قصص التعذيب في أقبية النظام السوري ليست جديدة، لكن محنة محمد شلش الذي ينتمي إلى الطائفة السنية تسلط ضوءًا على الشروخ الطائفية التي أحدثتها الحرب الأهلية في المجتمع السوري.


لندن: حين رأى محمد شلش وجه طفلته للمرة الأولى بعد عام في أحد السجون العسكرية للنظام السوري قال إن رعب تلك الأشهر تبدد في لحظة واحدة. ولكن آثار التعذيب الذي تعرض له ما زالت محفورة في جسمه.

يعيش شلش الآن مع عائلته في مأوى مكتظ باللاجئين السوريين في بلدة ريهانلي الحدودية التركية. وروى شلش البالغ من العمر 31 عاما كيف عُذب في مستشفى عسكري حيث أُرسل لإجراء جراحة في الجمجمة بعد أن أُصيبت بكسر اثناء تعرضه للضرب على يد أحد الشبيحة.

شروخ طائفية

وقال شلش لصحيفة التايمز quot;كان هناك العديد من المصابين مثلي، وكان ستة أو سبعة يموتون كل يوم. وكل يوم كنتُ أفكر ان الدور سيأتي علي للموتquot;. وفي حين أن قصص التعذيب في أقبية النظام السوري ليست جديدة فإن محنة شلش تسلط ضوءًا على الشروخ الطائفية التي أحدثتها الحرب الأهلية في المجتمع السوري.

ويقول شلش وآخرون من بلدة كفر نبودة قرب حماة إن النظام يشن حملة لتهجير السنة الذين يعيشون قرب مناطق علوية. وتابع شلش الذي أكد أن بلدته مهجورة الآن قائلا إن النظام السوري يحاول تدمير قرى هناك لإيجاد منطقة عازلة بينهم وبين السنة.

وكانت تقارير تحدثت خلال الأيام الماضية عن وقوع مجازر في بانياس والبيضا حيث اتهم سوريون هاربون من سكان المنطقة قوات الأسد بتنفيذ عمليات تطهير طائفي. وكانت محنة شلش بدأت العام الماضي عندما اعتقله شبيحة علويون مع نحو 70 آخرين بصورة عشوائية.

وقال شلش quot;ضربوني على رأسي بقضيب معدني وكانوا يمزحون اثناء ضربي. كانوا يقولون quot;انتَ جارنا ونريد ان نقتلكquot;! وبعد اصابته بكسر في الجمجمة نُقل الى سجن تابع لاستخبارات القوة الجوية حيث بقي دون علاج طيلة اسبوع.

تعذيب في المستشفى

وحين شارف على الموت نُقل الى مستشفى عسكري حيث أُزيل جزء من جمجمته في عملية جراحية. وفي المستشفى تعرض ومرضى آخرون الى التعذيب على أيدي موظفين بينهم ممرضون. وقال شلش لصحيفة التايمز انه عرف من لهجتهم انهم علويون quot;وكانوا يقولون لنا اننا ارهابيونquot;.

وكشف شلش عن ندبة دائرية كبيرة على ردفه قال انها ناجمة عن وضع جمرة من نارجيلة على جسمه في ذلك المكان والضغط عليها. وأضاف أن الآثار الموجودة على ساقيه سببها صدمات كهربائية. ونُقل شلش لاحقا الى سجن محلي في حماة حيث ابلغ نزيل أُفرج عنه عائلته بمكان وجوده.

رشوة

وهناك رأى طفلته لأول مرة قائلا quot;حين رأيتُ ابنتي نسيتُ كل ما حدث ليquot;. وحين تمكن اقاربه من جمع الرشوة المطلوبة للافراج عنه كانت عائلته نزحت الى تركيا. والتحق بها الآن وهو ينتظر اجراء جراحة له في مستشفى تركي لإخراج شظايا عظمية من رأسه. وما زال شلش يعاني الدوار واوجاعصا في الرأس وفقدان الذاكرة.

ويتذكر شلش أن كثيرين في بلدته كان لديهم اصدقاء علويون قبل الانتفاضة ولكنه استبعد ان يتمكن افراد الطائفتين من العودة الى التعايش كالسابق.

وعاد شلش قبل ايام الى بلدته في سوريا مع قريب ليجد منزله القديم دمره القصف. وفي احد حقول مزرعته عثر على جثث سبعة اشخاص من عائلة واحدة يبدو انهم قُتلوا عندما سقطت قذيفة قرب الخيمة التي كانوا يحتمون فيها. وقال شلش quot;لم نكن نعرفهم. دفنا الجثث وغادرنا المكانquot;.