علّقت السلطات العراقية اليوم تراخيص بثّ 10 فضائيات عراقية، بتهمة نشر خطاب طائفي مُحرّض على الإرهاب ومؤجّج للكراهية الدينية والمذهبية، وتتبع كل هذه القنوات التلفزيونية التي شملها القرار لشخصيات سنِّية.


أسامة مهدي: قال مسؤول في هيئة الإعلام والاتصالات العراقية اليوم إن الهيئة أصدرت قرارًا بتعليق عمل 10 قنوات فضائية لتبنيها خطابًا طائفيًا محرّضًا على العنف الأهلي، ومهددًا للسلم الاجتماعي.

وأشار المتحدث باسم الهيئة مجاهد أبو الهيل إلى أن تعليق البث شمل فضائيات بغداد، الشرقية، الشرقية نيوز، اللتين يمتلكهما رجل الإعلام العراقي سعد البزاز، والبابلية لنائب رئيس الوزراء صالح المطلك، وصلاح الدين، الأنوار2، ثم التغيير والغربية والفلوجة لرجل الأعمال العراقي رئيس المعهد العراقي للدراسات الاستراتيجية الشيخ خميس الخنجر، ومكتب الجزيرة القطرية.

خرق للمهنية والأخلاقيات
وقد استبقت الهيئة قرارها بتقرير، قالت فيه: quot;انطلاقًا من المسؤولية الأخلاقية والمهنية، التي تحتم على وسائل الإعلام إشاعة الأهداف الثقافية والوطنية وضمان كل الحقوق والحريات، بما ينسجم وبث روح التسامح والتعايش والانتماء الوطني، لوحظ أخيرًا من خلال رصد خطاب بعض القنوات الفضائية الذي رافق أحداث الحويجة بتاريخ 2013/4/23 و2013/4/24 تبني الأخيرة، ومنها على وجه التحديد (بغداد، الشرقية، الشرقية نيوز، البابلية، صلاح الدين، الأنوار2، التغيير، الفلوجة) خطابًا تصعيديًا متشنجًا تجاوز كل المستويات المهنية التي تشترطها مواثيق ومدونات السلوك المهني وقواعد البث والإرسالquot;.

وأضافت في التقرير الذي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه أنه quot;بدا واضحًا اعتمادها نهجًا تصعيديًا أقرب إلى التضليل والتهويل والمبالغة منه إلى الموضوعية، يهدد وحدة البلد، ويعمل على تمزيق نسيجه الاجتماعي، لاسيما وأن التغطية الإعلامية للقنوات الفضائية تباينت بين التحريض على العنف والكراهية الدينية، والدعوة الى الإخلال بالنظام المدني، من خلال تصعيد الخطاب الطائفي، فضلًا عن الدعوة إلى ممارسة أنشطة إجرامية انتقامية.

كما ولم تخلُ التغطيات الإعلامية للموضوع من تهديد للنظام الديمقراطي والسلم الأهلي، لاسيما عبر بثها بيانات وتصريحات عدائية لجهات محظورة دستوريًا وقانونيًا بحكم ارتباطها الواضح مع التنظيمات الإرهابية، وارتكابها الجرائم بحق الشعب العراقي كـ (جماعة الطريقة النقشبندية)quot;.

غياب التوازن
وأوضحت الهيئة أن التغطيات الإعلامية، التي رافقت أحداث الحويجة، تجاوزت حدود مهنية أخرى، كالابتعاد عن الدقة والنزاهة والتوازن، التي تضمن منح المتلقي وصفًا مهنيًا وحياديًا للأحداث، فضلًا عن تغليب الآراء المنحازة وإطلاق الأحكام والاجتهادات السياسية للقناة في التغطية وغياب التوازن باستعراض وجهات نظر أخرى للموضوع في التغطيةquot;.

وأشارت إلى أنه من المؤشرات السلبية الأخرى التي سُجلت على أداء القنوات الفضائية أعلاه غياب القرائن أو المصادر، التي توثق صحة المعلومات المتعلقة بمجريات الأحداث على الساحة في أحداث الحويجة، والاكتفاء في بعض الأحيان ببثّ أخبار ومعلومات تفتقد للمصادر الداعمة لها، لاسيما وأنها تنطوي في مضمونها على نبرة وتهديد لمبادئ الديمقراطية والتعايش السلميquot;.

