نظم ضباط وأمناء وأفراد الشرطة وقفات احتجاجية أمام مراكز وأقسام ومديريات الأمن في مختلف المحافظات والمدن الكبرى احتجاجًا على إجبار القوى الأمنية على قمع الشعب، مؤكدين أن نهج حبيب العادلي مستمر في وزارة الداخلية، وشاكين نقص التسليح.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: وقع الرئيس المصري محمد مرسي في مأزق شديد، بسبب تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد نظام حكمه، لاسيما بعد تنظيم ضباط وأفراد الشرطة احتجاجات واعتصامات اليوم في شتى أنحاء الجمهورية، وصفوها بثورة تحرير الشرطة.

ونظم ضباط وأمناء وأفراد الشرطة وقفات احتجاجية أمام مراكز وأقسام ومديريات الأمن في مختلف المحافظات والمدن الكبرى، في القاهرة والإسكندرية والمنصورة وطنطا، وطالبوا برحيل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وبحسن تسليحهم، وعدم الزجّ بهم في مواجهات مع الشعب والمعارضة، وأن تقتصر مهمتهم على حفظ الأمن.

ثورة تحرير الشرطة
في القاهرة، نظم المئات من الضباط والأفراد وقفة احتجاجية أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، دشّنوا خلالها ما وصفوها بـquot;ثورة تحرير الشرطةquot;.

وقال النقيب أحمد عبد اللطيف، أحد الضباط الداعين إلى التظاهر، إن الشرطة المصرية كانت أداء بطش في يد النظام السابق، وإن الشعب المصري ثار ضد الشرطة في يوم عيدها.

أضاف:quot;بالرغم من أن الشعب ثار بشكل مباشر ضد الشرطة، التي سقطت بالكامل يوم 28 كانون الثاني (يناير) 2011، إلا أن قيادات وزارة الداخلية لم تستوعب الدرس بعد، ومازالت تصرّ على إقحام الشرطة في مواجهات مع الشعب لمصلحة النظام السياسيquot;.

وأكد عبد اللطيف أن الوقفة الاحتجاجية أمام مدينة الإنتاج الإعلامي هي تدشين لثورة تحرير الشرطة من أيدي النظام السياسي، لتكون مهتمها حفظ الأمن فقط، وليس إرهاب الشعب أو قمع المعارضين.

شماعة الإخوان
ووفقًا للمقدم خالد حسن، كانت الشرطة في السابق تتحمل أوزار كل الوزارات الأخرى، وأخطاء وفساد النظام السابق، وكانت تستخدم في قمع الشعب لمصلحة حسني مبارك ونجله جمال.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن الشعب المصري كان ولايزال يكره الشرطة بشدة بسبب الماضي الأليم، مشيرًا إلى أن النظام الحالي يصرّ على استخدام الشرطة في عمليات القمع، وعلى وضع الشرطة في مواجهة مع الشعب، quot;وهذا ما يزيد من كراهية الناس لأفراد هذا الجهاز، بالرغم من أنه من المفترض أن يكون هناك حب وود وتعاون معًا من أجل حفظ الأمن والأرواح والممتلكاتquot;.

وأوضح حسن أن الغضب الشعبي مازال موجهًا ضد الشرطة، بالرغم من أنها ليست طرفًا في الأزمة السياسية الحالية، لافتًا إلى أن الشرطة تتحمل وحدها تبعات فشل نظام الحكم الحالي والحكومات بمختلف وزاراتها، في تحقيق أهداف الثورة.

وأشار إلى أن الغضب في الشرطة بلغ مداه، ولم يعد أحد من أفرادها قادرًا على العمل في ظل هذه الأجواء المشحونة بالغضب والكره، quot;فضباط الشرطة يتخفون من الناس خشية تعرّضهم للأذى، وهناك العشرات من المصابين يوميًا، فضلًا عن القتلى من أبناء الشرطة، لكن أحدًا لا يلتفت إلى تضحياتهمquot;.

