أكثر من عشرة سفن حربية روسية في المتوسط، تنتشر قريبًا من قاعدة طرطوس التي ورثتها روسيا عن الاتحاد السوفياتي، وهي غير مستعدة للتخلي عنها. وما نشر السفن إلا عرض عضلات وتحذير من أي تدخل غربي في سوريا.


بيروت: أرسلت روسيا عشرة سفن حربية أو أكثر لتنفيذ دوريات في المياه القريبة من قاعدتها البحرية في سوريا، في خطوة يعتبرها مسؤولون أميركيون وأوروبيون موقفًا عدائيًا حديثًا، يهدف جزئيًا لتحذير الغرب واسرائيل بعدم التدخل في الحرب الأهلية الدموية في سوريا.
وتوسع الوجود الروسي في شرق البحر المتوسط، الذي بدأ يجذب انتباه المسؤولين الاميركيين قبل ثلاثة أشهر، يمثل واحدة من أكبر عمليات نشر قوات روسيا البحرية منذ نهاية الحرب الباردة. وفي حين يقول مسؤولون غربيون انهم لا يخشون صراعًا وشيكًا مع أسطول روسيا المتهالك والعجوز، إلا أنه مصدر جديد للخطر المحتمل لحدوث سوء تقدير في منطقة قابلة للاشتعال.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الاميركية عن عملية نشر السفن الروسية: quot;انه استعراض للقوة...استعراض عضلات، والأمر يتعلق ببرهنة روسيا التزامها بمصالحهاquot;.
وهذا الدعم هو محاولة من موسكو لتعزيز موقفها في أي مفاوضات حول مستقبل سوريا، وتدعيم نفوذها في الشرق الأوسط، كما يوفر أيضًا خيارات لإجلاء عشرات الآلاف من الروس في سوريا.

سلاح هجومي
تأتي هذه الخطوة في وقت تزايدت فيه حدة التوتر في المنطقة. وقال مسؤولون أميركيون الخميس إن جولة أخرى من الغارات الجوية الإسرائيلية قد تستهدف عملية نقل جديدة للصواريخ المتطورة، والأسلحة المضادة للسفن والمعروفة باسم صواريخ ياخونت، في المستقبل القريب. وتعتقد أجهزة المخابرات الإسرائيلية والغربية أن هذه الصواريخ، التي قامت روسيا ببيعها إلى سوريا في السنوات الأخيرة، ستنتقل إلى حزب الله في غضون أيام. وقد احتجت روسيا بشدة على الغارات الإسرائيلية السابقة على سوريا.
وصواريخ ياخونت هي جزء من نظام هجومي، بينما يقول ديبلوماسيون غربيون إن موسكو ستزود سوريا فقط بأسلحة دفاعية. لكن مسؤولين أميركيين واسرائيليين قلقون منذ فترة طويلة من مخزون سوريا الحالي للأسلحة النووية. فإذا نُقلت هذه الأسلحة إلى حزب الله أو جماعات مسلحة أخرى، يمكن أن تشكل تهديدًا خطيرًا على السفن الحربية الإسرائيلية والأميركية على حد سواء في المنطقة.
وعملت موسكو وواشنطن علنًا في الأيام الأخيرة على عقد مؤتمر دولي بشأن الازمة السورية، لكن توقعات نجاح المؤتمر في تحقيق تحول سياسي متراجعة، في الوقت الذي تشتد فيه حدة التوتر في المنطقة، وفي ظل دعم الولايات المتحدة وروسيا للمعسكرات المتضاربة.

