فيما دعت الامم المتحدة إلى إدامة زخم المصالحة الوطنية التي تحققت باجتماع القادة العراقيين واتخاذ إجراءات لإنهاء الخلافات السياسية، فقد أعلن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك موافقتهم على تمرير قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة والمخبر السري وقوانين أخرى تهم المتظاهرين المحتجين في محافظات غربية وشمالية منذ خمسة أشهر.

اكدت الأمم المتحدة اليوم على ضرورة أن يؤدي اجتماع القادة العراقيين الذي عقد امس إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وثابتة لانهاء الخلافات السياسية من اجل مصلحة العراق والشعب العراقي.
وقال رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر في تصريح صحافي وزع على الصحافة إن الانخراط في حوار صريح وبناء بين جميع القادة العراقيين هو السبيل الوحيد لإخراج العراق من الأزمة السياسية الراهنة، مشددًا على أهمية الحفاظ على الزخم الإيجابي لمبادرة المصالحة هذه التي تحققت باجتماع القادة بدعوة من رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة دعت مراراً وتكراراً إلى تشجيع الحوار.
وكان كوبلر أطلع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي الأربعاء الماضي على التطورات الحالية التي يشهدها العراق. وقالت بعثة الأمم المتحدة في العراق quot;يوناميquot; إن كوبلر وخلال تبادل لوجهات النظر مع أعضاء البرلمان، أعرب عن مخاوف جدية من ارتفاع وتيرة العنف في العراق، وخطر عودة الصراع الطائفي إلى البلاد، في حال عدم اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل القادة السياسيين.
وحذر كوبلر قائلاً: quot;تقف البلاد عند مفترق طرقquot; داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى القيام بدور أقوى في التعامل مع التطورات التي تشهدها البلاد، وإلى مزيد من التواصل مع مجلس النواب العراقي.
وشهدت بغداد امس السبت عقد قادة العراق لاجتماع رمزي موسع بعد نحو عام ونصف العام على اول محاولة لعقد لقاء مماثل، في وقت تشهد البلاد تدهوراً امنياً متصاعداً وتعصف بها ازمات سياسية متواصلة. وشهد اللقاء مصالحة بين رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي،حيث تصافح الرجلان وتبادلا القبلات تحت أنظار وتصفيق الحاضرين.
واعتبر النجيفي أن quot;اللقاء كان طيبًا وازال الخلافات وان شاء الله نبدأ بداية جديدة، وستُبنى على هذا اللقاء لقاءات أخرى لنبحث كل الملفات بروح أخويةquot;. واضاف أن هذه اللقاءات ستهدف الى معالجة quot;كل المشاكل التي يطالب بها المتظاهرون وكل المكونات العراقية بصورة صحيحة وسريعةquot;.
وشدد على أن quot;لا خلاف شخصيا مع المالكي بل هو خلاف مبني على اختلاف وجهات النظر وان شاء الله تزول جميع القضايا ونلتزم جميعاً بالدستور ونبني البلدquot;. وقال إن quot;وضع العراق كان صعبًا جدًا وعلى شفير انهيار وعلى وشك أن يشهد حربًا اهلية وهذا اللقاء كان مهمًا جداً ولا بد أن نعيد الوضع إلى استقرارهquot;.
وجاء هذا الاجتماع في وقت تشهد البلاد تدهورًا امنيًا يحمل طابعاً طائفياً، حيث قتل اكثر من الف شخص الشهر الماضي بحسب ارقام الامم المتحدة، بينما تعوق الخلافات العمل السياسي منذ انسحاب القوات الاميركية من البلاد نهاية عام 2011. وحاول قادة البلاد منذ عملية الانسحاب عقد هذا الاجتماع حول طاولة واحدة من دون ان ينجحوا في ذلك طوال الفترة الماضية.
القادة وافقوا على تمرير قوانين العفو العام والمخبر السري والاجتثاث
وترأس نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك اليوم اجتماعًا للجنة الوزارية لتقصي الحقائق المكلفة
بالتحقيق في هجوم الجيش العراقي على معتصمين بقضاء الحويجة بمحافظة كركوك شمال شرق بغداد اواخر نيسان (ابريل) الماضي مما ادى الى مصرع حوالي 50 منهم وجرح حوالي مائة آخرين.
