أكدت مصادر عراقية وأممية وإيرانية معارضة مقتل أكثر من نصف سكان مخيم أشرف التابع لعناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية شمال بغداد في الهجوم المسلح الذي تعرض له الاحد، فيما دعت رجوي إلى نشر قوات القبعات الزرق التابعة للامم المتحدة في معسكري المنظمة في العراق للحفاظ على أمن وسلامة سكانهما، بينما دعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق نزيه ومستقل وشفاف في الهجوم.
لندن: وصفت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي الهدف المشترك لنظام طهران وحكومة العراق quot;من مذبحة الاول من ايلول سبتمبر الإجرامية في أشرف بأنه إحراق للحل الموضوعي والمتاح لتوفير الأمن لأكثر من 3000 لاجىء إيراني في معسكر ليبرتي وتمهيد الطريق لشن هجمات اوسع واقتراف مذابح أكثر في هذا المعسكرquot;.
وأضافت quot; أن القتل الجماعي الوحشي في أشرف، قد جسّد الوحشية وانعدام الرحمة للفاشية الدينية الحاكمة في إيران وعملائها في العراق وتعرض الجرحى في المستوصف الداخلي بمعسكر أشرف لوابل من الرصاص للتخلص منهم وهم راقدون على الاسرة في المستشفى من قبل المأجورين لخامنئي والمالكي هو الوجه الآخر لجريمة القصف الكيميائي لغوطة دمشق من قبل خامنئي والدكتاتور السوريquot;، كما قالت في تصريح مكتوب تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه اليوم الثلاثاء.
وأكدت أنه يجب على الامم المتحدة والحكومة الأميركية اللتين لديهما،لأسباب مختلفة، مسؤولية مباشرة عن سلامة السكان في معسكري أشرف وليبرتي، بعد هذه الجريمة الكبرى ضد الانسانية، اتخاذ تدابير عملية ومحددة لحماية السكان في المعسكرين اللذين سلما بصورة غير قانونية إلى القتلة العراقيين في عام 2009 وأن تعهد هذه الحماية لقوات القبعات الزرق وفقاً للقوانين الدولية بما في ذلك مبدأ مسؤولية الحماية والمادة 45 من اتفاقية جنيف الرابعةquot;.
وشددت رجوي على ضرورة تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق، لإجراء تحقيق نزيه محايد وشامل، حول مذبحة الأول من ايلول بحضور ممثلي ومحامي السكان والضحايا وأن تحال القضية إلى مجلس الأمن الدولي، ومحاكمة ومعاقبة المسؤولين عنها.
وأعربت عن املها بأن لا يتم تجاهل نتائج التحقيقات كما حدث في المذابح الاربع السابقة في أشرف وليبرتي، وقالت إن التحقيق النزيه يعتبر الخطوة الأولى لتجنب تكرار الجريمة ضد الإنسانية، quot;وأن اشراك المجرم الأصلي أي حكومة العراق في أي تحقيق ينطوي على انتهاك للهدف وينبغي تجنبه بصورة جادةquot;، بحسب قولها.
وكانت مصادر أمنية عراقية قالت إن الجيش العراقي والقوات الخاصة العراقية فتحت النار على سكان أشرف العزل من السلاح فجر الاحد الماضي، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى منهم.
ارتفاع عدد القتلى
وقد ارتفع عدد ضحايا الهجوم على مخيم أشرف إلى 52 قتيلاً بينهم 6 نساء و5 مكبلي الايدي وهناك 7 من السكان مفقودون لحد الآن، وأن المحاولات للعثور عليهم لم تصل إلى أية نتيجة. ويمثل عدد القتلى هذا اكثر من نصف سكان المخيم البالغ عددهم مائة فرد بعد نقل حوالي 3 آلاف منهم إلى معسكر ليبرتي بالقرب من مطار بغداد الدولي اواخر العام الماضي 2012 على امل نقلهم إلى بلدان ثالثة في أميركا وأوروبا.
ودعت المقاومة الإيرانية الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لإطلاق سراح 7 رهائن فورًا كانوا اختُطفوا كرهائن مثلما وقع في الهجوم الذي شنته القوات العراقية في تموز (يوليو) عام 2009.
وأشارت إلى أنّ هؤلاء يعتبرون أشخاصًا محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، وهم طالبو اللجوء وquot;أفراد مثيرون للقلقquot; على ما أقرت به المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وأوضحت أن21 من أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من ضمن قتلى ورهائن سكان أشرف.
