وقّع قادة عراقيون اليوم ميثاق quot;وثيقة الشرفquot; على وقع الخلافات بشأن أهدافها. فمنهم من رأى أنها تنقذ العراق من الفتن الطائفية المستشرية في المنطقة، وسط التحذير من تهميش المكون السني.


لندن: بينما وقّع قادة عراقيون في بغداد اليوم بمقاطعة آخرين على وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي فقد اختلفوا حول أهدافها بين إنقاذ العراق من نيران الطائفية التي تحرق المنطقة حاليًا وبين التحذير من تهميشها للمكون السني وتنفيذها على أسس طائفية وحزبية محذرين من مخاطر عدم الالتزام بها لما سيكون ذلك مسمارًا أخيرًا في نعش التفاهمات بين القوى السياسية.

الخزاعي: انقاذ العراق من نيران فتنة طائفية

في كلمة له لدى افتتاح مؤتمر القادة قال نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي راعي مبادرة وثيقة الشرف إنها تهدف إلى اجتياز العراق مرحلة العنف والفتن الطائفية التي تشهدها المنطقة حتى لا يقع فريسة نارها.

وأسف لعدم مشاركة بعض القادة في التوقيع عليها، موضحًا أن لجنة عليا ستتابع تنفيذ الوثيقة لتشخيص عدم الالتزام بها لأن من يمتنع عن التنفيذ سيضع نفسه امام محاسبة الناخبين وعموم العراقيين. وحذر من أن التحديات الخطيرة التي تواجه البلاد في ظل تفجر الاوضاع الاقليمية والدولية تتطلب ابعاد العراق عن نيران الفتنة الطائفية التي تسود المنطقة.

المالكي: لا احد بمأمن من الفتنة

اما رئيس الوزراء نوري المالكي، فقد شدد على ضرورة التكاتف لمواجهة خطر تصاعد عمليات الارهاب وما تشهده المنطقة من اجواء حرب وفتن، حيث يوجد العراق في قلب العاصفة. واوضح أن هناك اجواء ضاغطة في المنطقة نظرًا لما تشهده سوريا ومصر وليبيا من اضطرابات تتطلب العمل ليكون العراق في منأى عنها، حيث أن خطر انهيار العراق يجب أن يجمع العراقيين على مواجهة هذه الاخطار.

وحذر من أنه بعكس ذلك، فإنه لن يكون هناك أحد بمأمن من الفتنة مالم يكن هناك عراق قوي متطور يواجه التحديات، وأشار إلى اتفاق القادة على رفض الطائفية والعمل على تطبيق الدستور ومواجهة المليشيات وعصابات القتل وحصر السلاح بيد الدولة.

النجيفي: الحكومة فشلت في حماية السنة

وفي كلمته، أشار رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي إلى أنّ وثيقة الشرف فرصة تستوجب التفاعل بين القوى السياسية حتى تحقيق اهدافها لكنه أشار إلى أنّ هناك حقائق يجب الاخذ بها للانتقال من نص الوثيقة إلى تنفيذها.

وشدد على ضرورة تجاوز الاثار المحبطة للمرحلة السابقة في تهميش مكونات، في إشارة إلى السنة وكذلك تفسير الدستور لمصالح مذهبية وحزبية وتحرك المليشيات للعبث بسلام العائلات وفشل الحكومة في حماية دور العبادة من الارهاب والتي اغلق بعضها نتيجة مخاوف القتل والاغتيال والتفجير.

وأضاف النجيفي أن الحكومة فشلت كذلك في حماية طوائف ومكونات في الموصل وذي قار وحزام بغداد والبصرة من التهجير، وكذلك في تنفيذ مطالب المتظاهرين المعتصمين منذ اشهر والكيل بمكيالين في مواجهة المتظاهرين في مناطق العراق المختلفة. وأشار إلى أنّ مبادرة وثيقة الشرف تأتي عقب مبادرات سابقة ماتت فور اعلانها وأخرى سحقت فور التوقيع عليها.

