في قرارات تهدف علنًا إلى تعزيز مبدأ اللامركزية الإدارية في العراق والتخفيف من المشاكل التنموية إلا أنها لا تخفي أهدافا سياسية، فقد قررت الحكومة اليوم تحويل أربعة أقضية بينها اثنان تسكنهما غالبية تركمانية هما تلعفر وطوزخرماتو ثم الفلوجة السنية وسهل نينوى بغالبيته المسيحية إلى محافظات مستقلة اداريًا اضافة إلى قضاء حلبجة الكردي حيث سيرتفع بذلك عدد محافظات البلاد من 18 إلى 23 محافظة.

أعلن مجلس الوزراء العراقي قرارات ينتظر ان يلقى بعضها معارضة وخاصة من الاكراد عقب جلسته الاعتيادية الثلاثاء انه قرّر تحويل قضاء طوز خرماتو في محافظة صلاح الدين (180 كم شمال غرب بغداد) وتلعفر في محافظة نينوى (375 كم شمال غرب بغداد) اللتين تسكنهما غالبية تركمانية إلى محافظتين مستقلتين وقضاء الفلوجة السني (60 كم غرب بغداد) في محافظة الانبار وسهل نينوى (360 كم شمال غرب بغداد) الذي تقطنه غالبية مسيحية الى محافظات مستقلة إدارياً، وذلك بعد قرار مماثل مؤخرا بتحويل قضاء حلبجة الكردي في محافظة السليمانية (333كم شمال شرق بغداد) لمحافظة بذاتها حيث ستتوسع خريطة العراق الادارية من 18 الى 21 محافظة.
وقال بيان رسمي للحكومة عقب انتهاء اجتماعها تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه إن مجلسها وافق على تحويل اقضية طوز خرماتو والفلوجة وسهل نينوى وتلعفر إلى محافظات على أن تعرض على مجلس الوزراء بعد استكمال المتطلبات اللازمة ثم الى مجلس النواب استنادا الى احكام المادتين (61/ البند اولا و80/البند ثانيا ) من الدستور.
وأشار إلى تشكيل لجنة برئاسة وزير الدولة المختص وعضوية ممثلين عن وزارات العدل والبلديات والامانة العامة لمجلس الوزراء تتولى وضع ضوابط ومعايير معتمدة لتحويل هذه الاقضية الى محافظات. وكان مجلس الوزراء وافق في 31 كانون الاول (ديسمبر) عام 2013 بأغلبية الحضور على طلب حكومة إقليم كردستان بتحويل قضاء حلبجة الى محافظة جديدة في الإقليم والعراق.
وأضافت الحكومة إلى أنه نظرا للظروف الأمنية في قضاء طوز خورماتو التي تتعرض لتفجيرات شبه يومية فقد تقرر ادراج مستشفى طوارئ طوزخورماتو ضمن مشاريع وزارة الصحة لعام 2014 استثناءً من شروط ادراج المشاريع واستثناءً من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية .. وصرف مبالغ تشجيعية للأطباء والاختصاصيين والممارسين.
لكن هذه الاجراءات كما ترى مصادر عراقية لا تخفي اهدافا سياسية تهدف الى تعزيز مكانة تركمان البلاد الذين يشكلون القومية الثالثة بعد العربية والكردية من جهة والى التخفيف من هيمنة الاكراد وتطلعاتهم نحو مكاسب اوسع على الارض ومناكفة الحكومة المركزية حول اكثر من ملف يتقدمها محاولة الاستحواذ على الثروة النفطية في الاقليم وعدم مشاركة بقية العراق فيها.
ويطالب الاكراد بتطبيق المادة 140 من الدستور والتي تتضمن خارطة طريق لتسوية النزاع بشأن المناطق التي يقولون إنه جرى اقتطاعها من إقليم كردستان جراء سياسات النظام السابق ومن ضمنها طوزخرماتو.
وأوضحوا ان استحداث محافظة سهل نينوى الشمالي يأتي ارضاء للمسيحيين الذي يشكلون غالبية سكانه الذين عادة ما كانوا يطالبون بتحويله إلى محافظة ليكون مأوى لهم للدفاع عن انفسهم ازاء حملات المتشددين التي تستهدفهم وارغمت عشرات الالاف منهم على مغادرة العراق.
واشارت المصادر الى ان تحويل قضاء الفلوجة الى محافظة جاء في محاولة لإرضاء سكانها الذين تسيطر جماعة دولة العراق والشام الاسلامية quot;داعشquot; عليها حيث تشهد توترا ينذر بهجوم للقوات العراقية لانتزاعها من يد المسلحين. لكنهم عبروا ايضا عن مخاوف من أن يكون القرار ايضا لتفتيت محافظة الانبار اكبر محافظات البلاد مساحة والتي عرفت دائما بوقوفها ضد الحكومة التي يتهمونها بممارسات طائفية على حساب المكون السني الذي يشكل اغلبية ساحقة في المحافظة.
