يصرّ العراقيون على الاحتفال بعيد الحب في الرابع عشر من شباط (فبراير) من كل عام، على الرغم من الأحداث التي تنذر بفتنة طائفية، متحدّين فتاوى تحرّمه ودعوات تحث على عدم الاحتفال به لأنه بدعة لا يجوز للمسلم اتباعها.


بغداد: على الرغم من أن مظاهر عيد الحب تتركز في أماكن معينة في بغداد، لاسيما في الاسواق الكبرى التي تقصدها النخب والأغنياء مثل الكرادة والمنصور، وفي المناطق التي تتركز فيها الاقليات المسيحية، وبعض المرافق المجتمعية مثل الجامعات، فإن ملامح عيد الحب تظهر على استحياء في مدن العراق الأخرى، بينما تختفي مظاهره بشكل شبه نهائي في المدن التي تضم مراكز دينية.

احتفالات متواضعة

وعيد الحب، أو عيد العشاق، أو يوم القديس فالنتين، مناسبة يحتفل بها الكثير من الناس في كل أنحاء العالم، حيث تنتشر مظاهر العيد، مثل الورود الحمراء واليافطات والأشرطة المزركشة، ومستلزمات الزينة.
ويقارن أحمد فاروق، صاحب متجر لتجهيزات الاعراس والمناسبات، بين احتفال العراقيين بعيد الحب هذا العام واحتفالهم في السنين الماضية، حيث يقول إن الاحتفالات في هذه السنة متواضعة.

ويقول: quot;الاقبال على شراء إكسسوارات العيد لا يبدو مشجعًا، ويعزو فاروق ذلك إلى الاضطرابات السياسية وأعمال العنف التي تشهدها البلادquot;.

الشاب الجامعي أيمن حاتم يرى أن طلاب الجامعات هم الشريحة الاكثر اهتمامًا بعيد الحب، لكنهم يفضلون التعبير عنه عبر الانترنت عن طريق ارسال البطاقات الالكترونية والتهاني الرقمية، في وقت يقضون فيه أوقاتًا طويلة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي.

بين السياسة والدين

يحث الباحث الاجتماعي رعد الجنابي إلى الاحتفال بعيد الحب كل عام، ويُرجِع قلّة الاهتمام به في هذا العام إلى تزامن العيد مع التظاهرات الجماهيرية في بعض المدن. ويدعو الجنابي المواطنين الى الاحتفال به على الطريقة العراقية وليس على الطريقة الغربية، لكي لا يثير ذلك حفيظة الجماعات المتشددة التي تبث عبر اجندتها المختلفة حرمة الاحتفال بالعيد لمعارضته الدين والشرع.

وائل الياسري يعارض من جانبه الاحتفال بهذا العيد، ويؤكد أن أي مظهر لعيد الحب بألوانه وشعاراته الحمراء حرام، وفق فتاوى دينية.

على أن بعض المتاجر التي تبيع مستلزمات عيد الحب تحرص كثيرًا على عدم ابرازها خوفًا من نقمة المتشددين. ففي بابل، يؤكد رعد حسن، الذي يبيع اكسسوارات العيد، اعتراض متشددين إسلاميين على تجارته في هذا المجال، حيث أسدوا له النصيحة بضرورة الكف عن بيعها. قال: quot;والنصيحة بالطبع تهديد مبطّنquot;.

لكن هناك من العراقيين من يرون أن الاحتفال بالعيد نوع من البطر، مع وقوع قتلى وجرحى من ضحايا التفجيرات اليومية، تحدث هنا وهناك. فأبو منتظر يرى أن الامتناع عن الاحتفال بعيد الحب احترام للضحايا الذين يسقطون في العراق يوميًا. يقول: quot;الوضع الحالي برمته لا يساعد على احتفال حقيقي بعيد الحب أو بغيره من المناسبات المفرِحة، فالبطالة والإضرابات السياسية وغيوم الفتنة لا تتيح للإنسان التفكير في الترف والراحةquot;.

ويصل الاعتراض على عيد الحب ببعض المواطنين العراقيين، كجاسم الياسري، إلى تبني دعوة صريحة لمعاقبة أي شخص يُظهِر الاحتفال بهذا العيد، لانه quot;ليس عيدًا اسلاميًا اولًا، كما أن شعاراته الحمراء تذكّر بالدم الذي يراق كل يومquot;.

حاجة إلى السعادة

لكن اليأس الذي ينتاب ابو منتظر يغيب عن الطالبة الجامعية هيفاء عبيد، التي تعتقد بأن العراقيين بحاجة إلى المناسبات السعيدة، ومنها عيد الحب، quot;لكي نعيد البهجة إلى النفوس، ونشيع مظاهر المحبة في الساحات والمرافق العامةquot;.

وتهيّأت هيفاء للعيد مع زميلات جامعيات عبر شراء الورود الحمراء والحلوى والقبعات الملونة. تقول: quot;سنحتفل على نطاق ضيق، بسبب الحالة السياسية العامة، وتحسبًا للمضايقات من قبل متطفّلينquot;.

وفي اجواء تنحسر فيها مشاعر الطمأنينة والأمان، فإن كثيرين يعزفون عن قضاء أوقات الفرح والراحة في الاماكن العامة، ويفضّلون البقاء في المنازل او زيارة الاقرباء. من جانبه، يعوّل بائع الزهور احمد سعيد على العيد، متذكّرًا كيف كان العيد مصدر رزقه في العام الماضي، لكنه لا يزال يحرص على توفير كميات جيدة من الازهار الحمراء.