بينما تنقسم حكومة الائتلاف البريطانية حول تسليح المعارضة السورية حيث تضغط لندن في هذا الاتجاه منذ أشهر، فإن تساؤلات بالمقابل ثارت في وجه رئيس الحكومة ديفيد كاميرون quot;كونه يضع بريطانيا في معسكر القاعدةquot; من خلال دعمه التسليح.


عمّان: في موقف نادر، عبر صحيفة quot;ديلي تلغرافquot; وجه الكاتب بيتر أوبرن سؤالاً لرئيس الحكومة قال فيه: quot;هل يمكن لكاميرون أن يشرح لنا لماذا وضعنا في صف القاعدة؟quot;. ويشير كاتب المقال إلى عزم الحكومة البريطانية على إمداد المعارضة السورية بالسلاح، والتي من بين فصائلها جماعات أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة.

ويرى أوبرن أن ديفيد كاميرون مخطئ في تصوره للوضع في سوريا عندما يفترض، مثلما افترض سلفه، توني بلير بشأن العراق، أن النزاع هناك بين الخير والشر، وأنه إلى جانب الشر، فالمعارضة السورية ليست كلها خيرا ونظام بشار الأسد ليس كله شرًا.

وإذ ذاك، فإن صحيفة quot;الإندبندانتquot; كشفت من جهتها، عن انشقاقات خطيرة داخل الحكومة البريطانية بشأن خطط كاميرون الخاصة باضطلاع بريطانيا بدور قيادي في تقديم الدعم العسكري لقوات المعارضة السورية.

وقالت إن خمسة وزراء عبروا عن قلقهم من إقدام الحكومة على إقحام بريطانيا أكثر في النزاع، وحذروا من تبعات ذلك على مستقبل علاقات بريطانيا في المنطقة. وحسب الصحيفة، فإن أبرز المعترضين على خطوة كاميرون نائب رئيس الوزراء نك كليغ، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي يرفض تدخل بريطانيا عسكريا في بلدان أجنبية.

ويقف في صف المتحمسين لإمداد المعارضة السورية بالسلاح وزير الخارجية، وليم هيغ.

وترى الاندبندنت في افتتاحيتها الرئيسة أن سياسة بريطانيا لابد ان تركز على تشجيع المحادثات السلمية، وأن الخلاف بشأن تسليح المعارضة في حد ذاته يشتت الانتباه ويحوله عن طريق الحكمة، التي هي المحادثات بين طرفي النزاع.

وتضيف الصحيفة في مقالها أنه على الرغم من وحشية نظام الرئيس بشار الأسد فإن الحل السلمي عن طريق المفاوضات أفضل من الحرب الأهلية، التي تهدد سوريا.

طاولة المفاوضات

ورأت الصحيفة أن اعتراف مصادر من مجلس الوزراء بأن تسليح المعارضة السورية قد يستغرق 18 شهرا لإجبار النظام السوري على الانضمام إلى طاولة المفاوضات،يبدو تقييما قاتما قد يتسبب بإثارة بعض المخاوف من سقوط بريطانيا في فخ الالتزام العسكري طويل الأمد،والذي قد لا يؤتي ثماره في نهاية المطاف.

ولفتت الصحيفة إلى تحذيرات الوزراء المعارضين لقرار التسليح ومن بينهم زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، في اجتماع عقد مؤخرا لمجلس الأمن الوطني من أن توريد الأسلحة إلى الجيش السوري الحر قد يؤدي إلى تصعيد حدة الصراع فقط،الأمر الذي قد يسفر عن مقتل العديد دون أي احتمال واقعي لانتصار حاسم.

كما أعربوا عن اعتقادهم بأنه من المستحيل تقريبا ضمان أن الأسلحة البريطانية لن تقع في أيدي الجماعات الجهادية المتشددة على حد قول الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في الحكومة البريطانية قولهم quot;إن كاميرون أصبح مقتنعا بحاجة بريطانيا إلى اتخاذ موقف أكثر إيجابية في الصراع السوري،لافتة إلى أن حجج التدخل هذه تم تعزيزها من قبل تصريحات فرانسوا هولاند،الرئيس الفرنسي.

وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من المزاعم التى تؤكد دعم كل من وزير الخارجية وليام هيغ،ووزير الدفاع فيليب هاموند لخطط كاميرون، إلا أن هيغ يشعر بالقلق إزاء الصعوبات التي ستواجه هذه العملية،بينما أوضح هاموند بأنه من الممكن الا يكون هناك دور كبير للقوات البريطانية في حل الصراع السوري.

المشكلة الأكبر

ومع ذلك، لفتت الصحيفة البريطانية إلى أن المشكلة الأكبر التي تواجه كاميرون تتمثل في الزعيم الديمقراطي الليبرالي كليج، الذي يملك حزبة تصويتا مؤثرا في رفض هذه الخطوة، حيث إنه لا يؤمن بأن الحل العسكري هو الحل الأوحد للقضية السورية، كما أنه لن يدعم أي محاولة لتسليح المعارضة دون دعم دولي منسق، يضم الولايات المتحدة.

تصريحات هيغ

وكان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن بلاده لن تبت في أمر تسليح المعارضة السورية إلا بعد المحادثات المقترحة لحل الصراع الدائر في سوريا. وأضاف هيغ لصحيفة quot;فرانكفورتر الغماينه تسايتونغquot; الألمانية في مقابلة أن الاولوية هي للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وروسيا لدفع الطرفين المتحاربين الى طاولة المحادثات وان كان quot;لا يشعر بالتفاؤل بدرجة كبيرةquot;.

ونقلت الصحيفة عن هيغ قوله quot;القرار الخاص بتسليم أسلحة سيعتمد على كيفية سير هذه المفاوضات وعلى تصرفات دول اخرىquot;. وصرح هيغ بأن الوقت لم يتأخر لتسليح مقاتلي المعارضة رغم المخاطر التي ينطوي عليها ذلك، خصوصا وانه لا تلوح في الافق نهاية للحرب في سوريا التي اندلعت منذ أكثر من عامين.

وقال quot;نريد حلاً سياسيًا بأسرع ما يمكن. وللأسف لا ندري ما إذا كان هذا الحل سيتحقق. الصراع يمكن أن يستمر شهورًا بل سنواتquot;.

دور حزب الله

وفي الختام، فإن صحيفة quot;فاينانشال تايمزquot; اللندني، اهتمت بدور حزب الله، ومشاركته الحاسمة أخيرًا في معركة مدينة القصير التي استعادت قوات الحكومة السورية السيطرة عليها يوم الأربعاء. وقالت الصحيفة إن انتصار قوات النظام السوري في معركة القصير وسيطرتها على المدينة جاءت بفضل مشاركة حاسمة لعناصر حزب الله اللبناني الشيعي، وهو ما يدفع بالنزاع إلى التدويل والطائفية أكثر.

وأضافت أن هناك مخاوف من أن يسعى النظام مدفوعا بانتصاره في القصير إلى الزحف نحو حلب ومدن أخرى، ويسمح بدخول مقاتلين شيعة من العراق، فيؤجج الطائفية في مواجهة مفتوحة مع المعارضة.