تحوّلت ميادين مصر الكبرى ثكنات العسكرية، خشية أن يحتلها أنصار المعزول، في وقت جدد الشيخ القرضاوي حملته على الجيش المصري والسيسي الذي رأى أنه يخدم quot;الصهاينةquot; مطالبًا المصريين quot;الشرفاءquot; إلى التظاهر والجنود إلى عصيان قيادتهم.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تحوّلت الميادين الكبرى في القاهرة والأسكندرية ومحافظات مصرية عدة إلى ما يشبه الثكنات العسكرية، خشية أن ينجح أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي في احتلالها، وتنظيم اعتصامات جديدة فيها، ويتزامن ذلك مع إصرار جماعة الإخوان المسلمين، التي تقود المظاهرات ضد ما تصفه بـquot;الانقلاب العسكريquot;، على التظاهر يوميًا، وتكثيف المظاهرات خلال يوم الجمعة من كل أسبوع.

تزامنًا مع مظاهرات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، كل يوم جمعة أسبوعيًا، تتحوّل أكبر ميادين مصر، لاسيما ميادين القاهرة، إلى ثكنات عسكرية، في محاولة من الجيش للحيلولة دون تظاهر أنصار التيار الإسلامي فيها أو تنظيم اعتصامات فيها، وأغلقت مدرعات تابعة للجيش ميدان التحرير، اليوم الجمعة 13 سبتمبر/ أيلول الجاري، ووضعت الأسلاك الشائكة والمتاريس في المداخل القريبة من الميدان، الذي اعتبره المصريون quot;أيقونة الثورةquot;.

التدقيق في الهويات
فيما أغلقت مداخل الميدان من ناحية شارع قصر العيني بالكتل الخرسانية الضخمة، ومنع المرور في هذا الشارع من المنتصف، قبل مقر مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى، وأغلقت الشوارع التي يقع فيها مقر الحكومة ومقر وزارة الداخلية بالبوابات الحديدية أو الكتل الخرسانية، ومنعت السيارات من المرور فيها. بينما انتشرت فيها بكثافة سيارات الشرطة وناقلات الجنود، وخضع المارون المترجلون للتدقيق في هوياتهم الشخصية.

وبعدما أعلن التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذي يضم الأحزاب والجماعة الإسلامية المناهضة لما تصفه بـquot;الانقلاب العسكريquot;، عن نية أنصاره التوجّه إلى ميدان رابعة العدوية في مظاهرات اليوم، التي أطلق عليها اسم quot;الوفاء لدماء الشهداءquot;، كثفت قوات الجيش تواجدها في الميدان، الذي شهد مقتل نحو 850 شخصًا، حسب الإحصاءات الرسمية، وثلاثة آلاف قتيل حسب إحصاءات جماعة الإخوان.

ولأن أنصار مرسي حاولوا مرارًًا نقل اعتصامهم إلى ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين، فقد اعتبرته قوات الجيش والشرطة من الميادين الاستيراتيجية، التي يجب توفير حماية دائمة له، وأغلقت قوات الجيش بالمدرعات والدبابات شوارع عدة مؤدية إلى الميدان منذ فضّ الاعتصامات منذ نحو الشهر، إلا أنها عززت تواجدها اليوم الجمعة، خشية توجّه أنصار مرسي إليه، وتنظيم اعتصام جديد فيه.

ميدانا الجيزة ونهضة مصر في حي الجيزة، شهدا اعتصام أنصار مرسي لنحو أربعين يومًا، فهما يحظيان بتواجد عسكري مكثف منذ فضّ الاعتصام في 14 أغسطس/ آب الماضي، وتحرسه آليات عسكرية عدة، سواء مدرعات أو دبابات، مدعومة بسيارات وجنود وضباط من الشرطة المدنية. وتكثف التواجد العسكري والأمني اليوم بدرجة واضحة.

وتظاهر اليوم الجمعة 13 أيلول/ سبتمبر الجاري، الآلاف من أنصار الرئيس محمد مرسي في القاهرة ومحافظات أخرى عدة، تحت شعار quot;جمعة الوفاء للشهداءquot;. ورفعوا العلم المصري، وإشارة رابعة العدوية ذات اللون الأصفر، وصور مرسي، ورددوا هتافات من قبيل: quot;يسقط حكم العسكرquot;، وquot;إرحل يا سيسي.. مرسي هو رئيسيquot;، quot;السيسي قاتلquot;، quot;يا شهيد نام وارتاح واحنا نكمل الكفاحquot;.