وتلقي quot;ايلافquot; اضواء على الاقضية المقرر تحويلها الى محافظات استنادا الى مصادر عدة يتصدرها موقع ويكيبيدبا الشهير للمعلومات :
طوز خرماتو
وطوزخورماتو قضاء في شمال شرق العراق تتبع لمحافظة صلاح الدين وكانت عائدة لمحافطة كركوك لحين إجراء التعديلات الإدارية عام 1976 حيث ألحقت بمحافظة صلاح الدين. ويتبع القضاء أربع نواحٍ وهي آمرلي وبسطاملي وسليمان بيك وقادر كرم.
ويمتد تاريخ مدينة طوزخورماتو إلى أواسط الآلف الثالث قبل الميلاد إلى عصر الحضارة الآشورية 2600 قبل الميلاد .. وهذا في التاريخ القديم اما العشائر التركمانية التي استوطنت هذه المنطقة فيمتد تاريخ سكناهم إلى 800 سنة وهو التأريخ الحديث لمدينة طوزخورماتو التي ورد ذكرها في الألواح القديمة بأنها كانت محل بابلي وأصبحت بعد ذلك مهد الحضارات البابلية والآشورية والسومرية.
وكانت طوزخورماتو في الربع الأول من القرن العشرين قرية تابعة لقضاء كفري والذي كان تابعاً حينذاك الى كركوك. وفي عام 1922 أصبحت طوزخورماتو ناحية تابعة لقضاء داقوق وفي عام 1951 أصبحت قضاء وتحولت داقوق إلى ناحية تابعة لها وكلتاهما تابعتان لمحافظة كركوك.
وفي 29 كانون الثاني (يناير) عام 1976 تم فك ارتباط قضاء طوزخورماتو بنواحيها الأربع (آمرلى - بسطاملي - سليمان بك وقادركرم) من محافظة كركوك وإلحاقها بمحافظة صلاح الدين المستحدثة حينذاك.
تلعفر
اما مدينة تلعفر فتعتبر من المدن التركمانية العريقة وتقع على بعد 70 كم شمال غربي الموصل وهي أكبر قضاء في محافظة الموصل ويبلغ عدد سكانها حوالى نصف مليون نسمة.
وتاريخ تلعفر يرجع إلى العصر الحجري وهي من العصور ما قبل التاريخ أي 6000 قبل الميلاد وفي العهد الآشوري نمت وتوسعت وبنت قلعتها الأثرية .. وفي صدر الإسلام فتحت منطقة تلعفر كسائر ديار ربيعه ومنطقة الجزيرة في سنة 18 للهجرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد القائد عياض بن غنم ثم أصبحت في العهد الأموي موطناً للخوارج ومسرحاً للحروب التي جرت بينهم وبين الأمويين وكان مروان الثاني بن محمد والياً على منطقة الجزيرة وعندما آلت الخلافة إليه قاد جيشاً للقضاء على فتن الخوارج وقيل انه بنى قلعتها فسميت بقلعة مروان..وقد توسعت تلعفر وازدهرت سكانها في العصر العباسي.
وكانت مدينة تلعفر في عهد الدولة العثمانية مركزا لناحية تابعة إلى قضاء سنجار ثم أصبحت قضاءً في نهاية عام 1917. قد دخلت تلعفر التاريخ بملحمتها الشهيرة في عام 1920 والتي تدعى باسم حركة (قاج قاج) والتي بدأت بها الثورة ضد القوات الإنكليزية المحتلة.
ويسكن المدينة عدد من العشائر التركمانية ولكل من هذه العشائر مناطقها التي تسكن فيها وتتشابه العادات الاجتماعية والأعراف في ما بينها ولها تقاليد مميزة في مسائل الزواج والأعياد والتعازي وسائر الاحتفالات الدينية والوطنية والقومية. ويسكن تلعفر حوالى ربع مليون نسمة حسب إحصاءات عام 2010 وجميع سكانها من التركمان و مساحتها 28 كم وتبعد عن جنوب الحدود العراقية التركية بحوالى 50 كيلومترا وعن شرق الحدود العراقية السورية بحوالى 60 كيلومترا .. ويتبع قضاء تلعفر 3 نواح وهي: ربيعة وزمار والعياضية.
الفلوجة
مدينة تقع ضمن محافظة الأنبار على بعد 60 كيلو مترا شمال غرب العاصمة بغداد وتعيش فيها عشائر وأفراد من قبائل عربية تلتزم وتتمسك بالإسلام وتعمها صحوة إسلامية واعدة. ومعنى الفلوجة في اللغة هي الأرض الصالحة للزراعة وازداد عدد سكانها تدريجيا حتى وصل عددهم إلى حوالى 700,000 نسمة. وينحدر أغلب سكان الفلوجة من العشائر الكبيرة في العراق وهي عشائر الدليم بكل فروعها (البوعيسى والبو علوان والمحامدة والفلاحات والحلابسة والبونمر والبوفهد والجميلة)، والجبور والكبيسات، والعزة والجنابيين وزوبع، بالإضافة إلى مجموعة من العشائر الأخرى وكما يوجد بها مجموعة من الأكراد.
