من المتوقع أن يعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللوحة التذكارية للزعيم السوفياتي الراحل إلى واجهة مبنى سكني كان يقطنه في موسكو. القرار نال اعجاب البعض إلا أن هناك من انتقده على اعتبار أن الفترة التي حكم خلالها بريجنيف لم تحمل الازدهار للبلاد.


عمّان: عاد الزعيم السوفياتي الراحل ليونيد بريجنيف شامخاً في قلب موسكو، إذ في إشارة للحنين إلى الماضي الذي يسخّره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تتم اعادة اللوحة التذكارية للزعيم السوفياتي الراحل ليونيد بريجنيف إلى واجهة مبنى سكني كان يقطن فيه في موسكو.
يذكر أن الرئيس الروسي بوتين كان تربى وترعرع في أحضان جهاز الاستخبارات العريق في العهد الشيوعي (كي جي بي).

مع وضد قرار بوتين
لكنّ منتقدين لقرار بوتين يقولون إن بريجنيف الذي حكم لفترة أطول من أي زعيم سوفياتي، ماعدا الدكتاتور جوزيف ستالين، اتسم عهده بالقمع السياسي، والركود الاقتصادي.
وفي المقابل، فإن كثيرًا من الروس يرون أن فترة حكم بريجنيف المولود عام 1906 التي استمرت 18 عاماً حتى وفاته في عام 1982 شهدت استقراراً اقتصادياً للقوة العظمى ويلقون اللوم على ميخائيل جورباتشوف، آخر زعيم سوفياتي في تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991.
ومن بين المبادرين بخطة إعادة اللوحة التذكارية مشرّع ينتمي الى حزب روسيا المتحدة الحاكم. وقد اثار الاقتراح انتقادات من الليبراليين.

بوتين يعزف على وتر الحس الوطني
وتزين لوحات تذكارية لشخصيات الحقبة السوفياتية العديد من المنازل السكنية بوسط موسكو لكن اللوحة التي كانت على مبنى فخم يقطن فيه بريجنيف أزيلت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي.
وكشف استطلاع اجراه الشهر الماضي مركز ليفادا المستقل أن 56 في المئة من الروس لديهم وجهة نظر ايجابية عن بريجنيف أكثر من أي زعيم آخر في الحقبة السوفياتية أو القيصر الأخير نيكولاس الثاني، أو الرئيس الراحل بوريس يلتسن الذي تولى الرئاسة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
واستخدم بوتين صور الحقبة السوفياتية من أجل تعزيز شعبيته وإذكاء الحس الوطني في حين يصور السنوات التي اعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي وحتى انتخابه رئيسًا للمرة الاولىفي عام 2000 باعتبارها فترة من الفوضى كانت روسيا فيها على وشك الانهيار.
وشبّه منتقدون فترة الحكم الطويلة لبوتين البالغ من العمر 60 عامًا بفترة حكم بريجنيف الذي ظل في الكرملين حتى تدهورت حالته الصحية إلى أن توفي وعمره 79 عامًا.
وقد وصف ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين عهد بريجنيف بأنه quot;إضافة ضخمةquot; للبلاد.

استطلاعات رأي
وكانت تقارير استطلاع الرأي الروسية، أشارت إلى أن المواطنين الروس يفضلون آخر قيصر روسي وهو نيكولاي الثاني وفلاديمير لينين وجوزيف ستالين ونيكيتا خروتشوف وليونيد بريجنيف، من بين القادة الذين حكموا البلاد في القرن العشرين.
وبحسب استطلاع سابق أجراه مركز quot;ليفاداquot; ونشر في صحيفة كوميرسانت، فإن الروس أكثر ما يتعاطفون من بين هؤلاء القادة هو مع بريجنيف، حيث صوت لصالحه ما يقارب الـ56 في المئة من المشاركين في هذا الاستطلاع مقابل 29 في المئة. في حين حصل ستالين على 50 في المئة من الأصوات مقابل 38 في المئة.
وقال تقرير لإذاعة (صوت موسكو) باللغة العربية: بالطبع اعتاد المواطنون الروس لدى الحديث عن ستالين ربط عهده بالانتصارات وعهد بريجنيف بعصر الازدهار.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد أحد من الروس راغب في أن يعيش لا في ظل عهد ستالين أو بريجنيف إلا أنهم ربطوا اسم ستالين بالانتصارات الكبيرة والفخر والعزة التي شعرت بها بلادهم في تلك الحقبة، أما في عهد ليونيد بريجنيف quot;1964-1982quot; شهدت البلاد ذروة التطور الاشتراكي ونعمت بازدهار نسبي وشعر أبناؤها بثقة في مستقبلهم...وهذا ما يفقده الكثيرون اليوم.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن القيم والمعايير الرئيسية التي اتخذها المواطنون الروس لدى الإدلاء بأصواتهم، هي الاستقرار الاقتصادي وتوفير فرص العمل والضمان الاجتماعي، وهذه القيم تجلت في أفضل أشكالها في تاريخ روسيا أثناء الحكم الاستبدادي لستالين أو أثناء الحكم غير الاستبدادي للزعيم بريجنيف.

سياسة ستالين وبريجنيف
ومع ذلك، يعتبر المواطنون الروس أن سياسة كل من ستالين وبريجنيف أفضل بكثير من سياسة الحكام الذين تحدثوا عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من القيم الليبرالية الأخرى التي لم تحظَ برغبة غالبية المجتمع الروسي آنذاك.
ويقول التقرير: الحق يقال أن ما يسمى بالحكام الليبراليين كانوا السبب في أن القيم الليبرالية فقدت مصداقيتها إلى حد كبير في أعين الناس.
ويبدو أن هذا هو السبب في أن ليونيد بريجنيف الذي لم يكن يتمتع بسمعة كبيرة بين الناس أثناء عهده، حتى أنه كان بطل الكثير من النكات، أصبح بعد ثلاثة عقود من وفاته بنظر المواطنين الروس الشخصية التي كانت ترعى الجنة الاشتراكية المفقودة.