بنبرة توحي بنوع من الحسرة على عهد محمد مرسي، يقول باسم يوسف إنّ مصر وجهت رسالة سيئة إلى العالم بإيقاف quot;البرنامجquot; الساخر، وملاحقته قضائيًا، وهو ما لم يحصل في عهد الإخوان، محذراً من تخيير المصريين بين الفاشية الدينية والفاشية العسكرية.
لميس فرحات من بيروت: باسم يوسف، الرجل الذي اقترن إسمه بحرية التعبير والنقد الساخر في مصر، قدّم الحلقة الأولى من الموسم الثاني من برنامجه لكنه لم يصل إلى الثانية، إذ توقف quot;البرنامجquot; الفكاهي الناقد الأكثر نجاحاً في المنطقة تاركاً الكثير من التساؤلات حول حرية التعبير في البلاد التي مرّ بها quot;الربيع العربيquot;.
الحرية في مهب الريح
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، استعد ملايين المصريين لمشاهدة حلقة quot;البرنامجquot; للمذيع السياسي الساخر الأكثر نجاحاً في منطقة الشرق الأوسط. لكن مرت الساعة العاشرة ولم يظهر باسم يوسف. بدلاً من ذلك، صدر بيان يعلن عن وقف عرض البرنامج نهائياً.
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة quot;الاوبزرفرquot; أن ذلك اليوم كان محطة مهمة لحرية التعبير في مصر، وتحديداً في أعقاب الاطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي.
تحول باسم يوسف إلى رجل يحمل لواء حرية التعبير والنقد السياسي وتحطيم التابوهات. وكان جراح القلب السابق، المذيع الأكثر شعبية في مرحلة ما بعد الثورة واستفاد من المشهد السياسي الأكثر حرية في بث الأفكار والنكات الساخرة.
قمع المعارضة
لذلك، عندما سحبت أحدث حلقة ليوسف وتوقف عرض quot;البرنامجquot;، اعتبر كثيرون أنها تشير الى مدى تلاشي مساحة الحوار العام بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة في البلاد.
وفقاً لباسم يوسف، لم يكن إلغاء العرض بناء على أمر مباشر من قبل الحكومة المدعومة من الجيش التي تم تثبيتها بعد الإطاحة بمرسي، بل كان نتاج البيئة والجو السائد الذي يقمع المعارضين بشدة.
السيسي لم يتدخّل
وقال انه لا يعتقد أن قناة (سي بي سي) التلفزيونية التي كانت تعرض برنامجه قد تلقت تعليمات من الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، معتبراً أن ليست هناك ضرورة لأن يصدر السيسي تعليمات مباشرة. لكن الأجواء التي تسود البلاد منذ الإطاحة بمرسي تجعل معارضة الفكر والمواقف السائدة مكروهة ومستنكرة، وتجعل البعض وصاة على النظام من دون طلب مباشر.
وقال يوسف للأوبزرفر: quot;يمكنك دائماً فرض نوع من المزاج العام من دون إعطاء أوامر مباشرة. الأمر يتعلق بخلق بيئة معينة من شأنها أن تجعل أمراً ما مقبولاً أو قابلاً للتنفيذ، وأعتقد أن هذا ينعكس سلباً على الجميع. حتى لو كان الناس في السلطة لا يفعلون ذلك، فإنه ينعكس سلباً على حرية التعبير في مصرquot;.
حسرة على quot;مرسيquot;
بالنسبة ليوسف، المفارقة هي أن هذه الرقابة تتجاوز الهجمات على حرية التعبير في عهد مرسي، التي كانت جزءاً من السبب الذي أثار دعوة الملايين لسقوط الرئيس السابق في 30 حزيران/يونيو من العام الماضي.
يشار إلى أن يوسف نفسه تم استدعاؤه من قبل النيابة العامة في عهد مرسي في نيسان/ابريل بعد سخريته الاستفزازية له. لكن هذا الوضع لم ينتهِ حينها، إذ تم وقف عرض البرنامج بعد سقوط مرسي.
يقول يوسف: quot;عندما نخرج في 30 حزيران/يونيو طلباً للديمقراطية ورغبة في التخلص من الفاشية الدينية، ثم نرى أن هذا يحدث اليوم... هذا لا يبعث رسالة جيدة للعالمquot;.
نفاق سي بي سي
تحدثت الاوبزرفر عن quot;نفاقquot; محطة تلفزيون سي بي سي، CBC، التي أيّدت باسم يوسف عندما انتقد حكومة مرسي ثم تخلت عنه عندما تحدث وإن بشكل غير مباشر عن الحكومة المدعومة من الجيش.
عن هذا الأمر يقول يوسف: quot;كان هناك دعم غير محدود من القناة قبل 30 يونيو. كانوا ورائي في كل خطوة على الطريق. لكن بعد حلقة واحدة فقط من أول سلسلة بعد عزل مرسي، سحبت السي بي سي البرنامج. قالوا اني كنت أتحدث عن أشياء لا ينبغي أن أتحدث عنها وأنني أهين الرموز الوطنيةquot;.
وأضاف ساخراً: quot;كما تعلمون، كان مرسي الرئيس. كان رمزاً وطنياًquot;.
التضحية بالحريات
ويرى يوسف أن ما حدث في مصر هو التخلي عن المبادئ الليبرالية مقابل إزالة مرسي، وقال إن ذلك مثل القول: quot;الحمدلله، تخلصنا من الإخوان ونحن لسنا جمهورية إسلامية جهادية، ونحن سوف نفعل كل ما في وسعنا للحفاظ على بقاء الإخوان بعيداً عن السلطة، حتى لو كان ذلك يعني التضحية ببعض الحرياتquot;.
واضاف باسم إن الشعب يفضل أن يكون تحت نظام غير إسلامي في ظل الظروف السيئة، حتى وإن كان الخيار بين الدكتاتورية العسكرية والديكتاتورية الإسلامية، مع الإشارة إلى أنه لا يعتبر أن مصر تحت سلطة ديكتاتورية عسكرية في الوقت الراهن.
لكنه قال إنه يشعر بالقلق، مضيفاً: quot;ما نخشاه هو أن يحل محل الفاشية باسم الدين فاشية باسم الوطنية والأمن الوطنيquot;.
التعليقات