وحذر من تطبيق جزئي لاتفاقات اليوم واهمالها لجزء من الشعب وتنفيذها على اساس حزبي وطائفي وليس على اساس وطني من اجل تجاوز مرحلة معينة، مشددًا على أن ذلك سيشكل خطرًا كبيرًا يدق المسمار الاخير في نعش التفاهمات بين القوى العراقية.

الجعفري: دول تحرك إعلامًا مضادًا

وفي كلمته، حذّر رئيس التحالف الوطني العراقي الشيعي ابراهيم الجعفري من مخاطر عواصف إعلامية ضد العراق تقف وراءها دول وإرادات مشبوهة. وأشار إلى خطورة عدم تنفيذ اتفاقات اليوم وأوضح أنه حتى اذا تم ذلك فإنه ستتم مواصلة العمل حتى تحقيق نظام ديمقراطي سليم في العراق.

وتحدث عن أزمات في عمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأشار إلى أنّ الفساد يضرب مفاصل الدولة حتى اصبح ثقافة تتطلب مواجهتها بحزم، وقال إن شركات تمارس فسادًا اقتصاديًا خطيرًا من خلال عمولات من تحت الطاولة.

بارزاني: أزمات منذ 2003

وألقى نائب رئيس الوزراء نوري شاويس كلمة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني حيث أشار فيها إلى أنّ الاوضاع العراقية الحالية تواجه انهيارات امنية وسياسية تتطلب التوصل لحلول لهذه الازمات من خلال التزامات وطنية.

وأشار إلى أنّ الخلافات بين القوى السياسية مستمرة منذ عام 2003 الامر الذي ألحق اضرارًا فادحة بأوضاع العراق الامنية والاعمارية والخدمية. واوضح أن الأزمة الحالية هي الاخطر حيث أنها تشكل تهديدًا لكل محاولات الحفاظ على عراق آمن متطور وتنذر بمنزلقات خطيرة تهدد وجوده ككيان موحد.

وقال بارزاني إن توقيع الوثيقة اليوم يؤكد عمق الأزمة التي تواجه العراق، وقال: quot;نحن في كردستان نشعر بفداحة الأزمة ونتائجها الخطيرةquot; داعيًا إلى التوجه لوضع حلول جذرية لهذه الأزمة وتحديد مسارات زمنية لتنفيذها وبدون ذلك فإن الامر سيقود إلى انفجارات أخطر في الأزمة.

وأضاف أن الحلول للازمات تتطلب الالتزام باعتبار الدستور خطاً احمر لا يمكن تجاوزه وتنفيذ الاتفاقات السابقة وخاصة اتفاقية اربيل التي تشكلت على اساسها الحكومة الحالية عام 2010 وتنفيذ التفاهمات بين بغداد واربيل والالتزام بالشراكة الوطنية والسياسية في ادارة الحكم والدولة اضافة إلى اعتماد مبدأ التوازن الوطني واحترام خصوصيات المؤسسات المستقلة والعمل على الاستجابة لمطالب المواطنين الاقتصادية والخدمية والتصدي للارهاب.. مشددًا على ضرورة وضع سقوف زمنية لتطبيق هذه الالتزامات محذراً من أنه بعكس ذلك، فإن الاتفاقات ستبقى عائمة.

الحكيم: تحذير من غضب العراقيين

ومن جانبه، دعا عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السياسيين إلى الاستجابة لغضب العراقيين من استمرار خلافاتهم وتغليبهم لمصالحهم الحزبية والفئوية على مصالح الوطن. وأكد على ضرورة التوصل لرؤية موحدة تضع المشروع الوطني في مساره الصحيح وحذر من خطورة عدم الاستجابة لتطلعات المواطنين وتفجر غضبهم. وشدد على ضرورة التمسك بالتغيير والاصلاح وتصحيح الاخطاء.

