استمرار النزاع في سوريا يزيد الضغط على الكونغرس الأميركي الذي يتحدث نوابه بصوت مرتفع لكنه مشوش وحذر من التورط في حرب جديدة في بلد مسلم للمرة الرابعة خلال عقد من الزمان.


يطالب العديد من المشرعين في الكونغرس باستجابة الولايات المتحدة بشكل قوي للحرب الأهلية المستعرة في سوريا. لكن في الوقت ذاته، الأصوات العالية تمتزج بالحذر من اتخاذ أي خطوات عسكرية محفوفة بالمخاطر.
تصدرت السيناتور ديان فينشتاين عناوين الصحف الأميركية في الآونة الأخيرة بعد مطالبتها بلادها برد قوي بعد المعلومات التي تحدثت عن استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية ضد سكانها.
وعلى الرغم من أن فينشتاين، الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، طالبت برد قوي، إلا أنها لم تحث على تعميق المشاركة العسكرية أو خطوات دراماتيكية أخرى، بل أيدت إعطاء دفع جديد للعمل من جانب مجلس الأمن في الأمم المتحدة، الذي رفض حتى الآن ثلاثة قرارات مدعومة من الغرب بشأن الأزمة السورية.
فينشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، ليست وحدها الحذرة في هذه المسألة، فالعديد من كبار المشرعين يطالبون بدور أقوى للولايات المتحدة، إنما من دون الاقدام على مخاطرة تدعو إلى أي تغيير جوهري في المسار الحالي.
مدفوعين بالأسى إزاء المعاناة في سوريا والحذر من الانخراط في حرب جديدة في الشرق الأوسط، بعض نواب الكونغرس يتحدثون بصوت عالٍ، ولكنهم يحملون عصا قصيرة لا تقدم ولا تؤخر.
quot;اوباما تقاعسquot;
السيناتور الجمهوري جيمس إنهوف من أوكلاهوما، عضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، قال إن الرئيس الأميركي باراك أوباما quot;تقاعسquot; في معالجة الأزمة السورية، لكنه حذر من اتخاذ خطوات عسكرية محفوفة بالمخاطر من دون أن يقدم بديلاً محدداً.
بدوره، دعا النائب إد رويس فولرتون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إلى إعطاء quot;الضوء الأخضرquot; لحلفاء الولايات المتحدة من أجل تسليح الجماعات السورية المعتدلة، لكنه لم يتحدث عن آلية أو معايير تحدد الإدارة الأميركية على أساسها الجماعات المعتدلة من الجماعات المتطرفة.
quot;انه أمر مستغرب ومثير للدهشة كيف أن الكثير من أعضاء الكونغرس يطالبون تدخل الولايات المتحدة بقوة في سوريا، إلا أن اصواتهم العالية لا فعل لها على أرض الواقعquot;، قال كريستوفر بريبل، مدير السياسة الخارجية في معهد كاتو لصحيفة quot;لوس أنجلوس تايمزquot;.
وأضاف: quot;على الرغم من أن لا أحد في واشنطن يريد أن يبدو في موقع المتفرج، إلا أن الكل يعلم أن الخيارات محدودة، إن لم نقل منعدمةquot;.
وحذرت وزارة الدفاع الأميركية من أن الأسلحة الموردة إلى الثوار يمكن أن تقع في أيدي المقاتلين المتطرفين، كما أن تدمير الدفاعات الجوية واسعة النطاق في سوريا لإنشاء منطقة quot;حظر طيرانquot; لحماية المتمردين والمدنيين هي خطوة خطيرة من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الحرب من دون أن تنجح حماية المدنيين بشكل كامل أو ترجيح كفة التوازن ضد الحكومة في دمشق.
حتى الآن لا يوجد سياسي في واشنطن يريد أن يظهر بأنه لا يتعاطف مع معاناة السوريين، أو غير مبالٍ إلى الحاجة إلى قيادة أميركية قوية لدعم إسرائيل، الحليف الذي يتعرض للخطر بسبب الحرب الأهلية في البلاد المجاورة.
ماكين يؤيد التدخل العسكري
هناك تأييد قوي لفكرة التدخل العسكري الأميركي في سوريا. من بين الدعاة لهذا التدخل السيناتور جون ماكين، وكذلك الخبراء ومراكز التحليل السياسي والعسكري.
ماكين والسيناتور كارل ليفين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، طالبًا بإنشاء مناطق quot;حظر الطيرانquot;، فيما ذهب السيناتور ليندسي غراهام خطوة أبعد من ذلك بالمطالبة بإرسال قوات برية اميركية إلى ساحة الصراع في سوريا.
على الرغم من ذلك، يدرك الكونغرس أن الشعب الأميركي ما زال يرفض بعناد التورط العسكري الأميركي في سوريا، على الرغم من أن الحرب الدائرة في البلاد أدت إلى مقتل ما يزيد عن 70 ألف شخص.
هذا يعني أن هناك الكثير من الضغط على أوباما من الرأي العام الأميركي لتجنب تورط الولايات المتحدة في حرب في بلد مسلم للمرة الرابعة خلال عقد من الزمان. لكن المطالب التي تدعوه لإيجاد حل للأزمة، من دون أي تفاصيل أو معايير محددة، بدأت تنمو على طرفي الطيف السياسي.
quot;هناك حركة أشبه بالكماشة من اليسار واليمين، وهذا ما يضغط أوباماquot; قال جيم مانلي، مساعد سابق لزعيم الاغلبية بمجلس الشيوخ هاري ريد، مضيفاً: quot;في الوقت الراهن، الضغط يبرز على مستوى الخطاب السياسي من دون اتخاذ إجراءات ملموسة. وعلى الرغم من غياب الإجابات الواضحة، إلا أن الناس يتطلعون إلى أوباما من أجل التوصل إلى حل ينهي الصراع السوريquot;.
السيناتور بوب كروكر، عضو الأقلية البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الذي كان يحث على ضبط النفس تجاه سوريا سابقاً، حوّل موقفه الشهر الماضي بالقول إنه يفضل أن تقوم الولايات المتحدة بتسليح جماعات المعارضة المعتدلة.
لكن كروكر قال في مقابلة إن الخطوة التي يدرسها أوباما، هي وسيلة لنزع فتيل التوتر مع الثوار المعتدلين الذين يشعرون بالغضب لأن الولايات المتحدة لم تزودهم بالأسلحة في حين أن بعض دول الخليج العربي تمول الجماعات الأخرى.
وقال إنه لا يؤيد إعطاء المعارضة أكثر من الأسلحة الصغيرة التي يحصلون عليها من مكان آخر، مشيراً إلى أنه ينبغي أن يكون التركيز الرئيسي للولايات المتحدة على بدء المفاوضات واستخدام الديبلوماسية لتجنب حرب محتملة بين الثوار المعتدلين والمتطرفين. وأضاف: quot;تسليح الثوار يكاد يكون رمزياً فقطquot;.