وقال مكتب المطلك إن اعضاء اللجنة حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء وهادي العامري وزير النقل وسعدون الدليمي وزير الدفاع وكالة، اضافة الى محمد شياع السوداني وزير حقوق الانسان قد شاركوا في الاجتماع حيث تمت مناقشة افادات القادة الامنيين والوثائق والصور التي حصلت عليها اللجنة بغية ادراجها في ملف القضية، كما قالت في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot;. واضاف أن اللجنة ستتحرك على ضوء ذلك من اجل تعويض أسر الضحايا quot;وإعطاء كل ذي حق حقه والعمل الجاد على عدم تكرار مثل هكذا مأساة في أية محافظة من محافظات البلادquot;، على حد قول البيان.
وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش أكدت مطلع الشهر الماضي أن رئيس الحكومة نوري المالكي ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي ومسؤولين كبارًا في وزارتي الداخلية والدفاع، أمروا بالهجوم على ساحة اعتصام الحويجة رغم التحذيرات من استخدام القوة المفرطة.
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سارة ليا ويتسن إن عددًا من أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة بالتحقيق في حادثة الحويجة شككوا على نحو جدي في قدرتهم على استكمال عملهم عازين سبب ذلك إلى أن 'اللجنة لا تتمتع بالموارد الكافية كما يشل حركتها غياب التعاون من قوات الأمن، مما يستبعد أن يلاحقوا المطلوبين قضائيًا إذا نشر ما توصلوا إليه. وأوضحت أن عددًا من الشهود قالوا لأعضاء اللجنة البرلمانية إن القوات الأمنية قامت برش المتظاهرين بالماء الساخن وألقت القنابل الصوتية وقنابل الدخان داخل الساحة ثم اقتحمتها بالدبابات وسيارات سوداء فسوت كل شيء بالأرض.
وفي اعقاب اجتماع لجنة تقصي الحقائق أعلن المطلك موافقة قادة الكتل السياسية على تمرير قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة والمخبر السري اضافة الى انجاز 4040 معاملة لإطلاق سراح معتقلين ضمن قانون العفو الخاص.
وقال المطلك إن quot;قادة الكتل السياسية ابلغوني بموافقتهم على تمرير قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة والمخبر السري وقوانين أخرى تهم المتظاهرينquot; مشيرًا إلى أنها quot;رفعت الى البرلمانquot;. واعتبر المطلك في تصريح لوكالة quot;السومرية نيوزquot; لقاء أمس بين النجيفي والمالكي خلال اجتماع القادة العراقيين quot;بداية رائعة لكنها تحتاج الى تفعيل حقيقي للإتفاقات التي حصلتquot; مؤكداً أن quot;الوضع سيبقى غير مريح أو مطمئن إذا لم يلحق لقاء أمس بإجراءات عملية وتوضع آليات بشكل سريعquot;.
وأضاف المطلك أن quot;جميع الإشكالات ستحل إذا ما كانت هناك ارادة بين السياسيين اثناء جلسات البرلمان المقبلة لتشريع القوانين المهمة والأساسية التي تم الاتفاق عليهاquot;. وأوضح قائلاً quot;إنني اخذت كلامًا من قادة الكتل والشركاء في العملية السياسية بأنهم سيوافقون على قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة وقوانين أخرى رفعت الى مجلس النواب من ضمنها قانون رفع الحجز عن الاملاك والمخبر السري وتعديل اصول المحاكمات الجزائيةquot;، لافتًا إلى quot;أننا نسير بقانون العفو الخاص بشكل مرادف لهذا القانونquot;. وأشار الى توجه مجموعة من موظفي مكتبه الخاص اليوم الى مجلس القضاء الاعلى لإنجاز 4040 معاملة اطلاق سراح ضمن قانون العفو الخاص.
ويعتبر تمرير هذه القوانين المثيرة للجدل وموافقة مجلس النواب عليها واحدًا من ابرز مطالب المحتجين الذين يواصلون حراكهم الشعبي منذ خمسة اشهر في ست محافظات غربية وشمالية اضافة الى الغاء الإقصاء والتهميش الذي يتعرض له السنة بحسب قول اولئك المحتجين.