شكا حسن من تدني تسليح الشرطة، بالرغم من ارتفاع نسبة الجريمة بمعدلات كبيرة، quot;يستخدم المجرمون فيها أسلحة حديثة جدًا، كالآر بي جيه والبنادق الرشاشة ومدافع الجرينوف والقنابل ومضادات الطائرات وصواريخ أرض-أرض، في حين أن تسليح الشرطة لا يتعدى الطبنجة 9 مللي، ما يؤدي إلى سقوط العشرات من الضحايا، أو على الأقل عدم القدرة على مواجهة الجريمةquot;.

العادلي مستمرًا
في مدينة الإسكندرية، تظاهر العشرات من ضباط وأفراد الشرطة أمام مديرية الأمن، احتجاجًا على ما وصفوه بـquot;استمرار سياسات وزير الداخلية السابق حبيب العادليquot;، وهددوا بالإضراب على العمل في حالة إصرار وزير الداخلية على الزجّ بهم في مواجهة الشعب وقمع المعارضين.

وقال محمد رضا، وهو أمين شرطة من أبناء محافظة البحيرة، لـquot;إيلافquot; إن ضباط وأفراد الشرطة فاض بهم الكيل. وأضاف أن الشرطة على وشك الانهيار بسبب الضغوط التي يتعرّضون لها في كل لحظة. وأوضح أن تلك الضغوط نفسية، بعدما شعروا بأنهم مكروهون من كل الشعب، وأمسى الواحد منهم يخاف من الكشف عن هويته في الشارع خشية التعرّض للانتقام من الناس.

ولفت إلى أن هناك ضغوطًا مادية تتمثل في تدني الرواتب، ما يضطر بعضهم إلى اللجوء إلى تقاضي الرشاوي، إضافة إلى ضغوط قيادات الشرطة، والنظام السياسي للإخوان لقمع المظاهرات. وقال: quot;نشعر بأن حبيب العادلي مازال يحكم وزارة الداخلية، ولم يتغير شيءquot;.

وفي طنطا في محافظة الغربية في وسط الدلتا، انسحب ضباط وجنود الأمن المركزي من جميع المواقع معلنين اعتصامهم داخل المعسكرات. ورفعوا لافتات كتبوا عليها: quot;كرامة الشرطة من كرامة الوطنquot;، quot;لصالح من إقحام الشرطة في الصراعات السياسيةquot;، quot;لا للتضحية بالضباط والأفراد من أجل مصالح سياسيةquot;، quot;أين حق شهداء الشرطةquot;.

أكلها الصدأ
قال مصدر أمني مسؤول في وزارة الداخلية إن الضباط والأفراد معذورون في التظاهر والاحتجاج. وأضاف لـquot;إيلافquot; إنهم جزء من الوطن، الذي يعاني أبناؤه أزمات متلاحقة ومعقدة، ويعجز النظام الحاكم عن حلها.

وأشار المصدر إلى أن وزير الداخلية يحاول قدر الإمكان حل المشاكل، التي يعانيها االضباط والأفراد، رافضًا التسليم بأنه يزجّ بهم في الصراعات السياسية، ومنوهًا بأن حفظ الأمن وحماية المنشآت العامة والخاصة جزء أصيل من مهمة جهاز الشرطة في أي مكان في العالم، وليس في مصر فقط.

ولفت المصدر إلى أن الشرطة تحتاج إعادة النظر في تسليحها بشكل جيد، في ضوء ارتفاع معدلات الجريمة بشكل غير مسبوق، وتنوع وحداثة الأسلحة التي يستخدموها المجرمون. وقال: quot;لم تعد تجدي العصي وطبنجات 9 مللي، والبنادق القديمة جدًا، وبعض هذه الأسلحة عفا عليها الزمن، أكلها الصدأ، ولا تصلح أبدًاquot;.