يشكك عدد كبير من المحتجين الأتراك في خطوة أردوغان طرح استفتاء شعبي على تطوير ميدان تقسيم، ويرون فيه مناورة لإخراج الحكومة من مأزقها، ويتهمونها بأنها ستعلن نتائج مزورة على لسان الشعب.
اقترحت حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إجراء استفتاء على المشاريع التي تخطط لتنفيذها وسط مدينة إسطنبول. وكان مقترح الاستفتاء أول مبادرة ملموسة من حكومة أردوغان لإنهاء الاحتجاجات في ميدان تقسيم، التي أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة أكثر من 5000 آخرين بجروح في أسبوعين من التظاهرات والاعتصامات.
لكنّ محتجين أبدوا شكوكهم في المقترح، واستمروا في التوافد على حديقة جيزي في ميدان تقسيم. وكانت قوات الشرطة تلجأ أحيانًا إلى استخدام الغاز المسيل للدموع ومدافع الماء والطلقات المطاطية ضدهم.
جاء مقترح الاستفتاء بعدما اجتمع أردوغان، الذي اتسم موقفه بالتحدي واللامهادنة خلال الأيام الماضية، مع وفد يضم 11 ناشطًا، بينهم أكاديميون وطلاب وفنانون في أنقرة. ولكن منظمات مشاركة في احتجاجات ميدان تقسيم وحديقة جيزي قاطعت الاجتماع، قائلة إنها لم تتلقَ دعوة، وإن من حضروا لا يمثلون المحتجين.
مطالب تجاهلها الاستفتاء
وقالت منظمة غرين بيس التركية للدفاع عن البيئة إنها رفضت المشاركة بسبب quot;بيئة العنفquot; السائدة، في حين أن منظمة quot;تضامن تقسيمquot;، التي تتولى تنسيق الاعتصام في حديقة جيزي، أعلنت أنها لم تكن مدعوة. وأكدت المنظمة مجددًا مطالبتها بإبقاء حديقة جيزي فضاء عامًا، وإقالة المسؤولين الذين استخدموا العنف ضد المتظاهرين، والإفراج عن جميع المعتقلين، وكلها قضايا لا يتطرق إليها الاستفتاء المقترح.
لكن الحوار كان أول مؤشر إلى أن أردوغان يبحث عن مخرج من المواجهة، وجاء بعد ساعات على مشاعر القلق، التي أعرب عنها قادة أوروبيون بشأن الأساليب التي استخدمتها قوات الشرطة، معربين عن الأمل بأن يخفف أردوغان من تعنته.
وأعلن حسين جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان أن الاستفتاء لن يشمل هدم مركز ثقافي،يعارض المحتجون إزالته، مُصرًّا على أن المركز قائم في منطقة زلازل، ولا بد من هدمه.
بلهجة أشد تعنتًا، قال جليك إن الحكومة لن تسمح باستمرار الاعتصام في حديقة جيزي quot;إلى يوم الدينquot;، في مؤشر إلى نفاد صبر السلطات. لكن جليك نقل أيضًا عن أردوغان أن تحقيقًا سيجريبشأن ممارسات رجال الشرطة، وأن من يثبت استخدامه القوة المفرطة سيُعاقب.
مقامرة سياسية
وأصبح أردوغان، الذي قال إن متطرفين وإرهابيين يقفون وراء الاحتجاجات، الهدف الرئيس لغضب المتظاهرين، وبالتالي فإن الاستفتاء سيكون مقامرة سياسية على نجاح الحكومة في تعبئة مؤيديها، والفوز في الاستفتاء، وعودة المتظاهرين إلى بيوتهم.
وقال جليك إن أهم نتيجة ملموسة خرج بها الاجتماع مع الناشطين هي الاحتكام إلى سكان إسطنبول عبر استفتاء، وسيُطلب منهم الإجابة عن السؤال quot;هل تقبل بما يجري، هل تريد أم لا تريد؟quot;.
لكنّ كثيرًا من المحتجين أبدوا شكوكهم في المقترح. وقالت خديجة ياماك لصحيفة كريستيان ساينس مونتر معلقة على الاستفتاء quot;لا أعتقد أن شيئًا تغيّر، ولا نعتقد أنه سيجريه، أعتقد أنه يكذبquot;.
في حين أبدى محتجون آخرون شكوكهم في طريقة إجراء الاستفتاء. فذكر ميرت يلدريم (28 عامًا)، الذي يشارك في الاحتجاج كل مساء منذ بدايته، quot;أعتقد بأنه سيكون هناك استفتاء، ولكنه لن يكون نزيهًا. سيعلنون أن الشعب يريد أن تصبح حديقة جيزي مركزًا تجاريًا. إنهم سيمارسون الغشquot;.
لكن مقترح أردوغان قد يكون مناورة ذكية عبر وضع المحتجين في موقف من يرفض استفتاء المواطنين، وبذلك معارضتهم لممارسة هي من صلب الديمقراطية، بعدما اتهم الكثير منهم أردوغان بأنه أخذ يبدي نزعات تسلطية.
سيزيد الانقسام
وقال المهندس المعماري وعضو منتدى التضامن مع محتجي تقسيم كورهان غوموش إن مقترح الاستفتاء quot;لا يكفي، ولن يساعد. فإن تخطيط المدن لا يكون بهذه الطريقةquot;. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن غوموش quot;إن الاستفتاء سيؤدي إلى مزيد من استقطاب المجتمع، وإن حديقة جيزي ستصبح ساحة معركةquot;.
وبدا المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية جليك واثقًا من أن صناديق الاقتراع ستنصف أردوغان وتؤكد صوابية موقفه. وقال جليك: quot;نحن لا نستطيع أن نتنبأ بقرار الشعب، ولكننا نعتقد أن شعبنا سيقف مع موقف حزبناquot;.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن أحداث إسطنبول quot;مقلقةquot; من دون أن يذهب إلى حد انتقاد أردوغان، فيما قال متحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن ألمانيا تتابع الأحداث باهتمام بالغ، ودعا إلى عدم التصعيد.
وكانت الاحتجاجات اتخذت منحى جديدًا يوم الأربعاء عندما انسحب آلاف المحامين من المحاكم بالرداء الأسود احتجاجًا على معاملة زملائهم، الذين اعتقلتهم قوات الشرطة قبل يوم. وهتف المحامون بإيقاع واحد أثناء انسحابهم من مبنى إحدى المحاكم في إسطنبول: quot;المحامون لا يُسحلون على الأرضquot;.
وقال متحدث باسم التلفزيون الكندي إن الشرطة اعتقلت اثنين من مراسليه يغطيان الاحتجاجات. واتصل وزير الخارجية الكندي جون بيرد بالسفير التركي للتعبير عن قلقه.
التعليقات