واجه قرار السلطات العراقية تعليق تراخيص 10 قنوات فضائية معارضة استياءً دوليا اليوم الثلاثاء حيث أكدت الامم المتحدة أنه يأتي في وقت حرج ستكون له تأثيرات سلبية على الجهود المبذولة لتحقيق الإستقرار في البلاد ودعت الى الإسراع بإلغاء قرارها هذا فيما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن القرار استهدف قنوات المعارضة وترك فضائية العراقية الحكومية حرة في بثها.

حث رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر هيئة الإعلام والاتصالات العراقية اليوم على إعادة النظر في قرارها بتعليق تراخيص عدد من القنوات التلفزيونية في البلاد. وشدد بالقول quot;تعد حرية الصحافة إحدى الركائز الأساسية للديمقراطية التي تأخذها الأمم المتحدة على محمل الجدquot;. وأضاف المبعوث الأممي quot;يأتي هذا القرار في وقت حرج يمر به العراق وإنني أحث الهيئة على التقيّد بشكل كامل بالتزامها بحرية الصحافة، كما أحث في الوقت نفسه جميع وسائل الإعلام على اتباع معايير النزاهة وأخلاق المهنة في عملها اليومي.
ومن جهتها، حثت مديرة مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في العراق لويز هاكستهاوزن، السلطات العراقية على الأخذ في الاعتبار أن هذه الإجراءات المتطرفة quot;قد يكون لها تأثيرات سلبية على الجهود المبذولة لتحقيق الإستقرار إذ إن الإعلام المسؤول يلعب دوراً حيوياً في ضمان الحوار الذي يستند إلى حرية التعبير كوسيلةٍ لحل الخلافات.quot; وقالت السيدة quot;نرجو من السلطات العراقية إعادة النظر في القرار بعناية وعلى وجه السرعة.quot;
هيومان رايتس ووتش : القرار استهدف قنوات المعارضة وحدها
ومن جانبها قالت منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; إن quot;قرار سحب التراخيص استهدف قنوات المعارضة على وجه التحديد في حين تركت قنوات مثل قناة العراقية حرة ببثهاquot;. ودعت في بيان اليوم هيئة الاعلام والاتصال العراقية الى التراجع الفوري عن قرارها بسحب إجازات القنوات الفضائية العشر والسماح لها بالاستمرار في عملها . واشارت الى ان قرار سحب التراخيص استهدف قنوات المعارضة على وجه التحديد في حين تركت قنوات مثل قناة العراقية (الحكومية) حرة ببثهاquot;.
وأضافت المنظمة أن quot;القرار لم يتخذ بناء على اسس قانونية مع الاخذ في الاعتبار تاريخ السلطات اللامسؤول في ملاحقة وسائل الاعلام المعارضةquot;. وطالبت الحكومة العراقية بإصلاح النظام القضائي والقبض على العناصر المتورطة بقتل المتظاهرين إذا أرادت وقف العنف .
هيئات صحافية تعتبر القرار طعنا في صميم النظام الديمقراطي
وفي وقت سابق، دعا مرصد الحريات الصحافية العراقي هيئةquot;الإعلام والاتصالاتquot; إلى تقديم إيضاحات حول مبررات قرارها إلغاء رخص 10قنوات فضائية، ومنعها من العمل في العراق، وتحديد معايير quot;التحريضquot;، التي تم بموجبها اتخاذ هذا القرار. وقال quot;إن القبول بهذا القرار والتسليم بالمبررات التي طرحها يمثل سابقة تطعن في صميم النظام الديمقراطي الحديث والسياقات الدستورية الواضحة الداعية إلى عمل وسائل الإعلام في كل الظروف وفي مختلف الأحوالquot;.
وأشار إلى أن مثل هذا القرار يؤسّس لخطوات لاحقة، تتمثل في فرض المزيد من القيود على العمل الإعلامي، وهو الأمر الذي تكرر بشكل ملفت خلال السنوات الماضية من عمر النظام السياسي في العراق، وبعدما تحوّل من الحكم الشمولي إلى النظام التعددي الذي تتاح فيه الحريات للجميع.
