تشير تقديرات جديدة الى أن هنالك تغييراً في موقف المجتمع الدولي بخصوص الأزمة السورية، حيث قام المرشح السابق للرئاسة الأميركية بزيارة إلى تركيا وشمال سوريا واجتمع بقيادات من فيالق المسلحين المعارضين لبشار الأسد.


بينما تتوجه الأنظار إلى جنيف حيث ينعقد الأربعاء المقبل اجتماع ثلاثي يضم ممثلين عن واشنطن وموسكو والأمم المتحدة تمهيداً للمؤتمر الدولي حول الأزمة السورية، تستمر معارك بلدة القصير من دون حسم استراتيجي على الأرض يمهد الأرضية لانطلاق مثل ذلك المؤتمر الذي يهدف الى عملية انتقال سلمي ووقف القتال في سوريا.

ومع هذه التطورات، حيث لا توجد في الأفق أية خطط للتدخل العسكري الأميركي أو الغربي في سوريا، مع اشتداد الجدل حول تسليح المعارضة، فإن صحيفة (صنداي تايمز) اللندنية المحت في تقرير لها، الأحد، إلى ما أسمته بدء تشكل العاصفة حول الموقف في سوريا.
وترى الصحيفة أن هناك تغييراً ما في المجتمع الدولي بخصوص الموقف في سوريا وأن هذا التغيير يتسع شيئاً فشيئًا حيث تشير إلى قيام المرشح الرئاسي السابق جون ماكين عضو الكونغرس الأميركي بالسفر إلى تركيا، ومنها إلى شمال سوريا، حيث إجتمع بقيادات من فيالق المسلحين المعارضين لبشار الأسد.
وهنا تقول إن ماكين بعد عودته بيومين طالب من فوق الأراضي الأميركية بضرورة تسليح المعارضة السورية للإطاحة بنظام بشار الأسد.
وبالمقابل، فإن هناك شكوكًا من جانب إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما من جدوى انعقاد مؤتمر (جنيف 2). ويقول أرون ديفيد المفاوض السابق في الإدارة الأميركية quot;إن المؤتمر المزمع في جنيف قد يسرع مما تخشاه الإدارة الأميركية حيث سيؤكد للجميع أنه لا مجال لحل سياسيquot;.
ورغم عدم وجود خطط حالًيا لتدخل عسكري أميركي في سوريا إلا أن خطط تسليح المعارضة لا تبدو البديل الأمثل لواشنطن حسب خبراء أميركيين والذين يقولون إن واشنطن لا ترضى عن أغلب الفصائل المقاتلة هناك بإستثناء 25% فقط لذا لا تبدو جادة حتى الآن في إمدادهم بالسلاح لخشيتها من وصوله إلى أيدي المقاتلين الإسلاميين حسب(صنداي تايمز).
وحيث تنهي الصحيفة تقريرها بالتساؤل: quot;إذا اتفاق السلام في البلقان خلال حقبة التسعينات من القرن الماضي تطلب 10 أعوام و100 ألف قتيل وملايين المهجرين فهل تنجح نفس الخطة باكرًا في سورياquot;؟.
القصير ومؤتمر جنيف
وإلى ذلك، فإنه بينما تستميت المعارضة السورية في الدفاع عن مدينة القصير في وسط سوريا عسكرياً وسياسياً، ومحاولة الصمود في وجه الطوق المحكم الذي فرضه الجيش السوري وحزب الله على المدينة، فإنها أكدت تمسكها بشروطها لجهة رفض المشاركة في مؤتمر جنيف 2، ما لم تتوقف العمليات العسكرية quot;لقوات النظام وايران وحزب اللهquot;.
وكان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية اصدر بيانًا آخر مساء الجمعة جدد فيه اشتراطه وقف العمليات العسكرية ورحيل الرئيس السوري بشار الاسد للمشاركة في أي مؤتمر دولي لايجاد تسوية للازمة السورية القائمة منذ 26 شهرًا، والتي اودت باكثر من 94 الف قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وجاء في البيان: quot;يؤكد الائتلاف على أن رحيل الأسد والوقف العاجل للأعمال العسكرية لقوات النظام وحزب والله وإيران في سوريا هي شروط أولى للذهاب إلى مباحثات جنيف 2، لأن الأسد لم ولن يحترم أي جهود لاتفاق مستقبلي، بل سيستدرجها لكسب مزيد من الوقت في التدمير والقتل والإرهاب المنظمquot;.