بعثة الأمم المتحدة

ومن جهته، قال نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جيورجي بوستن إن وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي التي تم التوقيع عليها اليوم هي محاولة لمعالجة أشد التحديات التي تواجه العراق وفي مقدمتها مسألة العنف الذي يهدد مستقبله هذا العنف الذي تصاعد تدريجيًا وبلغت معدلاته الاعلى منذ الصراع الاهلي بين عامي 206 و2007 وتسبب في مآسٍ انسانية لا حصر لها تشكل خطراً ينذر بتعطيل الحياة الاجتماعية في البلاد من خلال استهداف الاسواق والمقاهي والملاعب والمساجد والكنائس.

وأكد ضرورة مواجهة مرتكبي هذه الجرائم من قبل المليشيات التي تنفذ الاغتيالات وتهجير المواطنين على اساس الهوية. وشدد على ضرورة ايجاد القادة لرؤية مشتركة لمعالجة الازمات والمظالم التي تشهدها البلاد في نواحي التهميش والعنف. وأشار إلى أنّ وثيقة الشرف ليست حلاً لجميع مشاكل العراق ومعالجتها وانما هي ورقة لتشخيص المشكلات وحلها واحدة بعد الاخرى وخاصة تنفيذ مطالب المتظاهرين السلميين.

ويهدف المؤتمر كما تؤكد رئاسة الجمهورية إلى إيجاد الحلول الملائمة للأزمات والمشاكل المستعصية التي تعصف بالبلاد.. موضحة أنه سيتم تشكيل لجنة مصغرة تمثل الكتل السياسية الموقعة على الوثيقة ضماناً لحلحلة المشاكل والأزمات بأطر دستورية حيث أن القضايا التي لم يذكرها الدستور ستُشكل لجان متخصصة لإيجاد الحلول المناسبة لها. وأضافت الرئاسة أن وثيقتي الشرف والسلم الاجتماعي تشكلان خارطة طريق لحل المشاكل والمعوقات التي ترافق العملية السياسية والبدء بمرحلة جديدة من العمل المشترك.

وثيقتا الشرف والسلم الاجتماعي

وتشير وثيقتا الشرف والسلم الاجتماعي، اللتان حصلت quot;إيلافquot; على نصهما، إلى أنهما تأتيان quot;إيمانًا من القوى السياسية بضرورة إيجاد المناخات والأجواء المناسبة للتعايش السلمي وتمتين أواصر الوحدة الوطنية وتقوية النسيج الاجتماعي ومد جسور المودة والإخوة بين جميع مكونات وأطياف الشعب العراقي وتكريس الثقة المتبادلة بين قواه تحقيقاً للاهداف المشتركةquot;.

وتؤكد وثيقة الشرف على العمل من أجل quot;صيانة الوحدة الوطنية لأبناء الشعب العراقي وحماية النسيج الاجتماعي وعدم السماح لأي كان بإيجاد التفرقة الدينية أو القومية أو المذهبيةquot;.. وquot;اعتماد مبدأ الحوار سبيلاً وحيداً لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية والتعايش الاجتماعي في البلد.

كما تشدد على الابتعاد عن استخدام وسائل الإعلام لطرح الخلافات والمشاكل واللجوء إلى اللقاءات الوطنية أو الثنائية والبحث عن الحلول عبر الوسائل الدستورية.. وكذلك quot;نبذ التقاطع والقطيعة بين القوى السياسية عند حدوث الازمات والخلافات والتماس الحلول لها من خلال الحوارات المباشرةquot;.

