يقلق أردوغان ما حدث أخيرًا في مصر من إطاحة للحكم الإخواني، خصوصًا بعد بدء الاحتجاجات الشعبية المعارضة للحكومة التركية، خصوصًا أن الزعيمين الإسلاميين يشتركان في القمع نفسه للحريات الصحافية والمدنية وتفصيل دستور على قياسيهما.


لم تمر العاصفة السياسية التي شهدتها مصر خلال الفترة الماضية جراء الإطاحة بالرئيس محمد مرسي نزولًا عند إرادة الملايين من جموع الشعب المصري مرور الكرام، خاصة بالنسبة إلى بعض دول المنطقة التي عُرِفَت بدعمها لذلك النظام، ومن أبرزها بالتأكيد تركيا، التي كانت تراهن على هذا النظام بغية تعزيز أجندتها الإقليمية.

هاجس العدوى
ويعيش الآن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، حالة من الترقب المصحوبة بالحذر، خاصة في ظل ما تشهده بلاده من تظاهرات مماثلة لتلك التي حدثت في مصر، قبيل الإطاحة بنظام مرسي من الحكم في مطلع شهر تموز/ يوليو الجاري.

كما تحيا تركيا منذ فترة على وقع العديد من التظاهرات، التي تطالب برحيل أردوغان، على غرار ما حدث في مصر مع الرئيس السابق مرسي، بسبب ابتعاده عن العلمانية.

وبعد ما كانت تشهده العلاقات بين القاهرة وأنقرة من تنافسية منذ بداية موجة الربيع العربي قبل عامين، ها هي مصر، التي بدأت للتو الجولة الثانية من ثورتها، التي بدأت في كانون الثاني/ يناير عام 2011، تسعى إلى الانطلاق مجددًا، بالاتساق مع قلق أردوغان إزاء المستقبل، الذي ينتظر حكومته في ظل تعدد المظاهرات الداخلية.

إلى ذلك، استبعدت مصادر أن يتكرر مع أردوغان السيناريو نفسه الذي حدث مع مرسي، بأن يقف الجيش إلى جانب مطالب الشعب، نظرًا إلى ما قام به أردوغان من جهود كبيرة على صعيد التخلص من أي معارضة في الجيش التركي، عبر اعتقاله أبرز جنرالات الجيش، واتهامهم بمحاولة الإطاحة بحكومته المدنية، وهو ما نجح فيه بشكل كبير.

قمع مشترك
وسبق للرئيس المعزول محمد مرسي أن حاول فعل الشيء نفسه على صعيد تطهير الجيش، لكنه لم يفلح سوى في التخلص من عدد قليل من الجنرالات. لكن أردوغان نجح في تنفيذ سياسات استبدادية على نحو متزايد من شأنها تأجيج التوترات الاجتماعية، على غرار ما حدث في مصر. وهذا هو السبب وراء تفاقم المظاهرات المطالبة برحيل أردوغان، رغم أن أساس المشكلة في البداية كان متعلقًا بحديقة صغيرة.

ورغم انتخاب حكومتي مرسي وأردوغان بشكل ديمقراطي، إلا أنهما فرضا حدودًا على حرية الصحافة وقمعا الحريات المدنية وأدخلا تغييرات في الدستور صبّت في مصلحتهما. وهو ما أدى إلى ظهور ردود فعل سريعة من جانب الشعبين هنا وهناك، وإن كان الجانب الاقتصادي في حالة تركيا أكثر حيوية عن نظيره في مصر، ما أدى إلى تقليل احتمالات نشوب اضطرابات اجتماعية خطيرة في البلاد في تلك المرحلة على أقل تقدير.

مع هذا، توقع محللون إقليميون أن يتعرّض الاقتصاد التركي، في ظل هذه الأحداث المتصاعدة، إلى موجة كبيرة من التراجع خلال العام المقبل أو نحو ذلك. كما بدأت تحظى التظاهرات الشعبية المتزايدة بتأثيرات مباشرة على الاستثمارات الأجنبية في تركيا، وهو التطور الذي قد يؤدي إلى حدوث انقسام اجتماعي كبير في المستقبل القريب.