على الرغم من أن تهديدات كوريا الشمالية المروّعة قد تبدو هزلية، إلا أن العالم يراقب بقلق كيم جونغ أون، ويتخوف من أن تعود شخصيته الفكاهية والغريبة بنتائج مدمّرة على البلاد والدول المجاورة.


العديد من صور كيم جونغ أون تبدو فكاهية وساخرة إلى حد بعيد. في صورة واحدة، بدا الديكتاتور القصير والبدين يرتدي بدلة مزررة وهو يدرس خارطة، وصفت بشكل متفاخر بأنها quot;خطة لهجمة قاضية على أراضي الولايات المتحدةquot;.

وتبين أخيراً أن الصور التي تظهر فيها طائرات حربية تتدرب على الهبوط على حاملة بحرية، تم التلاعب بها بوساطة الفوتوشوب، للمبالغة في القوة العسكرية لكوريا الشمالية.

لكن عندما أعلنت حكومة كيم جونغ أون في وقت مبكر يوم السبت أن quot;الوقت قد حان للمعركة النهائيةquot;، واصفة العلاقات مع كوريا الجنوبية بأنها quot;حالة حربquot;، أخذت الكثير من عواصم العالم هذه التهديدات على محمل الجد.

على محمل الجد
quot;تصريحات كوريا الشمالية الجديدة كانت غير بناءة ومثيرة للقلق. نحن نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، ونبقى على اتصال وثيق مع حلفائنا في كوريا الجنوبيةquot;، قالت هايدن كيتلين المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض.

ناشدت الصين بالهدوء، واستشعرت عن بعد التصعيد في التوتر، في حين قال وزير الخارجية الروسيسيرغي لافروف إن quot;الأمور ببساطة تخرج عن نطاق السيطرةquot;.

فرصة لاستعراض العضلات
كوريا الجنوبية - العدو اللدود لكوريا الشمالية، والتي تصف البلاد باعتبارها دمية في يد الولايات المتحدة - انتخبت رئيساً جديداً في الشهر الماضي، ووفرت فرصة لكوريا الشمالية لاستعراض عضلاتها، كما فعلت في كل مرة يتم فيها تعيين حكومة جديدة.

لكن العديد من الخبراء والمراقبين يقولون إنه على الرغم من إعلان quot;حالة الحربquot; الجديدة، إلا أن الجانبين في حالة حرب رسمية منذ عام 1953. وشبه الجزيرة هي واحدة من البؤر الأكثر توتراً بين الجيشين المدججين بالسلاح، وكثيراً ما أظهرت الشمالية استعدادها لدفع المواجهات إلى حافة الهاوية.

توفي ما يقدر بنحو 1.2 مليون شخص في الحرب الكورية (1950 ndash; 1953)، ولكن منذ الهدنة التي تم التوصل إليها بمعاهدة سلام رسمية، ظلت شبه الجزيرة الكورية منطقة حرب من الناحية التقنية حتى يومنا هذا. علاوة على ذلك، يشكك خبراء عسكريون في أن كوريا الشمالية في الواقع قادرة على شنّ الهجمات التي تهدد بها.

شخصية غير مكتشفة
كيم جونغ أون (30 عاماً)، لا يزال غير معروف من حيث الشخصية ودقة القرارات، ولا يمكن التنبؤ بأفعاله ونتائجها، علماً أنه استلم السلطة منذ عام واحد فقط بعد وفاة والده كيم جونغ إيل في ديسمبر/ كانون الأول 2011.

البلاد التي يسكنها 24 مليون نسمة هي في حد ذاتها سر غامض، ومغلقة أمام العالم، لا سيما وأن أكثر من 200.000 شخص يقبعون في معسكرات الاعتقال، بينما يفرّ الكثير من المنشقين.

من الحاكم؟
سؤال آخر يطرحه الخبراء حول الشخص الذي يدير شؤون البلاد: هل هو كيم أو جنرالات البلاد؟. يعتقد المحللون أن الجنرالات العسكريين هم أصحاب السلطة في البلاد، التي تتمتع برابع أكبر قوات مسلحة في العالم، مع نحو 1.19 مليون جندي في الخدمة العسكرية الفعلية.

منذ توليه السلطة، حقق كيم جونغ أون الجهود المبذولة لجعل نفسه نموذجًا وللتشبه بأسلوب جده، كيم إيل سونغ، الذي أسس جيشًا محترفًا، وأرسل وكلاءه لمحاولة اغتيال رئيس كوريا الجنوبية، حتى إنه يعتمد قصة الشعر نفسها في محاولة للتماهي مع مثاله الأعلى.

الصين تفسر الإشارات
ونظراً إلى أنه لا يمكن معرفة الكثير عن البلاد، فإن السرية هي التي تثير قلق العديد من دول العالم. كما إن الصين هي الدولة الوحيدة، التي لديها اتصال حقيقي مع حكام quot;الدولة المنبوذةquot;، ما يترك لواشنطن وسيول خياراً واحداً، وهو قراءة ما بين السطور وتفسير الإشارات.

وهددت كوريا الشمالية أمس بإغلاق مجمع كايسونغ الصناعي، وهو مجموعة من المصانع داخل حدودها مع كوريا الجنوبية، مع العمال من كلا الجانبين، والذي يعتبر الرمز الوحيد للتعاون بين الكوريتين.

كوريا الجنوبية... رمادًا
وقال بريان مايرز، المحلل في شؤون كوريا الشمالية في جامعة دونغ زيو في كوريا الجنوبية، لصحيفة نيويورك تايمز: quot;كوريا الشمالية تقول: إذا تجرأت الولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية على التعدي على أراضينا، فسوف نحولها إلى رمادquot;، وبدورها تستجيب الجنوبية بالقول إنها سوف تنتقم بتفجير تماثيل كيم إيل سونغ.

ويعتقد المحللون أن كوريا الشمالية قد تشنّ 500.000 طلقة ذخيرة على الجنوب في غضون الساعة الأولى من الهجوم، لا سيما وأن سيول تبعد أقل من 200 كيلومتر عن بيونغ يانغ.

مخيلة للمواجهة
لكن قاعدة إيتاويون العسكرية في سيول، التي تعتبر مقراً لنحو 28.500 جندي أميركي متمركزين في كوريا الجنوبية، لا تزال في حال من الهدوء. وقال أحد المسؤولين الأميركيين في القاعدة: quot;لا يحدث شيء غير طبيعي. نحن لسنا حتى في حالة تأهبquot;.

على الرغم من ذلك، يتخوف العديد من الخبراء من أن كوريا الشمالية قادرة على شنّ هجوم من نوع آخر لا يتعلق بالصواريخ، أي هجوم إلكتروني أو عمل إرهابي تنفذه القوات الخاصة، وفقاً لباري بافل، مدير مركز quot;برنت سكوكروفتquot; للأمن الدولي.

وأضاف: quot;في مثل هذه الأوقات، تحتاج قليلًا من المخيلة، وأن تكون على استعداد لمواجهة الأشياء، التي تبدو غير قابلة للتصديق لمجرد أنها لم تحدث من قبل، لكن هذا لا يعني أنها بعيدة الاحتمالquot;.