ستحتفظ بطرطوس
يقول مسؤولون في وزارات الدفاع الأميركية والأوروبية إن روسيا تحاول إظهار قدرتها على ردع التدخل الخارجي في سوريا، التي تعتبرها موطئ قدم لها في الشرق الأوسط.
ويعتقد مسؤولون أميركيون وأوروبيون أن بوتين يريد منع الغرب من التفكير في عملية عسكرية في سوريا على غرار ليبيا. والرئيس الاميركي باراك أوباما لا يريد التدخل عسكريًا، لكنه قال إن موقفه قابل للتغيير في حال ثبت استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية.
من جانبها، كثفت وزارة الدفاع الاميركية خطط الطوارئ العسكرية في حال امتداد القتال إلى تركيا والأردن، وكلاهما حلفاء للولايات المتحدة. وقال مسؤولون أميركيون إن خطوة موسكو تهدف إلى اظهار أن روسيا تنوي الاحتفاظ بطرطوس، وهي ثكنتها العسكرية الوحيدة خارج الاتحاد السوفياتي السابق.
quot;انها ليست حقا قاعدةquot;، كما يقول اندريه فرولوف، المحلل في مؤسسة كاست العسكرية، مضيفًا: quot;إنها أشبه بمحطة خدمة يمكن أن تجري إصلاحات محدودة، وتملك إمدادات متواضعة جدًاquot;.
مع ذلك، يقول مسؤولون أميركيون إن روسيا قد وضعت خططًا لتوسيع قاعدتها، وتجري الآن مفاوضات مع الأسد في هذا الشأن.

صواريخ تقلق إسرائيل
وتزايد اهتمام واشنطن بهذه القاعدة، ليس لأن الولايات المتحدة تعتبرها تهديدًا بل لأن الخبراء يعتقدون أنه بطمأنة روسيا بأن القاعدة ستظل تحت سيطرة موسكو في مرحلة ما بعد الأسد، سيكون للولايات المتحدة فرصة أفضل لإقناع بوتين بكسر تحالفه مع الأسد.
ويعتقد مسؤولون أميركيون أنه بالإضافة إلى انتشار القوات البحرية، تتحرك روسيا بسرعة أكبر مما كان يعتقد سابقًا، لتسليم أنظمة الدفاع الجوي S-300 إلى سوريا.
ويقول المسؤولون إن صواريخ S-300 قادرة على إسقاط الصواريخ الموجهة، مما يصعب على الطائرات الحربية التدخل في المجال الجوي السوري.
وتسليم روسيا هذه الصواريخ لسوريا يمكن أن يخلق معضلة جديدة لإسرائيل، التي نفذت على الأقل ثلاث غارات جوية داخل سوريا في الأشهر الأخيرة، ضد شحنات أسلحة مشتبه بنقلها إلى حزب الله في لبنان.
وكانت اسرائيل حتى الآن لا تستهدف القوات السورية مباشرة، وتسعى لتجنب صراع مباشر مع الأسد، وفقًا لمسؤولين أميركيين واسرائيليين.

ليس تهديدًا
وقال مسؤول عسكري أوروبي رفيع المستوى: quot;هناك المزيد والمزيد من السفن الحربية التي تتركز بين قبرص ولبنان وتركياquot;، مضيفًا أن روسيا تسعى لحماية نفوذها في الشرق الأوسط، وتعلن ملكيتها لحصتها في طرطوس.
ويشير مسؤولون اميركيون واوروبيون إلى أن العديد من السفن الروسية ترسو في شرق البحر الأبيض المتوسط في سوريا، حيث تجري التدريبات وتقوم بإجراء الإصلاحات في الميناء، ثم تنتقل إلى خليج عدن للقيام بمهام مكافحة القرصنة.
وتوقف السفن الروسية في سوريا، وفقًا لمسؤول أميركي، هو إشارة على أن موسكو تريد أن تظهر أنها لا تزال قوة بحرية، بالرغم من أن قدرتها خبت بعد الحقبة السوفياتية ولم تعد قادرة على منافسة القدرات الغربية.
وقال كبار المسؤولين في الولايات المتحدة إن تعزيز الوجود الروسي لا يشكل تهديدًا للبحرية الأميركية، التي تملك مدمرتين في شرق المتوسط وحاملة طائرات قتالية في الخليج العربي.