طالب عدد من أهالي الجنود المحتجزين في سيناء مرسي بدكّ المعاقل التي يتحصّن فيها الإرهابيون وتسليمهم أبنائهم حتى لو تحّولوا جثثًا، محمّلين الرئيس مسؤولية أزمة الاختطاف عبر رفضه الحل العسكري ودعمه للمتشددين وإخراجهم من السجون.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: مازال الغموض يكتنف مصير الجنود المصريين السبعة، الذين تعرّضوا للاختطاف منذ فجر الأربعاء الماضي، 15 مايو/ أيار، فيما هددت الرئاسة والجيش بـquot;اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لعودة الجنود، بما فيها القيام بعملية عسكريةquot;.
في الوقت عينه، طالب أهالي الجنود الرئيس محمد مرسي، بـquot;دكّquot; الأماكن التي يختبئ فيها الإرهابيون، مؤكدين أنهم يفضّلون quot;استشهادquot; أبنائهم، على الرضوخ للجماعات المسلحة، وإسقاط هيبة الدولة.
صعوبة تحريرية
وقال مصدر أمني في مديرية أمن شمال سيناء لـquot;إيلافquot; إن المفاوضات مع الخاطفين دخلت نفقًا مظلمًا، لاسيما بعد إصرارهم على إطلاق سراح جميع السجناء الإسلاميين من السجون والمعتقلات.
وأضاف أن الخاطفين وزّعوا الجنود المخطوفين على أماكن عدة في جبال سيناء، مشيرًا إلى أن هناك صعوبة بالغة في تحريرهم عبر عملية عسكرية، خاصة أن الأمر سوف يتطلب سبع عمليات في التوقيت نفسه، وتحديد أماكن احتجاز الجنود بدقة.
مرسي متمسك بالمفاوضات
ولفت المصدر إلى أن القيام بعمليات تحرير الجنود يحتاج قرارًا سياديًا من رئيس الجمهورية شخصيًا، مشيرًا إلى أن الرئيس محمد مرسي لا يفضّل استخدام القوة المسلحة، ويفضّل الذهاب إلى أبعد مدى في التفاوض.
ونبّه المصدر إلى أن التفاوض وصل إلى أبعد نقطة بالفعل، لاسيما في ظل إصرار الجماعات الجهادية على مطالبها، ورفض استقبال المفاوضين من زعماء القبائل وعناصر المخابرات الحربية المصرية. وأضاف: quot;نحن بانتظار صدور قرار العملية العسكرية، القوات على أهبة الاستعدادquot;.
لاقتحام بلا تهاون
هذا ودعا أهالي الجنود المخطوفين الرئيس محمد مرسي إلى quot;دكّquot; الأماكن التي تختبئ فيها الجماعات الإرهابية، حتى ولو سقط أبناؤهم قتلى. وقال صبحي أبو العلا، والد الجندي المختطف، إبراهيم صبحي، إن مرسي يتعامل مع الأزمة بنوع من quot;طول البالquot;. مشيرًا إلى أن الرئيس المصري يتحمّل المسؤولية عن قتل 17 جنديًا في السابق، كما يتحمّل مسؤولية اختطاف ابنه وزملائه الستة.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أنه سمع من زملاء ابنه أن الرئيس هو من يتهاون مع الإرهابيين، ويغل يد القوات المسلحة والشرطة في مطاردتهم والقضاء عليهم. ودعا أبو العلا الرئيس محمد مرسي إلى quot;دكّquot; الأماكن التي يختبئ فيها الإرهابيون، بالدبابات والطائرات، quot;حتى ولو قتل ابنيquot;.
