ارتفعت في الجزائر اصوات معارضة تطالب الجيش بالتدخّل لحماية المتظاهرين من قمع الشرطة، ولوقف تعيين الرؤساء والمسؤولين، ما اثار حفيظة كثيرين خائفين أن يؤدي حضور الجيش في السياسة إلى نسف جوهر الديمقراطية في البلاد.


الجزائر: جددت ناشطة معارضة جزائرية دعوتها الجيش بالتدخل من اجل حماية المتظاهرين مما أسمته quot;قمعquot; رجال الشرطة.

الدعوة جاءت بعد مطالبة أحزاب أخرى المؤسسة العسكرية، بضرورة توضيح موقفها بشأن الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد، كدعوة حزب معارض الجيش الى عدم مرافقة أي شخص الى قصر الرئاسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما أثار استنكار جهات عديدة، اعتبرت أن مطالبة الجيش بالتدخل في الحياة السياسية، تمثّل دعوة صريحة لإقامة نظام شمولي عسكري.

الجيش أمام الأمر الواقع

قالت نعيمة صالحي زعيمة حزب quot;العدل والبيانquot; أمس عبر صفحتها الرسمية على فايسبوك إنّ quot;تسلط السلطة الحاكمة وظلمها هو الذي جعل حزب العدل والبيان يضع المؤسسة العسكرية بكل فروعها أمام أمر الواقع ويطالبها بتأمين الشعب حين خروجه للشارع في تظاهرات سلمية احتجاجية يكفلها له الدستورquot;.

طالبت صالحي من الجيش أن quot;يكون صمام أمان للمتظاهرين أمام بطش فرق الأمن المأمورة من طرف السلطةquot; التي وصفتها بـquot;الفاشلة والظالمةquot;، لأن ما يقوم به هؤلاء على حدّ تعبيرها، quot;ليس شغبًا بل هو المطالبة بالحق المكفول في الدستور الذي يتغنون بتعديله في كل حين حسب الرغبة والطلبquot;.

لا أمل في السلطة

بررت المعارِضة الجزائرية نعيمة صالحي دعوتها الجيش بالتدخلبـquot;فقدان الأمل في السلطةquot;، وأنه من الواجب، quot;مخاطبة ومطالبة أبناء الشعب ( الجيش الوطني الشعبي ) لتبين لنا مواقفها الحقيقية من مطالب مصادر تركيبتها البشرية وهو الشباب الجزائري أبناء الشعب بعدما سقط القناع عن بشاعة وظلم السلطةquot;، التي تعتمد على قمع واهانة المواطنين واستعمال القوة لكتم اصواتهم بالضرب المبرح من قبل قوات الأمنquot;ـ على حدّ تعبيرها.

تضربُ مثالاً على ذلك، وتذكّر بما حدث مؤخرًا امام مقر البرلمان لما تدخلت قوات الأمن لتفريق احتجاج سلمي نظمته مجموعة من الشباب العاملين في اطار عقود ما قبل التشغيل، كما تعرض نائب عن حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض هو الآخر للضرب والتعنيف من طرف عناصر الشرطة، وعلقت صالحي على ذلك بقولها quot;حتى البرلماني الذي يحاول الدفاع عن هؤلاء المتظاهرين نال نصيبه من الضرب والاهانةquot;.

تدخّل لكن ليس استحواذًا

يشرح عبد القادر مرباح رئيس حزب التجمع الوطني الجمهوري لـquot;إيلافquot;، حقيقة موقفه الداعي هو الآخر الى تدخل الجيش الجزائري في الحياة السياسية.

