واشنطن: طوالأشهر بدا وزير الخارجية الاميركي وحيدا في واشنطن في مسعاه الاحادي الطرف للتوصل الى اتفاق سلام في الشرق الاوسط، الامر الذي يعتبره كثيرون وهمًا. فحتى اكثر النقاد تفاؤلا الذين اشادوا بمجهوده حافظوا على تشكيكهم في قدرته على تحقيق اي انجاز في ملف عجز عن حله الرؤساء الاميركيون على مدى عقود.

واعتبر اخرون جهوده قضية خاسرة منذ البداية الى حد ان احد المعلقين لقبه quot;الحارس الوحيدquot;. بالتالي يمكن ان تغفر لكيري ابتسامة الرضا التي علت وجهه في اثناء عودته من عمان الى دياره في وقت متاخر يوم الجمعة بعد الاعلان عن اتفاق مبدئي بين الاسرائيليين والفلسطينيين على استئناف المحادثات ربما في هذا الاسبوع.

وصفق فريق عمله عندما صعد الى طائرته وتناول زجاجة جعة واسترخى للمرة الاولى بعد اربعة ايام من المحادثات الشاقة التي اوشكت على القضاء على اماله باستئناف المحادثات. بعد اشهر من الدبلوماسية المثابرة وست رحلات مكثفة الى المنطقة، حقق كيري ما لم تحاول سلفته هيلاري كلينتون قط ان تفعل، اي اقناع الطرفين بالعودة الى طاولة التفاوض.

وفيما يدرك ان العمل الشاق بدا للتو وانه قد يتعرض لفشل علني ومهين جدا نظرا الى تباعد مواقف الطرفين، يمكنه الاستمتاع لفترة وجيزة بانجازه الاول كوزير خارجية الولايات المتحدة. نظرا الى كونه الواجهة العلنية للسياسة الخارجية الاميركية، يبدو انجازه نقطة مضيئة مرحب بها لادارة تتعرض للانتقاد اللاذع في الخارج لرفضها بذل المزيد لانهاء الازمة السورية ولانها تبدو منشغلة بمسائل محلية.

وبالرغم من تحذيرات المشككين يبدو ان المناخ السائد هذه المرة قد يكون مناسبا اكثر لتحقيق اختراق ما. وعلى المستوى الشخصي يستمتع كيري بعمله الجديد، بعد تخليه على ما يبدو عن اي طموح رئاسي، ما كان ليحول دون خوضه احد اكثر نزاعات العالم صعوبة.

ويبدو ان البيت الابيض اعطاه صكا على بياض في منطقة لا يريد الرئيس باراك اوباما بذل المزيد من الطاقة فيها. فالرئيس الاميركي تلقى صفعة كبرى عندما انهارت عام 2010 مبادرته للسلام في الشرق الاوسط في غضون اسابيع وادت الى جمود يبدو ان كيري حركه اذ سار كل شيء بحسب مخططاته.

لكن المناخ الاقليمي تبدل كذلك بعد ان اثار الربيع العربي الانتفاضات لدى الكثير من جيران اسرائيل وحرك مخاوف الدولة العبرية من تسلم جماعات معادية لها السلطة. ولطالما اشار المحللون الى ان النزاع الفلسطيني الاسرائيلي يبقى الجرح النازف الذي يغذي الغضب في العالم العربي مشددين على ان اتفاق سلام وحده قد يضمن امن اسرائيل على المدى الطويل.

كما تشهد اسرائيل عزلة دولية متزايدة على خلفية معاناة الفلسطينيين. ففي الامم المتحدة في ايلول/سبتمبر صوتت تسع دول فحسب ضد منح الفلسطينيين وضعا افضل لدولتهم. كما ان فرض الاتحاد الاوروبي في الاسبوع الفائت حظرا على تمويل المستوطنات اليهودية فيما كان كيري في عمان، قد يكون اسهم في دفع اسرائيل مجددا الى المفاوضات.

واثار هذا القرار غضب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي اكد لكيري انه quot;يضر بجهود استئناف المحادثاتquot;. لكنه قد يكون شكل تحذيرا اضافيا على ان الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر.

وقبل ساعات على اعلان كيري انجازه في مؤتمر صحافي تم تنظيمه سريعا في مطار الملكة علياء في عمان استقل مروحية اردنية الى الضفة الغربية لمقابلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله. وقال كيري لصحافيين ان quot;ممثلي شعبين فخورين قرروا اليوم ان الطريق الصعبة قدما تستحق السير فيها وان التحديات الكبرى التي نواجهها تستحق المعالجةquot;.