يطلق على المدينة أيضا لقب مدينة المساجد لكثرة المساجد فيها والتي يصل عددها إلى 550 مسجدا.
سهل نينوى
سهل نينوى هي منطقة جغرافية تابعة لمحافظة نينوى شمال العراق إلى شمال وغرب مدينة الموصل وتتألف من ثلاثة أقضية هي الحمدانية والشيخان وتلكيف. ويعتبر السهل الموطن التاريخي لمسيحيي العراق وما يزال بها تواجد مسيحي مكثف إلى جانب تواجد اليزيديين والتركمان والشبك والعرب.
يتركز متحدثو اللغة السريانية في العراق في هذه المنطقة بشكل خاص كما أن هناك تواجدًا للكنائس العراقية الرئيسة في هذه المنطقة وهي الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الكاثوليكية وكنيسة المشرق القديمة وكنيسة المشرق الآشورية.
وبناء على هذا فقد سمحت الحكومة العراقية باستخدام اللغة السريانية في هذه المنطقة في مجالات التعليم وغيرها كاللافتات العمومية. كما يتواجد في المنطقة عدد من أبناء الديانات الأخرى مثل اليزيديين والشبك والمسلمين. وتحولت منطقة سهل نينوى إلى نقطة تجمع مسيحيي العراق بعد فرارهم من المناطق الساخنة في بغداد وجنوب ووسط العراق وذلك لأنها المنطقة الوحيدة في العراق ذات الغالبية المسيحية.
وتعتبر هذه المنطقة من المناطق المتنازع عليها بحسب المادة 140 من الدستور العراقي كما شهدت السنوات الأخيرة دعوات من بعض الساسة بإقامة منطقة حكم ذاتي أو محافظة خاصة بالأقليات في هذه المنطقة وخصوصاً بعد تزايد حدة الهجمات ضدهم في مدن عراقية أخرى.
حلبجة
وكان مجلس الوزراء وافق في 31 من الشهر الماضي على تحويل قضاء حلبجة التابع لمحافظة السليمانية إلى محافظة جديدة تابعة لإقليم كردستان العراق. وستكون حلبجة المحافظة الرابعة لاقليم كردستان لتضاف الى محافظات الاقليم الثلاث الحالية أربيل والسليمانية ودهوك. وقد اشتهرت مدينة حلبجة في العالم اثر فقدانها خمسة الاف من سكانها سقطوا ضحايا ضرب النظام السابق لها بالأسلحة الكيميائية.
وفي وقت سابق من العام الحالي قررت حكومة كردستان على ان تتشكل محافظة حلبجة من أقضية حلبجة وشارزور وسيد صادق وبنجوين فيما ستكون حلبجة عاصمة المحافظة الجديدة.
ويتبع قضاء حلبجة حاليا محافظة السليمانية على حدود اقليم كردستان العراقي مع إيران وتعرضت المدينة للقصف بالاسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام السابق ضد سكانها في السادس عشر من آذار (مارس) عام 1988 ما تسبب بمقتل 5 آلاف من سكانها واصابة نحو 20 الفا آخرين حسبما أوردتها احصاءات وتقارير رسمية محلية ودولية.
ويتشكل إقليم كردستان حاليا من ثلاث محافظات هي اربيل العاصمة ودهوك والسليمانية بينما يتنازع مع بغداد على محافظة كركوك ومناطق أخرى من محافظات نينوى الشمالية وديالى في الوسط وصلاح الدين بالغرب. وكان نيجيرفان بارزاني قد وعد في مراسم احياء الذكرى الـخامسة والعشرين لقصف مدينة حلبجة في 16 اذار (مارس) الماضي بتحويل قضاء حلبجة إلى محافظة.
وتبعد حلبجة عن الحدود الإيرانية بحوالى 15 كيلومترا وتقع على بعد 240 كيلومترا شمال شرق بغداد وتعرضت في اذار 1988 لمعركة عنيفة بين القوات العراقية والايرانية خلال حربهما بين عامي 1980 و1988 دارت رحاها لعدة أيام واستخدمت فيها الأسلحة الكيميائية.
والهجوم الكيميائي على حلبجة حدث في الأيام الأخيرة للحرب العراقية ـ الإيرانية، حيث كانت المدينة محتلة من قبل الجيش الإيراني وعندما تقدم إليها الجيش العراقي تراجع الإيرانيون إلى الخلف فقام العراقيون قبل دخولها بقصفها بغاز السيانيد ما أدى إلى سقوط هؤلاء الضحايا من الاكراد العراقيين من أهالي المدينة. وقد ادعت السلطات العراقية أن الهجوم قامت به القوات الإيرانية فيما اتهمت هذه الجيش العراقي بذلك.
ويبلغ عدد سكان حلبجة حوالى 100 الف نسمة وتقع على ارتفاع 1770 قدما عن سطح البحر في وسط سهل شارزوور على الأراضي الزراعية.