بدا القانون الجديد الذي يريد حزب العدالة والتنمية التركي فرضه ويخصّ مواقيت استهلاك وبيع الكحول، هو المحرّك الأساسي للاحتجاجات الأخيرة التي أدخلت البلاد في حالة من الفوضى.


اسطنبول: يصب طارق اوزكان ككثيرين غيره من المتظاهرين الذين ينزلون الى الشارع في اسطنبول منذ اربعة ايام، غضبه على القانون الجديد الذي يفرض قيودًا شديدة على بيع واستهلاك الكحول، ليبدو هذا القانون وكأنه المحرك الأساسي للتحرك.

وقال هذا الشاب وهو يجوب ممرات حديقة جيزي quot;إنها قيود صارمة جدًا واريد كسرها، إن الجميع يريد كسرهاquot;.

وهذه الحديقة العامة الصغيرة التي باتت شهيرة تقع بالقرب من ساحة تقسيم في اسطنبول وقد اشعل موضوع ازالتها فتيل الحركة الاحتجاجية على الحكومة الاسلامية المحافظة.

واضاف اوزكان quot;أنها ليست مسألة شرب أو عدم شرب الكحول فقط، فهذا القانون مخالف للحرياتquot;.

ويحظر القانون الجديد الذي اعتمد قبل نحو عشرة ايام بمبادرة من الحزب الحاكم الدعاية للمشروبات الكحولية على التلفزيون وبيع الكحول بالمفرق من الساعة 22,00 الى الساعة 6,00 صباحًا.

وهو خبر سيىء بالنسبة لمنديريس يلديريم الذي يملك احد محلات النبيذ والمشروبات الروحية المنتشرة بكثرة حول ساحة تقسيم.

وقال غاضبًا: quot;الساعة 22,00 الى 6,00 صباحاً هي تحديدًا الفترة التي ابيع خلالها اكثرquot;، quot;فماذا عساي ابيع للسيّاح، لبن العيران ؟quot;.

والعيران هو الشراب التركي المعروف الخالي من الكحول وقوامه اللبن (الزبادي) الذي وصفه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان المستهدف الرئيسي في حركة الاحتجاج مؤخرًا بـquot;الشراب الوطنيquot; وفضله على الجعة أو quot;الراكيquot; الشبيه بالعرق وهو مشروب يحتوي على اليانسون ورائج جدًا في تركيا.

كذلك لا يستكين غضب اكرم يوملو الذي قال quot;ستكون لدينا مشكلة جدية في عملناquot; متخوفًا من اغلاق محله لبيع الكحول وتسريح موظفيه الاربعة.

لذلك من غير الوارد بالنسبة له القبول بالقانون الجديد الذي ما زال ينتظر صدوره رسمياً، حتى وإن ذكر رئيس الحكومة بحصول حزبه على 50% من الاصوات اثناء الانتخابات العامة في 2011 ، ما يعطيه بالتالي حق سن القوانين كما يحلو له في شتى الميادين.

واضاف اكرم يوملو quot;هناك ايضًا الـ50% الباقون الذين اهملت حقوقهم وتطلعاتهم الى الحرية كليًاquot;.

وقال دوغان مراد وهو تاجر في الخامسة والثلاثين من عمره إنه غاضب جدًا مما يسميه سياسة quot;الامر الواقعquot;، quot;قال +سأمنع الكحول+ نقطة على السطر (...) لا شيء يصمد امام فظاظة كهذهquot;.

وعاد رئيس الحكومة المستهدف مباشرة من قبل المتظاهرين، وبرر قانونه الاحد بدوافع متعلقة بالصحة العامة. ومع أن دراسة اخيرة لمعهد الاحصاءات الوطني التركي اشارت الى أن 85% من الشعب التركي لا يستهلكون قطعاً الكحول. وقال اردوغان quot;احب شعبي ولا اريد أن يصبح مدمنًا على الكحولquot;.

وبمعزل عن مسألة الكحول، فإن طريقة ممارسة الحكم من قبل رئيس الوزراء الحالي تشكل موضع انتقاد ايضاً. فاليسار واليسار المتطرف يتهمانه بأنه يريد كم الافواه من خلال سجن جميع من يشتبه بتعاطفهم مع القضية الكردية أو الافكار الماركسية، من طلاب ومحامين أو صحافيين.

كما تتهمه اوساط العلمانيين بأنه يسعى شيئًا فشيئًا الى quot;اسلمةquot; الجمهورية العلمانية التي أسسها مصطفى كمال اتاتورك في 1923 .

وخلص دوغان الى القول quot;إن تركيا ليست المملكة العربية السعودية أو ايران، أو ما شابهquot; مؤكدًا quot;أننا في بلاد حرة ونختنق تحت كل هذه القيود. يجب أن يعلم ذلك الآنquot;.