وانتقد الائتلاف التصريحات الأخيرة للرئيس السوري عبر قناة quot;المنارquot; التلفزيونية التابعة لحزب الله، والتي اقر فيها بمشاركة حزب الله في المعارك في سوريا واعلن quot;موافقته المبدئيةquot; على المشاركة في المؤتمر الدولي المقترح من موسكو وواشنطن، واحتمال ترشحه الى الانتخابات الرئاسية مجددًا العام 2014.
وقال الائتلاف quot;لم يتفاجأ شعبنا بما تحدث به بشار الأسد على قناة المنار اللبنانية، كاشفاً حقيقة يعلمها الجميع عن العلاقة العضوية الفئوية التي تربطه بحزب الله، وطبيعة دوره في المشروع الإيراني القومي المذهبي كممرر ومسوّق ورأس حربة فيهquot;.
واستنكر quot;خطاب رأس النظام جملة وتفصيلاًquot;، معتبرًا اياه quot;خطابًا طائفيًا ذا أبعاد خطيرةquot;، ومنددا بـquot;الاستقواء بالدعم الروسيquot;. واعتبر الائتلاف أن موقف روسيا quot;لا يستقيم مع دولة عظمى تشارك في ما يعرف بالمبادرات السياسية لانتفاء الحيادية والموضوعيةquot;.
روسيا تعرقل مجددًا
أما على الصعيد الدبلوماسي، فما زالت روسيا تواصل عرقلتها لأية مجهودات دولية في أي اتجاه نحو حلول في الافق للأزمة، ففي نيويورك، صرح دبلوماسيون بمجلس الامن الدولي بأن روسيا عرقلت يوم السبت اصدار مجلس الامن الدولي بيانًا يعرب عن القلق من الحصار الدامي للقوات السورية ومقاتلي حزب الله لبلدة القصير السورية.
وكانت بريطانيا الرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي قد وزعت مسودة بيان على اعضاء المجلس يبديquot;القلق العميق ازاء الوضع في القصير بسوريا ولاسيما تأثير القتال الدائر على المدنيينquot;.
وحيث لابد من الموافقة على بيانات مجلس الأمن الدولي بالاجماع، قال دبلوماسي بالمجلس شريطة عدم نشر اسمه إن روسيا اعاقت مسودة البيان قائلة إنه quot;ليس من المستحسن اصدار بيان لأن مجلس الامن الدولي لم يفعل ذلك عندما سيطرت المعارضة على القصيرquot;.
ويسلط تحرك موسكو لعرقلة البيان الضوء على الهوة العميقة بين روسيا والدول الغربية بشأن كيفية معالجة الحرب الاهلية الدائرة منذ عامين.
وحثت أيضًا مسودة البيان التي حصلت رويترز على نسخة منها، القوات الموالية للرئيس السوري بشار الاسد ومقاتلي المعارضة الذين يحاولون الاطاحة به quot;بذل اقصى جهدهم لتفادي سقوط ضحايا من المدنيين وأن تمارس الحكومة السورية مسؤوليتها لحماية المدنيينquot;.
ودعت المسودة حكومة الاسد إلى quot;السماح لعناصر انسانية غير متحيزة ومن بينها وكالات الأمم المتحدة بالدخول فورًا وبشكل كامل ودون اعاقة للوصول إلى المدنيين المحاصرين في القصيرquot;.
وقال دبلوماسيون إن روسيا أبلغت أعضاء المجلس أن افضل السبل للتعامل مع سوريا هو من خلال الدبلوماسية المكثفة. ولكن احد دبلوماسي المجلس أشار إلى أن روسيا تواصل بيع السلاح لحكومة الأسد.
واتهمت موسكو بدورها الحكومات الغربية والعربية الخليجية بتقديم المال والسلاح واشكال الدعم الأخرى لمقاتلي المعارضة. وهذا ادعاء اعلنته ايضا حكومة الاسد مرارًا.
ويشار في الختام، إلى أن روسيا والصين ظلتا تعارضان محاولات فرض عقوبات على حكومة الاسد في مجلس الامن واستخدمتا حق النقض(الفيتو) ضد ثلاثة مشروعات قوانين تدين حكومة الاسد.