تقف كتائب الجيش الحر على بعد 20 كيلومترًا من القرداحة، مسقط رأس آل الأسد، في ضربة مباغتة تمكنت خلالها من السيطرة على 11 قرية علوية، وخطف أحد كبار داعمي النظام السوري.

بيروت: في خطوة ميدانية مفاجئة، سدد الجيش السوري الحر ضربة في عقر دار النظام، في محافظة اللاذقية التي يسود فيها الهدوء بسبب تبعيتها التامة للنظام، وكثافة الوجود العلوي فيها، ولتحدر الرئيس السوري بشار الأسد منها. فقد تمكن مقاتلو المعارضة السورية من الاستيلاء على عدد من قرى المحافظة في هجوم مباغت شنوه منذ الأحد، وما زال مستمرًا. وقال ناشطون سوريون معارضون إن قتالًا ضاريًا يجري في المحافظة، بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية، التي حققت بعض التقدم في دمشق وحمص وحلب، بينما اعلن المعارضون اليوم الثلاثاء سقوط كامل مطار منغ العسكري قرب الحدود مع تركيا بأيديهم.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأن مسلحي المعارضة تمكنوا من الاستيلاء على عدة قرى في محافظة اللاذقية بعد مهاجمة مواقع للجيش السوري في جبل الاكراد الاحد الماضي، فدارت معارك طاحنة تكبد فيها الجانبان خسائر فادحة، إذ سقط 12 من مسلحي المعارضة و19 من القوات الحكومية في الاشتباكات. وتمثل محافظة اللاذقية معقل الطائفة العلوية التي تشكل 10 بالمئة من مجموع سكان سوريا. وعلى الرغم من وجود عدد قليل من الجيوب التي تسيطر عليها المعارضة، فإن معظم اللاذقية تحت سيطرة الحكومة السورية. وقال المرصد: quot;من المستحيل عمليًا منع الصراع الدائر في اللاذقية من التحول إلى صراع طائفيquot;.

11 قرية
ونقلت تقارير أمنية عن مصدر في اللاذقية قوله إن الاشتباكات بدأت فجر الأحد، وإن المسلحين هاجموا عشر قرى علوية انطلاقًا من بلدة سلمى، كما أظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاتلين على صلة بتنظيم القاعدة يلوحون بأيديهم من على سطح برج للجيش في قرية بارودا، وهي إحدى القرى التي سيطرت عليها المعارضة. وقالت هذه التقارير إن جبهة ريف اللاذقية اشتعلت بعد إطلاق الثوار المتمركزين في جبل الأكراد معركة أبناء عائشة أم المؤمنين، فقصفت كتائب نصرة المظلوم وأحرار الشام الإسلامية وكتيبة المهاجرين وجبهة النصرة وكتيبة صقور العز ودولة العراق والشام الإسلامية مختلف القرى الموالية للنظام بمدافع الهاون وصواريخ غراد وصواريخ محلية الصنع. وبعدها، بدأت عملية الاقتحام على محاور مرصد نباتي وحكرو والنبي يونس وكفرية وستربة وتلا. فانتهت معارك الأحد بسيطرة المعارضة على 4 قرى موالية، لتستكمل كتائب الجيش الحر الاثنين سيطرتها على 7 قرى أخرى، بينها مرصدان كان يستخدمهما النظام لقصف القرى المناصرة للثورة. وبذلك، امتدت المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الحر من قرى كفرية وبرج نباتة وبرج تلك مرورا ببرج بارودا وقرية نباتة وبومكة وبيت شكوحي والحمبوشة وصولا إلى جبل دورين ومنطقة سترية ومبانة وخربة الباد والتربة. كما أفاد المرصد أن القوات النظامية استعادت لاحقًا قرية بيت شكوحي عقب اشتباكات عنيفة. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن 20 مقاتلًا و32 عنصرًا من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها قتلوا في اشتباكات الاثنين. ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن المقدم المنشق خالد الحمود قوله إن القرى التي سيطر عليها الجيش الحر تقع على الشريط الساحلي المعروف بصغر مساحته، ما يسمح للمقاتلين المعارضين في حال واصلوا تقدمهم باستهداف مطار حميميم، أحد أهم القواعد العسكرية للنظام ويحوي صواريخ وأسلحة نوعية، إضافة إلى إمكانية استهداف المرفأ وتعطيل حركته.
إعادة توازن
وتزامنت سيطرة الجيش الحر على هذه القرى في اللاذقية، ووصوله على بعد 20 كيلومترًا من القرداحة، مسقط رأس الأسد، مع اختطاف رجل دين علوي بارز، هو الشيخ بدر الدين غزال في قرية بارودا، وهو من أبرز داعمي النظام السوري بحسب إعلام الثورة السورية. ونقلت التقارير الصحافية عن عمار الحسن، عضو اتحاد تنسيقيات الثورة في اللاذقية وريفها، تأكيدا على أن مقاتلي دولة العراق والشام الإسلامية يقفون وراء اختطاف غزال، وهم وجدوه بالصدفة أثناء تمشيطهم إحدى القرى، مرجحًا أن تتم مبادلته مع معتقلات يعتقلهن هلال الأسد، أحد أبرز الشبيحة في اللاذقية. وقالت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري إن غزال كان نائمًا في منزل أحد أصدقائه في بارودا، حين اقتحم المسلحون القرية واختطفوه من فراشه واقتادوه إلى جهة مجهولة. وتواترت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لغزال وآثار الدماء بادية على ثيابه، ما وتر الوضع أكثر فأكثر في مدينة اللاذقية. وتعتبر المعارضة السورية آل غزال من أهم العائلات العلوية الداعمة لنظام الأسد، وتؤكد أن الشيخ بدر غزال لعب دورًا كبيرًا بعد اندلاع الثورة في الترويج لنظام دمشق على أنه حامي العلويين. وتنذر المعارك المستجدة في ريف اللاذقية، حيث القرى متنوعة طائفيًا، باحتدام الصراع بين العلويين والسنة، خصوصًا أن معظم الكتائب المشاركة متشددة دينيا، مثل جبهة النصرة ودولة العراق الشام الإسلامية، على الرغم من تأكيدات عكس ذلك، أطلقتها قيادات في المعارضة السورية، بينها العلوي منذر ماخوس، عضو الائتلاف الوطني وسفيره في باريس، الذي قال لصحيفة الشرق الأوسط إن دخول الجيش الحر إلى الساحل يقطع الطريق على النظام لإنشاء كانتون طائفي، ويعيد التوازن مع القوات النظامية في اللاذقية.