يقول: quot;الدعوة التي وجهتها الى الجيش من اجل أن يتدخل، ليس لغاية الاستحواذ على السلطة، او أن يوصل شخصًا آخر الى الحكم، ولكن الجيش الجزائري له ميزات وخصائص باعتباره سليل جيش التحرير، ولأن من بين مسؤولي هذه المؤسسة مجاهدين أدوا دور الواجب وقدموا تعهدات للشهداء، فعلى هذا الأساس نقول لهم كفى ! لقد حكمتم مدة خمسين سنة، واستعملتم كل صلاحياتكم، واستحوذتم على السلطة، بينما الشعب كان يتفرج، وانتقاله الى الانتخابات مجرد انتقال شكلي، فما عليكم اليوم بعد نضج الشباب، الا أن تسلموا المشعل بإرادتكم، دون أن تحترق اياديكم، ودون أن يُنتزع منكم هذا المشعلquot;.

يشير مرباح الى أن quot;الخروج من الأزمة ليس صعبًا كما يعتقد البعض، بشرط أن نعود الى المنطق، ونحسن استعمال قواعد الديمقراطية، الأزمة اليوم في البلاد هي ازمة صندوق، وحرية الشعب في اختيار ممثليه، من اجل القضاء على ازمة الرجال الذين وضعوا البلاد في تراجيديات متعددةquot;.

العودة إلى الصندوق

حسب مرباح، المؤسسة العسكرية التي اعتادت على اختيار المسؤولين بدل الشعب، ما عليها الا أن تغيّر هذه المعايير، وأن تعود الى الصندوق الشفاف.

يضيف: quot;اذا كانت المؤسسة العسكرية تشاطرني الرأي، وتنفرد بأخلاقيات العمل الديمقراطي، فما عليها الا أن تقود الجزائر الى محطتها الأخيرة، هذه المحطة التي سيختفي فيها الجيش من حقل السياسة، دون أن يموت سياسيًا، يعني أن يبقى حيًا مراقبًا وحكماً وحارسًا على النظام العام وامن الدولة، أنا اطلب من المؤسسة العسكريةعدم مرافقة أي شخص الى قصر الرئاسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتدخلها لآخر مرة يكون بمراقبة العملية الانتخابية، وحماية حق الشعب في اختيار من يريد، وحينما يختار الشعب من يريد تسلمه المؤسسة العسكرية المشعل، وتنسحب نهائيًا من العمل السياسيquot;.

وخاطب الجيش بالقول: quot;الشيء الذي نريد هو أن نقول للمؤسسة العسكرية من فضلك ايتها المؤسسة تعبنا من سياستك، كُفي عن تعيين الرؤساء، وتعيين البرلمانيين، وتعيين المسؤولين على كافة المستويات، وانا اقول إنّ المؤسسة العسكرية التي كلفت نفسها بأداء دور سياسي، رسبتِ في تسيير البلاد سياسيًا، وما على هذه المؤسسة سوى الرجوع الى دورها الأساسيquot;.

تلويث للحياة السياسية

من جانبه، وصف أمين عام quot;جبهة الحكم الراشدquot; عيسى بلهادي، الأصوات المنادية بتدخل المؤسسة العسكرية
بـquot;الأبواق التي تسعى الى تلويث الحياة السياسيةquot;.

يشير الى أن تدخل المؤسسة العسكرية خلال وقف المساري الانتخابي مع بداية فترة التسعينيات كان أمراً مهماً من أجل اخراج الجزائر من محنتها.

ويرى أنه لا مبرر الآن لدعوة الجيش للتدخل لآن كل مؤسسات الدولة قائمة، لذلك فإنّ أي دعوة للجيش بالتدخل، مردودة لأنها تخرج المؤسسة العسكرية من مهامها المنصوص عليها دستوريًا، على حدّ تعبيره.

مخاوف من حكم عسكري شموليّ

الى ذلك، اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة النهضة محمد حديبي في تصريحه لـquot;إيلافquot; أن quot;دعوة هذه الأحزاب التي تنضوي تحت ما يسمى بــquot;مجموعة الدفاع عن الذاكرةquot;، والتي تضم نحو 14 حزبًا سياسيًا ومنظمة، لا تمثل موقف المجموعة وانما تمثل اصحابها فقطquot;.

واعتبر أنquot; دعوة الجيش للتدخل، هي دعوة لإقامة نظام عسكري شمولي، وهو أمر متناقض تمامًا مع الممارسة الديمقراطيةquot;.