وعقب الهجوم قام سكان ليبرتي البالغ عددهم حوالي 3100 فرد بالإضراب عن الطعام، معلنين أنهم يواصلون اضرابهم عن الطعام إلى أن تتوقف المجازر في أشرف بشكل كامل واعادة الرهائن إلى المخيم وأن يتم حسم مسألة توفير الحماية لسكان أشرف وليبرتي بشكل نهائي. وشددوا على ضرورة انتشار القوات ذات القبعات الزرقاء التابعة للأمم المتحدة في أشرف وليبرتي لحين نقل السكان إلى أميركا أو أوروبا.
وأكد ضابط عراقي رفيع عضو في لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العثور الاثنين على 52 جثة في المعسكر الذي يقيم فيه حوالي مائة من المعارضين الإيرانيين، في محافظة ديإلى شمال شرق بغداد. وقال الضابط: quot;دخلنا إلى معسكر أشرف وعثرنا على جثث 52 من اعضاء المنظمة في مكان واحدquot;. وأضافquot;كان عدد المتبقين الاحياء في المعسكر 42 شخصًا فقط.quot;
وقال شخص يعيش بالقرب من معسكر أشرف إن قذائف هاون سقطت الاحد على المعسكر، فيما أشارت الشرطة إلى أنّ المعارضين غضبوا اثر سقوط القذائف وهاجموا الجنود العراقيين المكلفين حماية المعسكر.
لكن منظمة مجاهدي خلق ترفض هذه الرواية متهمة القوات العراقية بارتكاب quot;مجزرةquot; في المعسكر الذي اقتحمته وقتلت 52 من عناصرها واشعلت النار في ممتلكاتهم. وقالت المنظمة إن العديد من الضحايا قتلوا بعد توقيفهم وتقييدهم، وأكدت كذلك أن هناك نحو عشرة من عناصرها مفقودين.
تأكيدات من طهران بتعاون عراقي إيراني في الهجوم
ومن جهتها، قالت قيادة الحرس الثوري الإيراني الليلة الماضية في بيان لها إن quot;أبناء المجاهدين العراقيين الشهداء البواسل قاموا بعمل ثوري واخذوا ثأرهم التاريخي من منظمة المجاهدينquot;.. وأضافت quot;هذا العمل الثوري ادى إلى ابادة ما يقرب من سبعين شخصاً من كوادر المجاهدين بينهم سبعة من مجلس القيادة ومسؤولون في المخابرات والعمليات للمنظمةquot;.
وفي الوقت نفسه، قال وزير المخابرات الإيراني إن quot;عدداً كبيراً من اعضاء المجاهدين قتلوا في المواجهة مع السلطة العراقيةquot;. وأشارت وسائل اعلام إيرانية إلى أنّ جماعة quot;التيار الشعبي لأبناء الإنتفاضة الشعبانيةquot;في العراق هي التي نفذت الهجوم ضد سكان أشرف.
وقد دفعت هذه التصريحات بالمعارضة الإيرانية إلى القول إنها quot;تظهر بوضوح أن هجوم الاول من ايلول على أشرف تم بأمر من خامنئي (المرشد الاعلى الإيراني) وقاسم سليماني (قائد الحرس الثوري الإيراني المسؤول عن ملف العراق) وبالتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية والقوات المؤتمرة بإمرة المالكيquot;.
العفو الدولية تدعو لاجراء تحقيق نزيه
ودعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى اجراء تحقيق شامل ونزيه في أعمال العنف بمعسكر أشرف للاجئين من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة. وقالت المنظمة إن هناك روايات متضاربة حول ظروف الحادث، حيث اتهم سكان المعسكر قوات الأمن العراقية بمهاجمة المعسكر وقتل العديد من السكان وإلقاء القبض على آخرين وتكبيلهم قبل قتلهم بالرصاص، فيما قدّم المسؤولون العراقيون حسابات مختلفة لما حدث، بما في ذلك إلقاء اللوم على الاقتتال الداخلي بين سكان المخيم.
وأضافت أن 100 منفي إيراني يقيمون في معسكر أشرف بعد أن تم نقل معظم سكانه إلى معسكر ليبرتي الواقع شمال شرق بغداد في السنوات الأخيرة، والذي يقيم فيه حالياً أكثر من 3000 منفي إيراني وتعرض بدوره لهجمات فتاكة مطلع العام الحالي.
وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية quot;إن السلطات العراقية فشلت في مناسبات سابقة باجراء تحقيقات فعّالة في الهجمات على مخيمات تأوي منفيين إيرانيين، وهذا يعني أنها لم تحاسب أحداً على هذه الهجمات فيما يعيش سكانها في خوف دائم على سلامتهمquot;.
وأضافت: quot;يتعين على السلطات العراقية أن تضمن اجراء تحقيق مستقل وشفاف يتفق تماماً مع المعايير الدولية في أعمال العنف بمعسكر أشرفquot; محذرة من أن فشلها في القيام بذلك quot;سيعرّض حياة الآخرين للخطر ولن يكون مقبولاًquot;. وحمّلت صحراوي حكومة العراق المسؤولية عن سلامة وأمن جميع سكان معسكري ليبرتي وأشرف ودعتها لاتخاذ تدابير فورية لضمان حمايتهم.
وفد أممي يطلع على quot;أشرفquot; بعد الهجوم
وقد زار فريق تابع للأمم المتحدة معسكر أشرف امس حيث قال مصدران أمنيان إن الجيش والقوات الخاصة العراقية فتحت النار على سكان اقتحموا موقعًا عند مدخل معسكر أشرف الذي تريد الحكومة العراقية ذات الصلة الوثيقة بالسلطات الإيرانية اغلاقه.
وقالت ايلين نبعة المتحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة إن فريقًا من مكتب المنظمة في العراق ذهب إلى المعسكر لتقييم الوضع الإنساني دون أن تقدم المزيد من التفاصيل. وأضافت أن من مسؤولية الحكومة العراقية التحقيق فيما حدث. وقال اليستير بيرت وزير الدولة للشؤون الخارجية في بريطانيا إنه أصيب بالفزع من العنف. وأضاف في بيان اليوم quot;ندينه تمامًا.quot; وحث الحكومة العراقية على حماية من تبقى من السكان في المعسكر.
وقال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إن quot;الامم المتحدة تأسف للاحداث المأساوية التي وقعت في معسكر أشرفquot; ودعا الحكومة العراقية إلى إجراء تحقيق. وأدانت السفارة الأميركية في بغداد quot;الأحداث الرهيبةquot; في المعسكر. كما دانت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة المسؤولة عن اعادة توطين ونقل اللاجئين إلى خارج العراق، وكذلك الولايات المتحدة وفرنسا العنف ضد المنظمة.
أشرف وليبرتي تعرّضا لهجومات سابقة
وكان معسكر ليبرتي تعرض لإطلاق قذائف هاون في وقت سابق من هذه السنة في هجومين قتل خلالهما ثمانية اشخاص على الاقل اعلن quot;جيش المختارquot; العراقي المرتبط بالسلطات الإيرانية مسؤوليته عنهما.
وجرى الانتقال من أشرف إلى ليبرتي بموجب اتفاق بين بغداد والامم المتحدة كمحطة موقتة قبل مغادرة العراق. ولم يعد يقيم في معسكر أشرف سوى نحو مائة من المعارضين الذين رفضوا الانتقال إلى ليبرتي قبل حسم موضوع ممتلكاتهم.
وكان نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين سمح لمنظمة مجاهدي خلق بالاقامة في معسكر أشرف (80 كلم شمال بغداد) بهدف مساندته في حربه ضد إيران بين عامي 1980و1988.
وجرد معسكر أشرف من اسلحته بعد اجتياح الولايات المتحدة وحلفائها العراق في عام 2003، وتولى الأميركيون آنذاك أمن المعسكر، قبل أن يتسلم العراقيون هذه المهمة عام 2009. وتبحث الامم المتحدة عن بلدان تستقبل المعارضين الإيرانيين الذين انتقل 71 منهم إلى البانيا في حزيران (يونيو) الماضي فيما وعدت المانيا باستقبال مائة آخرين.
قد تأسست منظمة مجاهدي خلق التي تشكل اكبر فصيل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في عام 1965 بهدف الاطاحة بنظام الشاه بهلوي ثم النظام الاسلامي الذي حاربها ونفذ الاعدام باكثر من 30 الفًا من عناصرها عام 1989. ورفعت وزارة الخارجية الأميركية اسم منظمة مجاهدي خلق من قائمتها للمنظمات الارهابية العام الماضي حيث تسعى المنظمة حاليًا إلى الاطاحة بالزعماء الدينيين في إيران.
التعليقات