تنظيم إعلامي
وقالت هيئة الإعلام والاتصالات إنه استنادًا إلى الصلاحيات المخوّلة لها بالأمر (65) النافذ لسنة (2004)، بتنظيم العمل الإعلامي في العراق، وضمان التزام الوسائل الإعلامية بالضوابط والشروط المنسجمة مع حرية الإعلام quot;تؤكد وتدعم هيئتنا ما ورد في القانون الدولي من حقوق أساسية تتعلق بحق التعبير وفقاً للمادة (19) من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أن quot;لكل فرد حق حرية إبداء الرأي من دون تدخل خارجي، كما ترى هيئتنا بضرورة إدراك وسائل البث الإعلامي لواجباتها بأن حق حرية التعبير عن الرأي ليس حقًا مطلقًا، فهو مقيد، حيثما يقتضي القانون، الذي يؤكد أن مبدأ القيود المفروضة على الخطاب موضح في المادة (20) من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي تحدد في أحد بنودها (بأن أي تأييد للكراهية على أساس قومي أو عرقي أو ديني يعدّ تحريضًا على التفرقة أو العداء أو العنف يجب حظره)quot;.

وأضافت أن ذلك حدا بالهيئة نحو التأكيد على وسائل البثّ أن تضع نصب عينها قوة الدور الذي تتمتع به في مناقشة أحداث وقضايا عامة في إثارة المشاعر، وأن تتحمّل مسؤولياتها لضمان عرض الأخبار والآراء بطريقة متوازنة ما بين تحقيق الدقة والحاجة إلى التخفيف من احتمال التشجيع على العنف أو الكراهية الدينية أو القومية، وأنه لا يجوز لجهات البث أن تبث أية مواد تحمل من خلال محتواها أو نبرتها الآتي:
.. مخاطر جلية للتحريض على الكراهية الدينية والمذهبية.
.. تأييد الإرهاب أو الأعمال الإجرامية، لا سيما نقل وجهات نظر أو رسائل منظمات تلجأ إلى الإرهاب أو تؤيّده.
.. مخاطر جلية تهدد النظام السياسي الديمقراطي في البلاد.

وقالت الهيئة إنه انطلاقًا من مسؤولياتها عن تنظيم الخطاب الإعلامي بما ينسجم والمعايير الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، فإن هيئة الإعلام والاتصالات تدعو وسائل البثّ الإعلامي إلى التحلي بمستوى عالٍ من المسؤولية الوطنية من خلال الالتزام بالضوابط المهنية الواردة في مدوناتها، لاسيما بثّ البرامج التي تتماشى مع معايير المجتمع المتعارف عليها بشكل عام، والمجتمع العراقي بشكل خاص، تحديدًا في ما يتعلق بوحدته الوطنية والحفاظ على هويته العربية والإسلامية في ظل التحديات التي يعانيها مجتمعنا العراقي، مع تزايد عنف الهجمات الرامية إلى تفتيت نسيجه الاجتماعي عبر إحياء مشروع الطائفية والتفرفة وإثارة النعرات المذهبية، واتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر في الأمور التي تتعلق بوحدة المجتمع العراقي أرضاً وشعباًquot;.

يذكر أن هيئة الإعلام والاتصالات هي المؤسسة المعنية بتنظيم الإعلام والاتصالات في العراق، وتأسست عام 2004. وهي تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، في ما يخص إرساء معايير التنظيم المتداخل لقطاعي الإعلام والاتصالات وإصلاحهما، لكون الفصل بين القطاعين صار يمثل عائقًا يحول دون نموهما وتطورهما. وهي هيئة مستقلة غير مرتبطة بأية جهة حكومية بموجب الدستور العراقي، مهمتها تنظيم وتطوير الإعلام والاتصالات في العراق ضمن المعايير الدولية الحديثة.

تتولى الحكومة العراقية المسؤولية المباشرة عن تطوير واعتماد سياسة استراتيجية في مجال الاتصالات وإصدار التشريعات بشأنها، وتقوم هيئة الإعلام والاتصالات بدور المنظم المستقل، الذي ينفذ هذه السياسة، إضافة إلى تطوير السياسات الميدانية الخاصة بها.