يتعرّض رسام الكاريكاتير الجزائري علي ديلم لحملات عنيفة لوقفه عن تناول شخصيات سياسية وعسكرية، فتم استجوابه عشرات المرات في السنوات الأخيرة، لذا لا يستغرب ديلم قمع النظام المصري لباسم يوسف الذي يرى أنه فتح الطريق أمام شكل جديد من أشكال الهجاء السياسي.


رأت تقارير صحافية أميركية أنه إذا كان يتعيّن على الرئيس المصري محمد مرسي أن يعرف الطريقة التي يتعامل من خلالها مع معارضيه ومنتقديه، وفي مقدمتهم الإعلامي الساخر باسم يوسف، فعليه أن ينظر إلى الجزائر، حيث يقدم هناك رسام الكاريكاتير المخضرم، علي ديلم، مجموعة رسومات تنتقد الأوضاع السياسية بطريقة ساخرة، تحمل في فحواها الكثير والكثير تجاه نظام بوتفليقة وقادته العسكريين.

أوضحت مجلة التايم الأميركية أن علي ديلم يشنّ حملات انتقاد واسعة ضد نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكبار قادة الجيش هناك على مدار سنوات.

لكن بعد محاولات، لا حصر لها، من أجل وقف الأعمال التي يقدمها ديلم، يبدو أن الحكومة الجزائرية قد توصلت إلى نتيجة واضحة، وهي أنه لا يمكن وقف ديلم، أو على الأقل، سوف تتسبب مساعي إيقافه في إلحاق أضرار بالغة بصورة البلاد في الخارج.

الأمن خط أحمر
وقال ديلم quot;حتى القضاة يعلمون أنه ليست في مصلحتهم ملاحقتي. وتكتيك الحكومة الآن هو أن بمقدورك أن تتحدث وأن تصرخ طالما أنك لا تجازف بتعريض استقرار البلاد للخطرquot;.

هذا وسبق أن تم استجواب ديلم ما لا يقلّ عن 50 مرة على مدار الأحد عشر عاماً الماضية، بتهمة إهانة قادة الجزائر، وهي المخالفة، التي جرّمت بموجب القانون عام 2001، حين وقع بوتفليقة على ما أطلق عليه quot;تعديل ديلمquot;، ما سمح بإصدار أحكام تصل إلى السجن لمدة 12 شهراً، ودفع غرامة قدرها 250 ألف دينار جزائري (3177 دولاراً) للصحافيين، الذين يسبّون أو يهينون الرئيس وكبار قادة الجيش.

هذا ما وضع ديلم تحت طائلة القانون مرات عدة، بسبب ما يقدمه من محتوى في الرسوم الكاريكاتورية التي يتم نشرها. وبسؤاله عن عدد المرات التي أدين فيها بهذا الخصوص، رد ديلم ضاحكاً: quot;هذا سؤال سهل، فلم يسبق لي أن فزت بقضية واحدةquot;.

ثم نوهت التايم بأن رسوم ديلم لطالما جذبت عددًا كبيرًا من المشاهدات على الإنترنت، بينما تنتشر رسوماته المنتقدة للأوضاع والشخصيات في باقي منطقة الشرق الأوسط.

محامي ديلم quot;بائسquot;
وأكدت التايم أن متاعب ديلم القانونية، من خلال ذهابه إلى أقسام الشرطة ومثوله دومًا أمام القضاة، تمثل سمة مميزة لحياته على مدار سنوات، ويكفي أنه يصف المحامي، الذي يستعين به، علي ميزياني، بـ quot;البائسquot;.

زيادة شعبية
فيما أشار هذا المحامي، من جانبه، إلى أن الحكومة خلصت في النهاية إلى أن مثل هذه المحاكمات التي تجري لديلم لا تعمل إلا على تشويه صورة الجزائر، وأنها غير مجدية بالفعل، لاسيما وأنها تعمل في حقيقة الأمر على زيادة شعبية ديلم بشكل كبير.

وتابع ميزياني متحدثاً للتايم عبر الهاتف من الجزائر العاصمة: quot;من الواضح أن الحكومة تتعمد عدم التدخل. وتحاول الحكومة أن تمنح قدرًا من حرية التعبير. وهو ما يعود فقط إلى رغبة المسؤولين الحقيقية في الاعتناء بصورة البلاد أمام العالم الخارجيquot;.

وأكد ديلم أنه، ومنذ بدايته في العمل بهذا المجال، منذ أن كان يبلغ من العمر 21 عامًا، والأمور بدأت تتطور معه، إلى أن بات يتلقى تهديدات على مدار السنين من جانب النظام والإسلاميين المحافظين على حد سواء، وأنه توارى عن الأنظار طوال جزء كبير من تسعينات القرن الماضي، خلال فترة الحرب الأهلية المدمّرة، التي نشبت بين الجيش والجماعات الإسلامية المتشددة، التي راح ضحيتها حوالي 200 ألف شخص.

ولفت كذلك إلى أنه قضى فترات خلال السنوات الأخيرة في باريس، وأنه حينما كان يشعر بالخطر، فإنه كان يختفي بالأشهر، بعيداً حتى عن أمه، داخل مدينة الجزائر نفسها.

وقال ديلم في الأخير إنه لم يفاجَأ من الطريقة التي تعامل بها نظام الرئيس المصري مرسي مع الإعلامي الساخر، باسم يوسف، وأكد أنه لا يستغرب رد فعل النظام حاليًا، موضحًا أن يوسف نجح في فتح الطريق أمام شكل جديد من أشكال الهجاء السياسي.