وقال: quot;أنا احتسبه شهيدًا منذ أن كلّف بالخدمة على الحدود مع إسرائيلquot;. وأضاف متسائلًا: quot;ما فائدة الأسلحة التي نشتريها بمليارات الدولارات إذا لم نستخدمها ضد هؤلاء الإرهابيين؟quot;.
quot;دكّquot; معاقل الإرهابيين في سيناءquot;، هو التعبير نفسه الذي استخدمه والد جندي مختطف آخر. إذ قال أحمد عبد الحميد، والد الجندي محمد، موجّهًا حديثه إلى الرئيس محمد مرسي: quot;لما إنت عارف المكان دكّه، وهات لي جثة ابني، مش هساوي واحد حرامي بابنيquot;.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية: quot;بقولك يا سيادة الرئيس دكّ الموقع وهات لي ابني جثة، أنا والد أحمد عبدالحميد، لما انت محاصر المكان دكّه، وهات لي ابني جثة، مش تتفاوض مع شوية بلطجيةquot;.
فيديو للمخطوفين
وتداول نشطاء على موقع quot;فايسبوكquot;، فيديو لمجموعة من الأشخاص، قالوا إنهم الجنود المختطفين، ظهروا فيه وهم معصوبو الأعين، وأدلى كل منهم ببيانات عسكرية.
في السياق نفسه، عقد الرئيس محمد مرسي لقاء موسعًا مع قيادات الأحزاب السياسية لبحث الأزمة، وكيفية الحل، أهو بالتفاوض أم بالعمل العسكري، فيما قاطعت جبهة الإنقاذ الوطني، المُعارِضة، اللقاء، وقالت في بيان لها، quot;يعتذر ممثلو جبهة الإنقاذ من رؤساء الأحزاب عن حضور الاجتماع الذي دعا إليه السيد رئيس الجمهورية، لمناقشة الأوضاع في سيناءquot;.
وأضاف بيان الجبهة: quot;في حين تؤكد الجبهة على أهمية هذه القطعة الغالية من أرض مصر التي تتعرّض خلال الفترة الأخيرة لأزمات أمنية واجتماعية متتالية في ظل غياب تام للشفافية، فإنها تعرب عن دهشتها للسلوك الانتقائي غير المفهوم في التواصل مع المعارضة التي تم استبعادها وإقصاؤها عن مناقشة قضايا وقوانين مصيرية ذات آثار بعيدة المدى، رغم محاولتنا المستمرة لإيجاد أرضية للمشاركة الوطنيةquot;.
ودعت الجبهة للرئيس مرسي quot;بالتوفيق فى إدارة الأزمة وتحرير الجنود المختطفين، والحفاظ على هيبة الدولة والقوات المسلحة المصرية في هذه المنطقة الغالية من أرض مصر، التي دفع أبناؤها أرواحهم للحفاظ على استقلالهاquot;.
فيما شاركت الأحزاب الإسلامية في اللقاء. وقال نصر عبد السلام، القيادي في حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، إن المشاركة تأتي في سياق مشاركة كل القوى السياسية في صنع القرار السياسي، وحل الأزمات التي تواجهها مصر.وأضاف لـquot;إيلافquot; إن اللقاء يهدف إلى تسليط الأضواء على مشاكل سيناء، وكيفية حلها، وليس أزمة الجنود المختطفين فقط.
متهم بالتقصير
وانتقدت أحزاب المعارضة الرئيس مرسي في طريقة معالجته الأزمة، محمّلة إياه المسؤولية عن اختطاف الجنود، وتدهور الأحوال الأمنية. وقال الدكتور عصام أمين، الأمين العام لحزب مصر الثورة، إن قضية خطف الجنود قضية أمنية في الأساس، وليست للأحزاب علاقة بها، داعيًا رئيس الجمهورية إلى الاجتماع مع من لديهم معلومات ودراسات ونتائج للوصول إلى حلول جذرية لأزمة الجنود المخطتفين وأزمة سيناء، والتي تمثل الخطر الأكبر على الأمن القومي لمصر.