ووقعت اشتباكات بينهم وبين الأهالي وبعض البلطجية في الإسكندرية، وتبادل الطرفان التراشق بالحجارة وطلقات الخرطوش، ووقعت إصابات عدة بين الطرفين، قبل أن تتدخل مدرعات الجيش للفصل بين الجانبين. كما شهدت محافظة البحيرة إشتباكات مماثلة في مدن كوم حمادة وحوش عيسى ودمنهور في المحافظة، وأصيب فيها نحو سبعة أشخاص نتيجة التراشق بالحجارة.

وشهدت مدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية اشتباكات بين أنصار مرسي، مؤيدين لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، إستخدمت فيها طلقات الخرطوش والحجارة والعصي، وأسفرت عن إصابة نحو تسعة أشخاص، وتدخلت قوات الأمن للتفريق بين الجانبين، وألقت القبض على نحو 11 شخصًا بتهم إثارة الشغب وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.

القرضاوي: قفوا ضد الانقلابيين
من جهته، واصل الدكتور يوسف القرضاوي دعمه أنصار الرئيس محمد مرسي، وانتقاداته الشديدة لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، داعيًا المصريين إلى الخروج والتظاهر ضد الأخير. وقال في خطبة الجمعة اليوم من الدوحة: quot;أدعو المصريين جميعًا إلى الخروج، قفوا مع إخوانكم ضد الظلمة، هؤلاء سيقضون عليكم، فاخرجوا أيها الشرفاء.. أخرجوا بعد ذلك لن تجدوا لقمة العيش.. كيلو الطماطم بقي بـ8 جنيه، والبطاطس بـ10 جنيه.. قفوا ضد هذا الخراب، هؤلاء لا يكون وراءهم إلا خراب الدنيا والآخرة.. فالانقلابيون سيظلون وراءكم حتى يخربوا منازلكمquot;.

ودعا القرضاوي الجنود والضباط في الجيش والشرطة إلى عدم قتل المتظاهرين، داعيًًا إياعم إلى عصيان الأوامر العسكرية، وقال: أقول للضباط والجنود المصريين لا تسمعوا أوامر هؤلاء، الصهاينة يمدحون السيسي، لأنهم لم يجدوا مثله، الجيش المصري أُعد ليحارب الأعداء، وهؤلاء يريدون أن يجعلوا سيناء وطنًا للأعداء، يا جنود مصر حرام عليكم أن تقتلوا مصريًا، أرفض أيها الجندي في الجيش والشرطة، أنا أقول لك ذلك، والقانون والدستور والقرآن معكquot;.

أضاف: quot;الله سيحاسبكم على كل قطرة دم تريقونها.. يا جيوش المسلمين حرام أن تقتلوا إخوانكم، وأن تطيعوا من يجندونكم لقتل إخوانكم، أرفضوا هؤلاء، واسألوا النصر لجند الإسلام الحقيقيين والمعتقلين، واسألوا الله أن يأخذ كل هؤلاء الظالمين في مصر وليبيا وسوريا واليمن وتونس وفلسطين ممن يقاومون الإسلام والحرية والعدالةquot;.

واتهم القرضاوي السلطة الحالية في مصر بمحاربة الإسلام، وقال: quot;مصر الدولة التي طالما رفعت راية الإسلام، وخرج منها العلماء للدعوة، الآن هي التي تحارب الإسلامquot;. وأضاف: quot;المساجد حُرقت في مصر، بل حرقوا الأحياء والأموات في مسجد رابعة العدوية، ومنعوا الصلاة في جامع الفتح، وغيره، وما رأينا قتل الناس بالآلاف إلا على يد هؤلاء القتلة، وبدأت تنكشف أوراقهم، وحالة مصر تتدهور، والمليارات التي تأتيهم يقتلون الشعب بهاquot;.

كما اتهم السيسي بهدم تاريخ الأمة، وقال: quot;العسكريون الذين حكموا مصر 60 سنة فوّضهم حسني مبارك، وسلموها رغمًا عنهم إلى الشعب، وانتخبوا رئيسًا للجمهورية، ولكنهم أبوا إلا أن يكيدوا كيدًا.. وظهر شخص وقال إن الشعب فوّضني، كيف يهدم هذا كله، كيف يأتي بتاريخ أمة، ويهدمها هكذاquot;. ووصف القرضاوي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بأنه quot;مخطوف، وليس معتقلًاquot;، مطالبًا بالإفراج عنه.