السنة والشيعة في صراع مفتوح في صعدة اليمنية، وقد انتقل هذا الصراع إلى المساجد في العاصمة اليمنية صنعاء، من خلال صدامات تدخلت السلطة على أثرها لتهدئة النفوس وتجنيب البلاد صراعًا دمويًا جديدًا.


صنعاء: هل يكون اختطاف دبلوماسي إيراني في صنعاء وجهًا مستجدًا من وجوه صراع مذهبي، سني - شيعي، يتطور سريعًا على امتداد خارطة الربيع العربي، ويصل إلى صنعاء، حيث يتحول التوتر بين المتطرفين السنة والمتمردين الشيعة الحوثيين إلى حرب ضروس من أجل السيطرة على مساجد في عاصمة اليمن الذي كان سعيدًا يومًا ما؟ سؤال قد تكون الاجابة عنه مرهونة بتطورات يمنية وعربية عامة.

صراع المساجد

بقيت المواجهة بين الطرفين محصورة بمنطقة صعدة الشمالية، معقل جماعة انصار الله التي يتهمها خصومها بأنها أداة إيرانية، وحيث تدور معارك من وقت إلى آخر بين الحوثيين الزيديين وبين السنة من انصار حزب الاصلاح.

لكن التوتر المذهبي وصل صنعاء مع بداية شهر رمضان، في العاشر من تموز (يوليو) الحالي، من خلال محاولة سلفيين متشددين السيطرة على مسجد إمامه زيدي، ردًا على محاولة مماثلة قام بها انصار االله في مسجد آخر إمامه سني.

فدارت الصدامات بالسلاح الأبيض، تطور إلى هجوم بالقنابل، أسفر عن وقوع خمسة جرحى، حسب ما أفاد به شهود عيان وتقرير للشرطة اليمنية. والخميس الماضي، لقي شيعيان مصرعهما واصيب أربعة آخرون بجروح بيد مسلحين مجهولين في صنعاء، كما اعلن عنصر في جماعة انصار الله لوكالة الصحافة الفرنسية في صنعاء.

وتجنبًا لمزيد من التدهور المذهبي، في بلد جمره تحت الرماد، تدخلت السلطات لدى الطرفين لتهدئة النفوس، وحصلت منهما على تعهد بعد استخدام القوة لفرض الشعائر الخاصة بهما في المساجد، بحسب وزير الاوقاف حمود عباد، الذي نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: quot;لا توجد في اليمن مساجد مخصصة للزيديين وأخرى للسنة، فالناس تتعايش وتصلي معًا منذ قرون عدة، لكن الاستقطاب السياسي يهدد بانقسامهمquot;، محذرًا من عدم تحمل ما جرى من احداث في الفترة الاخيرة مرة أخرى.

يعززون دورهم

يتركز تواجد الزيديين، المنشقين عن الشيعة الاثني عشرية، في شمال اليمن، ويشكلون ربع سكان اليمن، البالغ عددهم 25 مليون نسمة. وقد انتفض المتمردون الزيديون، المعروفون بالحوثيين نسبة الى زعيمهم عبد الملك الحوثي، في العام 2004 ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بسبب تهميش متعمد يعانون منه.

واوقعت المعارك مع الجيش حينذاك آلاف القتلى، قبل التوصل إلى وقف للنار في شباط (فبراير) 2010. وازداد احباط المتمردين حدة مع وصول عبد ربه هادي منصور هادي إلى السلطة في شباط (فبراير) 2012، كأول رئيس سني في سدة الحكم في تاريخ اليمن، خلفًا لصالح الزيدي الذي ارغمته الاحتجاجات الشعبية على الرحيل، وفقًا لأحد المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني.

واضاف رافضًا ذكر اسمه: quot;إن الحوثيين يحاولون تعزيز دورهم السياسي المتنامي عبر تحقيق وجود اكبر في المساجد، ما ينذر باشتداد نزعة التوتر الطائفيquot;.

حزب الله موجود

وأكد عبد الكريم الجذبان، المشارك في المؤتمر كأحد ممثلي التمرد، أن حزب الاصلاح القريب من الاخوان المسلمين وحلفائهم السلفيين يتحملون مسؤولية التوتر المذهبي في اليمن. وقال إن الاخوان المسلمين والسلفيين يريدون وضع جميع المساجد تحت سيطرتهم، حتى في صعدة، حيث يملكون اكبر مركز للارهاب في دماج.

يذكر أن مدرسة دار الحديث في دماج، القريبة من صعدة، كانت في صلب المواجهات التي كان بعضها دامياً بين الطرفين.

أما السلفي محمد الشبيبة، المشارك في المؤتمر، فاتهم الحوثيين بأنهم أداة بيد ايران، مشيرًا إلى أنهم اتخذوا لأنفسهم تسمية انصار الله، تيمنًا بحزب الله الشيعي اللبناني. واضاف: quot;حزب الله موجود في اليمن تحت تسمية انصار الله، وعناصره يتلقون التدريبات على السلاحquot;.

وقال المحلل فارس السقاف إن الزيديين والسنة تعايشوا سلميًا طوال قرون، quot;لكن الخطر يكمن في بروز تشيع سياسي يحتذي بالنموذج الايراني، وهذا ما لا يمكن للشعب اليمني القبول بهquot;. ويشتبه بأن ايران التي تحاول بسط نفوذها في المنطقة تعمل على تغذية التوتر الطائفي الذي يتخذ بعدًا داميًا في العراق ويهدد دولاً أخرى مثل لبنان وسوريا والبحرين.