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية قررت الاحد الماضي تعليق عمل 10 قنوات فضائية لـquot;تبنيها خطابًا طائفيًاquot;، رافق أحداث الحويجة، وأكدت أن تلك القنوات عملت على quot;تمزيقquot; نسيج العراق الاجتماعي، من خلال التحريض على العنف والكراهية الدينية، والدعوة إلى ممارسة أنشطة quot;إجرامية انتقاميةquot;، مشددة على ضرورة إدراك أن حرية التعبير عن الرأي quot;ليست حقًا مطلقاًquot;.
وأضافت الهيئة أن quot;من تلك القنوات على وجه التحديد (بغداد، والشرقية، والشرقية نيوز، والبابلية، وصلاح الدين، والأنوار2، والتغيير، والفلوجة)quot;، مبينة أن تلك القنوات اعتمدت quot;نهجًا تصعيديًا اقرب إلى التضليل والتهويل والمبالغة منه إلى الموضوعية، يهدد وحدة البلد، ويعمل على تمزيق نسيجه الاجتماعيquot; من دون أن تطرح أمثلة وأدلة عن حقيقة quot;التهديدquot;، الذي مثلته تغطيات تلك القنوات على quot;النسيج الاجتماعي العراقيquot;.
وأوضحت الهيئة في بيان أنه quot;انطلاقًا من المسؤولية الأخلاقية والمهنية، التي تحتم على وسائل الإعلام إشاعة الأهداف الثقافية والوطنية وضمان كل الحقوق والحريات بما ينسجم وإشاعة روح التسامح والتعايش والانتماء الوطني، لوحظ أخيرًا من خلال رصد خطاب بعض القنوات الفضائية، الذي رافق أحداث الحويجة بتاريخ 23 و2013/4/24، تبنيها خطابًا تصعيديًا متشنجًا، تجاوز كل المستويات المهنية، التي تشترطها مواثيق ومدونات السلوك المهني وقواعد البث والإرسالquot;.
وتابعت الهيئة أن القنوات المذكورة quot;دعت إلى ممارسة أنشطة إجرامية انتقامية، كما لم تخل تغطياتها من تهديد للنظام الديمقراطي والسلم الأهلي، لاسيما عبر بثها بيانات وتصريحات عدائية لجهات محظورة دستوريًا وقانونيًا، بحكم ارتباطها الواضح مع التنظيمات الإرهابية، وارتكابها الجرائم بحق الشعب العراقي كـ(جماعة الطريقة النقشبندية)quot;. وأكدت الهيئة أن quot;تغطيات هذه القنوات التي رافقت أحداث الحويجة تجاوزت حدودا مهنية أخرى، كالابتعاد عن الدقة والنزاهة والتوازن، التي تضمن منح المتلقي وصفًا مهنيًا وحياديًا للأحداث، فضلًا عن تغليب الآراء المنحازة وإطلاق الأحكام والاجتهادات السياسية للقناة في التغطية وغياب التوازن باستعراض وجهات نظر أخرى للموضوع في التغطيةquot;.
وتابعت الهيئة أن quot;من المؤشرات السلبية الأخرى التي سُجلت على أداء تلك القنوات الفضائية غياب القرائن أو المصادر التي توثق صحة المعلومات المتعلقة بمجريات الأحداث على الساحة، والاكتفاء في بعض الأحيان ببث أخبار ومعلومات تفتقد للمصادر الداعمة لها، ولاسيما أنها تنطوي في مضمونها على نبرة تهديد لمبادئ الديمقراطية والتعايش السلميquot;.
وكانت السلطات الأمنية العراقية منعت في الأسبوع الماضي الصحافيين من الاقتراب من بلدة الحويجة، التي تجمع فيها محتجون ناقمون على الحكومة، حاصرتهم قوات عسكرية وأمنية. وقد تم اقتحام الساحة، التي تجمع فيها المحتجون في الحويجة فجر يوم 23 من الشهر الحالي، وحصلت اشتباكات دامية، سقط فيها العشرات بين قتلى وجرحى من دون تغطية إعلامية، ولم يصل إلى وسائل الإعلام سوى شهادات متضاربة، نقلت بعض وسائل الإعلام وجهًا واحدًا لها، في حين نقلت وسائل إعلام أخرى وجهها الآخر، والحال تنطبق على الصور والأفلام والأرقام التي تسرّبت من مكان الحادث. وتبادلت الحكومة العراقية وخصومها الاتهامات حول من تسبب في إراقة الدماء، فيما أدى غياب الصحافيين إلى فقدان رواية محايدة وتوثيق منهجي لما حصل هناك.