بدخول المدينة.
وتأتي تلك الاجراءات بعد نحو 24 ساعة على اجراءات أمنية مشددة اتخذتها الاجهزة الأمنية العراقية في نقاط التفتيش المنتشرة على الطرق المؤدية إلى العاصمة بغداد، منعت بموجبها سكان محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى من التوجه إلى العاصمة، تخوفا من مشاركتهم في تظاهرات الجمعة المقبلة التي تنوي لجان التظاهرات في المحافظات الغربية إقامتها في العاصمة بغداد.
ودعا مفتي الديار العراقية رافع طه الرفاعي، اليوم الثلاثاء متظاهري محافظة الانبار إلى تأجيل ذهابهم إلى بغداد للتظاهر يوم الجمعة المقبل، محذرًا من وقوع quot;مفسدة عظيمةquot; في حال قدومهم، متهما الحكومة بـquot;تنفيذ عمليات اغتيال منظمة لأهل السنة والجماعة من خلال ميليشيات ايرانية تابعة للجيش العراق، كما أكد رئيس مؤتمر صحوة الأنبار أحمد أبو ريشة امس الأثنين أن quot;قرار التوجه للصلاة في مدينة الاعظمية في بغداد من عدمه مرهون بما سيقرره برلمان الكرامة، والمراجع الدينية للمعتصمين، مؤكدا أنه سيسعى إلى quot;التهدئةquot; والحفاظ على quot;سلمية التظاهرquot;.

يذكر ان محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديإلى وكركوك تشهد منذ 45 يوما تظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.