في الذكرى الثانية لتأسيسها، تراهن حركة 20 فبراير الاحتجاجية المغربية، التي ولدت مع هبوب رياح الربيع العربي، وطالبت بإصلاحات سياسية عميقة، على تزايد السخط الاجتماعي المتنامي في المملكة ضد حكومة الإسلاميين لاسترجاع بعض من وهجها.


الرباط: في 20 شباط/فبراير 2011، وفي أعقاب الانتفاضات في تونس ومصر، خرج عشرات آلاف المغاربة للتظاهر في عشرات القرى والمدن المغربية بشكل منتظم، رافعين شعار محاربة الفساد والاستبداد ومطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

أدت هذه الاحتجاجات السلمية، التي تواصلت بشكل متزايد، الى تبني دستور جديد في الأول من تموز/يوليو 2011، تلته انتخابات نهاية السنة نفسها، فاز فيها الإسلاميون للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وهم يقودون حاليًا التحالف الحكومي المكوّن من أربعة أحزاب.

ومع حلول الذكرى السنوية الثانية لتأسيس الحركة الاحتجاجية، يستعد شبابها للقيام بأنشطة مختلفة لإحياء الذكرى، من بينها تظاهرة مساء الأربعاء (17:30 تغ) أمام البرلمان في العاصمة الرباط.

تلاشي الزخم
تأتي الاستعدادات لإحياء هذه الذكرى بعدما تلاشت القوة الاحتجاجية للحركة في الأشهر الأخيرة، ولم يعد بإمكانها حشد سوى المئات أو حتى العشرات في المسيرات التي دعت إليها أخيرًا.

ويقول بودوان دوبري، مدير quot;مركز جاك بيرك للبحوث الاجتماعيةquot; في الرباط إنه quot;من الناحية السياسية، لم تعد حركة فبراير 20 الاحتجاجية موجودة اليومquot;، مشيرًا الى quot;التأثير المحتشمquot; اليوم للحركة في الرأي العام quot;مقارنة مع ما يحصل لدى الجيرانquot;.

وساهم تبني دستور جديد في النصف الثاني من 2011 بغالبية ساحقة (قاربت 99%) وتعزيزه صلاحيات الحكومة، ثم تحقيق حزب العدالة والتنمية الإسلامي لانتصار تاريخي في الانتخابات التي تلت اقرار الدستور، في انخفاض حدة الاحتجاجات وانكماش الحركة.

وبحسب دوبري فقد quot;زاد من إضعاف حركة 20 فبراير الاحتجاجيةquot; إعلان quot;جماعة العدل والإحسانquot; الإسلامية المحظورة، أحد المكونات الأساسية للحركة، والمعروفة بمواقفها المعارضة للملكية، انسحاب أعضائها من الحراك الشعبي المغربي.

يشرح أحد مسؤولي 20 فبراير، ان quot;قمعquot; السلطات المغربية المستمر لما تبقى من احتجاجات 20 فبراير، زاد من تراجع قوة الحركة. ويضيف صمد عياش (27 سنة)، أحد منسقي الحركة في الرباط ان quot;النظام لعب على ورقة الدستور والانتخابات من جهة، واستعمل ورقة القمع من جهة ثانيةquot;.

تعددت الأسباب والاعتقالات واحدة
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي كشف الائتلاف المغربي لمظمات حقوق الإنسان (18 جمعية ومنظمة حقوقية) عن وجود أكثر من 70 من شباب حركة 20 فبراير وراء القضبان، بأحكام وغرامات قاسية.

وبحسب سناء مطايش، إحدى الناشطات في الحركة، فإن quot;تحولًا حدث في طريقة قمع السلطات لشباب 20 فبراير (...) ففي البداية كان الاعتقال والسجن يتم بتهمة المشاركة في مظاهرة غير مرخص لها. أما اليوم فيتم الاعتقال والسجن بتهم الاعتداء على موظف عمومي، أو الاتجار في المخدراتquot;.

وحكم على النشطاء، الذين تم اعتقالهم بعقوبات كبيرة، وصفتها الجمعيات الحقوقية حينها بـquot;الانتقامية والمبالغ فيهاquot;، كان من بينها في تشرين الاول/أكتوبر الماضي حكم بالسجن مع النفاذ لمدة 12 سنة في حق ناشط في الحركة.

وفي رده على هذه الاعتقالات والأحكام، قال عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، ان القضاء يؤدي وظيفته ونشطاء حركة 20 فبراير quot;ليسوا أشخاصًا مقدسينquot;.