كما تنص على quot;العمل على تعزيز الثقة بين اطراف العملية السياسية في ما بينها من جهة ومع الجمهور العراقي من جهة أخرىquot;.. وquot;التعهد بالعمل بروح الفريق الواحد لخدمة الوطن والمواطنين والوقوف بحزم لمواجهة أي خطر أو نهج أو ممارسة تحرض على العنف والطائفيةquot;.. وكذلك quot;تجريم كل الانشطة الارهابية التي يمارسها اعداء العراق من جماعات القاعدة أو أي تجمع يتوسل بالعنف والارهاب لتحقيق اهدافهquot;.. وحظر حزب البعث وجميع انشطته وواجهاته وتجريم الانتماء له وتفعيل قانون المساءلة والعدالة على الجميعquot;.. وquot;تحريم ومنع استخدام موارد وامكانات الدولة لاستهداف الخصوم والشركاء لتغيير المعادلة السياسية سواء في الحكومة او البرلمانquot;، اضافة إلى quot;منع ارتهان الارادة العراقية بارادات واجندات خارجية مع احترام علاقات الصداقة مع القوى والدول الاخرى وبشكل متكافئquot;.

وتضمنت الوثيقة العمل على صيانة الوحدة الوطنية لابناء الشعب العراقي وحماية النسيج الوطني وعدم السماح لأي كان بايجاد التفرقة الدينية أو القومية أو المذهبية واعتماد مبدأ الحوار سبيلاً وحيدًا لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية في البلد.

وتؤكد الوثيقة على الابتعاد عن استخدام وسائل الإعلام لطرح الخلافات والمشاكل واللجوء إلى اللقاءات الوطنية أو الثنائية ، والبحث عن الحلول عبر الوسائل الدستورية ، ونبذ التقاطع والقطيعة بين القوى السياسية عند حدوث الازمات والخلافات والتماس الحلول لها من خلال الحوارات المباشرة ، والعمل على تعزيز الثقة بين اطراف العملية السياسية في ما بينهم من جهة، ومع الجمهور العراقي من جهة أخرى.

أما وثيقة السلم الاجتماعي فتقضي بتشكيل لجنة عليا برئاسة نائب الرئيس وعضوية عدد من قادة الكتل السياسية يتفق عليها، وعلى عدد المشاركين فيها بهدف تبني برنامج السلم الاجتماعي في العراق، واعتماد كل الآليات المفضية إلى تحقيقه وتفعيله وتعتمد اللجنة الدستور مرجعاً اساسياً ومعياراً في كل قضية نص عليها، اما القضايا التي سكت عنها الدستور فبالامكان التحاور حولها والتوافق عليها وبما لا يشكل تعارضاً مع أي نص ورد فيه بما في ذلك الاتفاقات السياسية، وعلى ضوء ذلك فلا بد من العمل على تحقيق ما تم الاتفاق عليه منها بعد ازالة كل عوائق التنفيذ.

كما تؤكد على ضرورة معالجة الخلافات التي قد تستجد أو تحصل في المشهد السياسي بشكل توافقي وبما لا ينتقص من الصلاحيات الدستورية للسلطات ذات الاختصاص والحرص على السلم الاجتماعي وتطوير العملية السياسية عبر تكريس المزيد من الديمقراطية والالتزام بالدستور واستكمال بناء مؤسسات الدولة والعمل على تقويتها واعتماد مبدأ الفصل بين السلطات.

وتدعو إلى تعاون المشاركين في المبادرة وكتلهم السياسية على ايجاد تفاهم مشترك بين المواطنين والدولة ممثلة بمؤسساتها المعنية، عبر توفير الاطمئنان وايجاد الآليات لتحقيق وتنفيذ مطالب المواطنين والمتظاهرين المشروعة والممكنة في جميع المحافظات، والتي لا تتعارض مع الدستور.. وكذلك مواجهة ظاهرة الارهاب والميليشيات بكل ابعادها وتحديد سبل القضاء عليها نهائيًا من خلال تجفيف منابعها والقضاء على عوامل تحفيزها ودواعي وجودها وحصر السلاح بيد الجهات الامنية الرسمية المخولة وبمسؤولية تضامنية يتحلى بها الجميع.