ولفت إلى أن تأخر تحرير الجنود يعطي انطباعات سلبية حول مسألة الاستقرار في مصر، ويمنح الغطاء لكل خارج عن القانون لكي يختطف مجندًا أو أي شخص ليساوم به للهروب من جريمته، كما إن استمرار خطف الجنود سيعطي انطباعات أخطر إلى دول العالم حول الأمن في مصر، إضافة إلى تأثيره السلبي على مناخ الاستثمار.
وأضاف أن الحادثة تؤكد أن سيناء مازالت خارج السيطرة، وأن العناصر الجهادية، والتابعة لتنظيم القاعدة، تسيطر على مساحات واسعة من شبه جزيرة سيناء، وتقوم بكل العمليات التخريببة فيها، مطالبًا القوات المسلحة بالتركيز على الملف الأمني والتنموي معًا لسيناء.
الأمن القومي يتطلب تعديل quot;كامب ديفيدquot;
ودعا أمين، القوات المسلحة إلى التدخل العاجل لتحرير المجندين من أيدي الخاطفين وتسليمهم إلى القضاء لمحاكمتهم محاكمة عاجلة. كما دعا إلى التحرك بكل سرعة لتعديل اتفاقية quot;كامب ديفيدquot;، لتتمكن مصر من نشر العناصر الكافية التي تستطيع حفظ الأمن في سيناء، وضبط الحدود وحماية أمنها القومي.
وشدد على ضرورة إعادة نشر المزيد من القوات المسلحة في منطقة مثلث الموت، التي تنتشر فيها العناصر الجهادية، والتي تتوغل في المنطقة القريبة من قطاع غزة.
وطالب بحل مشاكل أبناء سيناء، وخاصة الملف الأمني والخاص بالمسجونين والمعتقلين من أبناء سيناء، وإعادة محاكمة المسجونين ممن لفّق لهم النظام السابق قضايا تهريب سلاح وترويج مخدرات، والبدء الحقيقي في عملية تنمية شاملة على الأرض في سيناء يمكنها استيعاب آلاف العاطلين عن العمل، والذين تستخدمهم الجماعات الإرهابية.
فتح لهم باب السجون
من جهته، قال محمد أنور عصمت السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، إن الرئيس مرسي أخطأ خطأ فادحًا عندما أصدرت الرئاسة بيانًا يطالب بالحرص على المحافظة على أرواح الجميع، سواء المختطفين أو الخاطفين في سيناء.
واتهم السادات مرسي بـquot;التهاونquot; بعملية إرجاعهم والقبض على الخاطفين ومحاسبتهم حسابًا عسيرًا، حتى لا تتكرر تلك المأساة التي تعتبر تعديًا واضحًا على هيبة كبرى مؤسسات الدولة. ولفت إلى أن الرئيس تعامل بنوع من اللامبالاة، على حد تعبيره، فيما قدمه إليه جهاز المخابرات من تقارير بشأن عزم الجماعات الجهادية استهداف قوات الجيش والشرطة المتمركزة في سيناء خلال الفترة المقبلة.
ونبّه إلى أن الرئيس مرسي لا بد وأن يتحمّل نتيجة وعوده للجهاديين والتكفيريين وقيامه بالإفراج عن بعضهم وانتصاره لحماس وفتح الباب على مصراعيه من دون رقابة على تواجدهم ونشاطهم في مصر، بشكل أدى إلى كوارث ومآس ندفع ثمنها اليوم.
وأضاف: quot;لن نستطيع أن نواجه تلك الكوارث، ما لم يتم اتخاذ قرارات صارمة من دون تأثير أو تدخل من مكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمينquot;.
مرسي: لا للحوار مع خاطفي الجنود
إلى ذلك، أكد الرئيس المصري رفضه الحوار مع quot;المجرمينquot;، في حين ناشد هؤلاء الجنود الرئيس في شريط فيديو مجهول على الانترنت quot;التدخل لانقاذ حياتهمquot; (التفاصيل).
التعليقات