ليست المرة الأولى في تاريخ دولة قطر الحديث تجري عملية تنازل عن السلطة، فلقد سبقت عملية تنازل الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لنجله الشيخ تميم ليكون ثامن أمير لقطر من آل ثاني، عملية مماثلة في العام 1960.


نصر المجالي: كان الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني رابع حكام قطر من اسرة آل ثاني في فترة ما قبل الاستقلال تنازل لنجله الشيخ أحمد في 24 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1960.

وكان الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني تنازل برضى منة وبموافقة من أسرة الحكم، وهو كان يحظى بحب الشعب القطري نظراً لقربه من أبناء الشعب وأمره بمجانية التعليم والصحة والكهرباء والماء لكافة الشعب القطري وتميز فترة حكمه.

وهو أصبح حاكما لقطر في 20 أغسطس/ آب عام 1948م بعد تنازل والده الشيخ عبد الله له عن الحكم بعد 37 سنة قضاها في الحكم وهي أطول مدة حكمها حاكم من آل ثاني.

وفي عهده، تم تصدير أول شحنة بترول تجارية في عام 1949، كما تقررت مجانية التعليم والصحة والكهرباء والماء لشعب قطر.

أما الشيخ أحمد بن علي آل ثاني الذي تمت عملية التنازل له، فقد تم في عهده الاستقلال من وصاية بريطانيا، كما صدرت في عهده عملة موحدة لقطر ودبي قبل أن تنضم دبي إلى اتحاد الإمارات العربية المتحدة.

وبعد مبايعة الشيخ أحمد بن علي فإنه أصدر مرسوما بتعيين الشيخ خليفه بن حمد آل ثاني وليا للعهد، وفي عهده صدر الدستور المؤقت كما تم تشكيل أول مجلس وزراء عام 1970 واعلان الاستقلال من وصاية بريطانيا 3 سبتمبر عام 1971م.

انقلاب أبيض

في 22 فبراير/ شباط 1972 قام الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني بانقلاب أبيض ضد ابن عمه الحاكم أحمد بن علي ليصبح سادس أمراء قطر.

والشيخ خليفة هو أحد أبناء الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني، وفي عهده انضمت قطر إلى جامعة الدول العربية، وساهمت بتأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981، كما زاد إنتاجها من البترول، وتم تصدير أول شحنات الغاز الطبيعي عام 1991.

وفي 27 يونيو/ حزيران 1995 تم عزله عن الحكم في انقلاب أبيض قام به ابنه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وعاش بعدها فترة في خارج قطر، ولم يعد إليها إلا عام 2004 للمشاركة بتشيع جثمان إحدى زوجاته.

أسرة آل ثاني

يرجع أفراد أسرة آل ثاني إلى المعاضيد من الوهبه من حنظلة من بني تميم، وجدهم هو الشيخ محمد بن ثاني بن محمد بن ثامر بن علي بن سيف بن محمد بن راشد بن علي بن سلطان بن بريد بن سعد بن سالم بن عمرو بنمعضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعه بن ابي سود بن مالك بن حنظله بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن اد بن طابخه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام.

وفي عام 1848وصلت أسرة آل ثاني إلى الدوحة قادمة من فويرط بزعامة الشيخ محمد بن ثاني المعضادي الذي ولد في فويرط. وبعد وفاة والده ثاني بن محمد بن ثامر بن علي المعضادي أصبح هو زعيم عشيرة المعاضيد في فويرط.

وفي نهاية الأمر بسط الشيخ محمد بن ثاني نفوذه في مختلف أنحاء قطر، كما عزز مركزه خارجياً بالتحالف مع فيصل بن تركي أمير الدولة السعودية الثانية الذي قام بزيارة قطر في أوائل عام 1851م وفي أوائل الستينيات من القرن التاسع عشر ظهر الشيخ محمد بن ثاني كأهم شخصية ليس فقط في قطر بل أيضاً في شبه الجزيرة العربية كلها.

وفي 12 سبتمبر عام 1868م وقع معاهدة مع الكولونيل لويس بيلي المقيم البريطاني في الخليج تم بمقتضاها الاعتراف باستقلال قطر. وفي عام 1871م طلب من العثمانيين في الأحساء حمايته من أي اعتداء خارجي. وبحلول عام 1876م سلم المسؤولية الإدارية لابنه الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني وذلك بسبب تقدمه في العمر وتوفي الشيخ محمد بن ثاني عام 1879.

المؤسس الحقيقي

ولد الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني المعضادي التميمي الذي يعتبر المؤسس الحقيقي حوالي عام 1825م وتولى المسؤوليــة الكاملة في قطر عام 1876م ويعد المؤسس الحقيقي لدولة قطر، فقد كان من كبار الساسة، عمل نائباً لوالده حاكم قطر الشيخ محمد مما أكسبه خبرة ودراية سياسية كبيرة.

عمل الشيخ قاسم على أن تكون قطر بلداً موحداً مستقلاً، فهو أول رجل ظهرت قطر في ظل زعامته كياناً عضوياً واحداً متماسكاً وقد استطاع من خلال سياسته أن يعمل على توازن للاعتراف باستقلال قطر من جانب أكبر قوتين متنافستين على النفوذ في منطقة الخليج العربي وهما إنكلترا وتركيا.

وقد خاطب الشيخ قاسم الدول المجاوره وارسل أحد رجاله المخلصين وهو علي الحريري برسائل إلى ابن رشيد حاكم حائل انذاك والى الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت.

وقد لمع نجمه وزادت شعبيته، حيث استطاع أن يوحد القبائل القطرية تحت لوائه ويجمع شتاتها، وفي عهده توسعت أعمال البلاد، ونشط عمل الغوص فيها، وصار لها ميناء بحري تجاري لتصدير البضائع وتوزيعها، فكثر السكان، وتعددت الأعمال، واتسعت البلاد، وتوسع فيها العمران

وعندما دخلت القوات العثمانية إلى الاحساء 1871 للميلاد طلب من العثمانيين في الأحساء حمايته من أي اعتداء خارجي لذا رحب المتصرف مدحت باشا بابن ثاني وعينه قائم مقام على قطر بعد أن تحركت قوى كبيرة لحمايتها مما ازعج بريطانيا التي دخلت في صراع شبه دائم معه ومنعت قوات الشيخ قاسم من التوسع جنوبآ باتجاه ساحل عمان.

معركة الوجبة

أدت محاولات العثمانيين إلى زيادة قوتهم في قطرعن طريق تعيين مسؤولين عثمانيين بما في ذلك إداريين في الزبارة والدوحة والوكرة وخور العديد، وأيضاً عن طريق إنشاء جمرك في الدوحة وكذلك تعزيز الحامية العثمانية في الدوحة.

وكل ذلك أدى إلى نشوب حرب مع الشيخ قاسم في شهر مارس/ آذار 1893 في الوجبة على مسافة 15 كيلومتر غربي الدوحة.

واستطاع الشيخ قاسم وقواته إلحاق الهزيمة بالعثمانيين في المعركة الوجبة، وتعتبر هزيمة العثمانيين هذه بمثابة علامة بارزة في تاريخ قطر الحديث.