توجه الأمير حسن بن طلال بنداء إلى الأمتين العربية والإسلامية، محذرًا من غلبة التعصب والطائفية والتفرقة، ومناديًا بنشر التسامح والمواطنة والعيش المشترك.


عمان: تصاعدت في الآونة الأخيرة نبرة الاختلاف بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، حيث سيطرت دعوات التعصب والانغلاق الفكري وسيادة الخطاب الطائفي الذي يفرّق ولا يجمّع، وينذر بالفتك بمقدرات الأمة المادية والبشرية، وتَبدّي بعض مظاهر التنازع المحموم بين أتباع بعض المذاهب الإسلامية.
ووجه الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، نداءً إلى من وصفهم بالعقلاء والمخلصين من أبناء الأمة العربية، قادة سياسيّين وروحيّين مفكرين ومثقفين، كي ينهضوا بدورهم الريادي في نشر قيم التسامح والاحترام والمواطنة والعيش المشترك.
وجاء في النداء الذي حمل شعار quot;نداء إلى عقلاء الأمةquot;، ووصل لـquot;إيلافquot; نسخة منه، أن صوت العنف تغلب على الحوار الهادئ البنّاء، وتراجعت لغة الرحمة أمام سطوة الغلو والتشدد والتطرف والتعصب وشهوة الإقصاء.
تهديد للإنسانية
وأضاف الامير الحسن أن التصريحات المتوالية والفتاوى المهلكة، تذكرنا بخطورة هذه الممارسات، وما يمكن أن يترتب عليها من آثار نافية لوحدة الأمة ومهددة لقدرتها على مواجهة ما تتعرض له من تحديات جسام، ليس أقلها ما تشهده بلاد العرب والمسلمين من فوضى وعدم استقرار.
وبين أن الدعوات التي تحث على الكراهية والتكفير والأحقاد والانتقام وصلت حدًا يمزق نسيج الأمة الاجتماعي والوطني، ويهدّد حاضرها ومستقبلها، ويتنافى مع النموذج الإنساني الأخلاقي الذي قدمه الدين الإسلامي الحنيف إلى العالم، وتأسس على مبادئ الكرامة، والعدالة، والحرية، والشورى والإخاء.
وقال الحسن: quot;إن لقاءات القمم الإسلامية نادت بوحدة المسلمين ونبذ الفرقة والتطرف، وعدم تكفير أتباع المذاهب الإسلامية، والتأكيد على ضرورة تعميق الحوار بين المذاهب الإسلامية، كما نددت بالجرأة على الفتوى ممن ليس أهلًا لها ما يعد خروجًا على قواعد الدين وثوابته وما استقر من مذاهب المسلمينquot;.
وحدة الأمة
وأكد الأمير حسن أن اجتماع الأمة الإسلامية ووحدة كلمتها هو سر قوتها، ما يستوجب عليها الأخذ بكل أسباب الوحدة والتضامن والتعاضد بين أبنائها، والعمل على تذليل كل ما يعترض تحقيق هذه الأهداف وبناء قدراتها من خلال برامج عملية في جميع المجالات.
وأضاف: quot;الدعوة إلى الوحدة الإسلامية بالنسبة لنا ليست أمنية عاطفية، نطلقها في ساعة الخطر، التي يمر فيها عالمنا الإسلامي بالحركة ويضج بالحيرة وينضح بالتحولات الكبرى، بل هي نداء صادق يستحثنا على وجوب مخاطبة عقلاء الأمة للعمل من أجلها، واستنهاض الخيرين لتجميع طاقات الأمة، ولمِّ شملها، وتوحيد صفوفهاquot;.
وجدد الأمير الحسن الدعوة إلى إعلاء قيم الدين المشتركة فوق كل تفاصيل الخلافات المذهبية، كما أهاب بالحكماء والعقلاء إلى وقفة تأمل جادة، quot;نراجع فيها خطأ أحوالنا، وننبذ الاقتتال بين الأشقاء على أسس الاختلاف المذهبي ونتصدى بكل ما نملك للتطرف بأشكاله كافة بما يسهم في إيقاف الفتنة الطائفية وأعمال العنف الدائرة في بقاع مختلفة من الوطن العربي والإسلامي الكبيرquot;.
قيم التسامح
ودعا الحسن العقلاء والمخلصين من أبناء الأمة، قادة سياسيّين وروحيّين ومفكرين ومثقفين، إلى أن ينهضوا بدورهم الريادي في نشر قيم التسامح والاحترام والمواطنة والعيش المشترك، وأن يعملوا على تخليص الخطاب العام من التسميات والمصطلحات، التي تولّد الكراهية وتقود إلى الانقسامات؛ سواء أكانت دينية أم عرقية، وأن يأخذوا الناس إلى هدف الوحدة بالحكمة والموعظة الحسنة.
وتابع الحسن قائلًا: quot;إحياء الأمل والرجاء في النفوس يكون بالعودة إلى إنسانيتنا المشتركة، وإلى العمل المشترك فوق القطري، حتى لو اختلفنا سياسيًّا وعقائديًّاquot;، مشيرًا إلى أنه لا بد من تعظيم القواسم المشتركة واحترام الفروق ضمن إطار منظومات السلوك الأخلاقية والقيمية التي تنظم سلوكيات الناس ومُعاملاتهم. ولا ريب في أن الخير باقٍ في هذه الأمّة.
لغة الحوار
وأوضح الحسن أن الأمة اليوم بحاجة إلى تعزيز الحوار الهادف المبني على التكافؤ والاحترام، الذي يصب في إطار الصالح العام لمجتمعاتنا، ويحافظ على ثوابت الأمّة، من مشرقها إلى مغربها، quot;ونتطلع إلى تمسك أبناء الأمة برسالة الإسلام الإنسانية والنهضوية، التي لطالما أكّدها الرّواد من قادة ومفكرين ومصلحينquot;.
وناشد الأمير الأمة العمل على نبذ كل إشكال الكراهية المسيئة لصورة الإسلام قائلًا: quot;كفانا ما لحق ويلحق بنا من ضرر وإساءة بصورة الإسلام السمح جرّاء نوازع الكراهية، التي تغذي تصرفات فئات مضلّلة من المسلمين، وكفانا تصريحات وفتاوى منفلتة ودعوات منحرفة تفرّق ولا تجمّعquot;.