يقاتل آلاف اللبنانيين والعراقيين إلى جانب قوات الأسد، مُلبّين دعوات دينية إلى حماية الأضرحة والمقامات الشيعية في السيدة زينب قرب دمشق، ومحاربة المعارضين السنّة، ما يهدّد بتمدد الصراع المذهبي إلى خارج سوريا، وبتفتيت المنطقة دويلات طائفية.


تتدفق أعداد كبيرة من المقاتلين الشيعة، تحديدًا من لبنان وإيران والعراق، إلى سوريا، لتعزيز صفوف القوات الحكومية، ليس فقط للدفاع عن نظام بشار الأسد، بل لحماية العقيدة الشيعية مما يعتبرونه هجمة سنّية إقليمية. وينضم هؤلاء إلى مقاتلين شيعة سوريين من أجل الدفاع عن مرقد السيدة زينب إلى الجنوب من دمشق، تحسّبًا لسيطرة المعارضة السورية على المنطقة.

وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن هذا التدفق يوفر توضيحًا أكثر واقعية لتحوّل الصراع في سوريا إلى أتون حرب طائفية قاسية، تهدّد بتفتيت المنطقة بأسرها.

فالمقاتلون الشيعة في سوريا شكلوا لواء quot;أبو الفضل العباسquot; خشية من تهديدات المقاتلين، الذين يريدون تدمير قبر السيدة زينب، بهدف توحيد صفوفهم تحت تنظيم منضبط، إلى جانب وحدات أصغر، أطلق عليها أسماء أئمة الشيعة الإثني عشر.

تلبية النداء
لا يأتي انخراط حزب الله في القتال في صفوف النظام السوري فقط دعمًا لحليفه الأسد، بل أيضًا لحماية المقامات الشيعية في البلاد. وكان أفراد الحزب بمثابة القوى المحركة الأكثر وضوحًا على مدى الأسبوع الماضي في معركة القصير، التي يسيطر عليها الثوار، والتي تعتبر شريان الحياة لنظام الأسد، لأنها ترتبط بخطوط لوجستية آمنة في وسط البلاد، تمتد من دمشق إلى الساحل السوري الذي تسيطر عليه قوات الأسد.

وقال ماهر عجيب، قائد قوات موالية للنظام السوري في منطقة السيدة زينب، لصحيفة وول ستريت جورنال، إن المقاتلين الشيعة ينشطون في حملاتهم لانتزاع السيطرة على ضواحي دمشق من الثوار، مشيرًا إلى أن هؤلاء يلبّون الدعوات الدينية إلى حماية المقدسات الشيعية في البلاد، من ضمنها ضريح السيدة زينب.

والسيدة زينب هي شقيقة أبي فضل العباس، وهو من أبناء الإمام علي، ويعتقد أنها مدفونة في هذا المرقد ذي القبة الذهبية، الذي تحيط به ساحة من الرخام الأبيض، والتي كانت تكتظ بالمصلّين قبل اندلاع الثورة ضد الرئيس السوري قبل سنتين.

ويقول عجيب إن شقيقه قتل أيضًا أثناء معركة الدفاع عن مرقد السيدة زينب، مشيرًا إلى أن عناصر حزب الله يساعدون على حماية هذا المقام، quot;وهم إخوتي أيضًا، وكلنا فداء للسيدة زينبquot;.

متطوّعون عراقيون
عدد المقاتلين الشيعة في سوريا غير واضح، لكن قائد جماعة عصائب الحق العراقية قال إنه يتلقى شخصيًا عشرات المكالمات يوميًا من ناس في المحافظات العراقية وبغداد، يريدون الذهاب إلى القتال في سوريا. أضاف: quot;من بين الدوافع التي جعلت المقاتلين العراقيين في مرقد السيدة زينب يأتون إلى هذا المكان هو الرغبة في منع تكرار العنف الطائفي الذي أعقب هجومًا استهدف مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في العام 2006، والذي اتهم تنظيم القاعدة بارتكابهquot;.

وقال المسؤول إن شيعة بدأوا بالتعبئة في الصيف الماضي، لمواجهة المقاتلين السنّة في سوريا، وإنهم أصبحوا الآن أكثر تنظيمًا.
وبحلول شهر تموز (يوليو) الماضي، كان معظم السنة قد غادروا منطقة السيدة زينب. في المقابل، تم طرد الشيعة والعلويين بشكل وحشي من الهجيرة المجاورة، الواقعة الآن تحت سيطرة الثوار السنة المتطرفين والجهاديين الأجانب، وفقًا لما يقوله السكان.

وتحوّلت منطقة السيدة زينب الآن إلى قلعة افتراضية، لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال حواجز الجيش، فيما تم إقفال محيط الضريح بالجدران الخرسانية. وأطلق الثوار أخيرًا قذائف هاون على الضريح، مهدّدين السكان عبر رسائل نصية بأنهم سيهدمون الضريح لتحويله إلى حلبة للتزلج على الجليد.

وقال عجيب إن هذه التهديدات اجتذبت عددًا كبيرًا من المقاتلين المتطوّعين، مشيرًا إلى أن quot;من يستشهد دفاعًا عن السيدة زينب كأنه استشهد في كربلاءquot;.