وعزا رئيس الحكومة quot;توقفquot; الحركة عن الخروج للاحتجاج بـquot;تحقق غالبية الإصلاحاتquot;، وأضاف ان quot;البعض يرغب في إحياء الاحتجاجات، وسنرى ان كان سيحصل ذلك في المستقبلquot;.

نقد ذاتي
وفي ردها على كلام رئيس الحكومة، تنفي الحركة حصول اي تغيير او إصلاحات، وتستمر في الدعوة الى quot;ديمقراطية حقيقيةquot;، موضحة انها قامت quot;بنقد ذاتي ومراجعة مجموعة من الأمورquot;.

ويشرح صمد عياش ان quot;الحركة كانت تنظيمًا حقيقيًا، ولم تمتلك استراتيجية سياسية وتواصلية حقيقية مع الشعب. نحن نحتاج أساليب أكثر فعاليةquot;. وتراهن الحركة على تنامي الاحتجاجات الشعبية المتنامية ضد الحكومة التي يقودها الإسلاميون الذين يجدون أنفسهم أمام إصلاحات اجتماعية صعبة (نظام المعاشات وصندوق دعم المواد الأساسية) إضافة الى الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وتعتبر سناء مطايش، التي تدرس اللغات، ان quot;المواطن سيعي عاجلا أم آجلا ضرورة حصول تغيير جديد في المغربquot;. والى حين يتم ذلك، يعتبر بودوان دوبري ان quot;حركة 20 فبراير لم تستطع لحد الآن التحول من مجال الاحتجاج السياسي الى مجال الاحتجاج الاجتماعيquot; لكسب قاعدة أكبر.

ويضيف انه quot;رغم وجود احتجاجات اجتماعية موازيةquot;، من قبيل احتجاجات الخريجين العاطلين عن العمل، فإن quot;التلاقي بين الحركة وهذه الاحتجاجات لم يحصل بعدquot;.

احتجاج حوالى 800 ناشط في الرباط
إلى ذلك، احتج ما يقرب من 800 شخص الأربعاء أمام البرلمان المغربي في الرباط بمناسبة الذكرى الثانية لتأسيس حركة 20 فبراير الاحتجاجية، التي ظهرت مع هبوب رياح الربيع العربي، وطالبت بإصلاحات عميقة في المغرب، حسبما أفاد مراسل فرانس برس.

وتظاهر وسط مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، ما بين 200 الى 300 متظاهر، مطالبين بمزيد من الديمقراطية وإصلاح القضاء، كما احتجّوا على غلاء المعيشة، وفق مراسل فرانس برس. ودعا المتظاهرون في الرباط، تحت حضور أمني مكثف، وهم يحملون لافتات كتبت عليها quot;كرامة، حرية، عدالة اجتماعيةquot;، إلى quot;الإفراج عن المعتقلين السياسيينquot;، الذين يفوق عددهم 70 حسب تقارير منظمات حقوقية محلية. ورفع المتظاهرون شعار quot;كل السلطة والثروة للشعبquot;.

انضم الى تظاهرة شباب 20 فبراير، التي تبحث عن وهج جديد بعدما ضعفت، موكب العاطلين عن العمل، الذين تعودوا الخروج للتظاهر بشكل دائم في العاصمة الرباط. بعد ذلك انقسم الموكبان الى مجموعات عدة في شارع محمد الخامس، حيث يوجد البرلمان، من دون تسجيل أي احتكاك أو وقوع حوادث.

ولم يرغب مسؤولون في الشرطة في عين المكان في إعطاء تقديرات لفرانس برس حول عدد المشاركين في هذه التظاهرة، فيما قال مسؤول أمني فضل عدم ذكر اسمه ان quot;عدد المحتجين حسب الشرطة لم يتجاوز المائةquot;. وقالت خديجة الريادي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر منظمة حقوقية في المغرب، ان quot;هناك الكثير من الناس حضروا اليوم لم نشاهدهم منذ فترة طويلة. انها بدايه جديدة للحركةquot;.

وأضاف خديجة الريادي ان quot;المطالب هي نفسها لحد اليوم، وهو ما يعني اننا لا نشعر بأي تغييرquot; في المغرب منذ انطلاق الحراك.
وحشدت حركة 20 فبراير الاحتجاجية في ذكراها الأولى السنة الماضية حوالى ألف شخص في الرباط، لكن مظاهراتها التي تلت من بعد كانت أصغر وأقل تأثيرًا.